على الرغم من صغرها وضآلة حجمها… إلا أنها تشكل أكبر مصدر للقلق والإزعاج والأرق للإنسان، إضافة الى أنها تتسبب في تدمير أشيائه الجميلات كما يقول الفنان كاظم الساهر.. يطلق عليها أيضا النمل الأبيض ، ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة سبأ… إذ يرى عدد من المؤرخين والعلماء أنها دابة الأرض التي أكلت عصا النبي سليمان وفضحت وفاته، كما ورد في قوله تعالى (فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته).
تعد (الأرضة) من أخطر الحشرات التي تعمل بهدوء وسرية تامة ضمن مستعمرات قد تصل أعدادها الى الملايين، وتقضي سنوياً على الكثير من الأشجار المعمرة والأبنية والأثاث والملابس والكتب والسجلات والأرضيات، حيث تتغذى على مادة (السليلوز) المقرمشة الشهية اللذيذة !
هذا الكائن الصغير.. يهاجم الأبنية العملاقة والمكتبات الضخمة والمقتنيات الثمينة الأخرى ولا يتركها إلا (أعجاز نخل خاوية….)، ويمكن أن تأتي هذه الحشرة الصغيرة أيضا على لوحات وأعمال فنية أو تاريخية أو كتب نفيسة لا تقدّر بثمن.
يتضح من كل ذلك أن الهدف الأساس لهذه الحشرة هو تدمير البنى التحتية المؤثرة في حياتنا، بغض النظر عن قيمتها المادية والمعنوية والتاريخية والتراثية وذلك من أجل غذائها فقط !…. المهم عندها هو الوصول الى غايتها… والحصول على (السليلوز) بأي ثمن!
هذا ما ينطبق أيضاً على نوع من (البشر) يحيطون بنا في كل مكان، يحملون الصفات عينها التي تتمتع بها (الأرضة) من حيث التغذية أو فعالية وسرعة الانقضاض والتدمير والتخريب والإتلاف، وخير توصيف يطلق على أحد هؤلاء أنه (كامل المواصفات) بحسب الناطق باسم أصحاب معارض السيارات !!
ولعل (الأرضة البشرية) أصبحت تتكاثر في الدوائر والوزارات بشكل مخيف ومرعب أكثر من أي وقت مضى إضافة الى نشاطها في الوسط الصحفي والإعلامي والسياسي والاجتماعي، حتى أصبحت تأتي على الأخضر واليابس على حد سواء، وذلك لوفرة (السليلوز) من جهة، ولانعدام المبيدات وطرق المكافحة الفعالة وطرق الوقاية منها من جهة أخرى..!!
لا تقتصر ممارسة مهام (الأرضة) في الدوائر والوزارات على بعض الموظفين الصغار فقط ، وإنما تشمل حتى من هم بدرجة (العتوي العام) أو من هم بدرجة أعلى أو أدنى، حيث يعمل هؤلاء على تدمير كل الطاقات الوطنية المخلصة ويحاولون تعطيل المبادرات الخلاقة المبدعة وإفراغ هذه المؤسسات من الجهود الخيرة ، و(أرضة) الدوائر والوزارات كما وجدتها وعانيت وأعاني منها.. هم ممن تقلدوا المناصب بطريقة أو بأخرى في غفلة من الزمن… حيث يعاني هؤلاء من عقد سابقة تتعلق بالشخصية والتربية وعدم الثقة بالنفس أو الشعور بالنقص تجاه الآخرين، إضافة الى أن بعضهم يتصف بالوصولية والانتهازية والأنانية وإجادته فن النفاق والتسقيط والتسفيط والتحريض وتدبير المكائد والدسائس ، ويعمل هؤلاء على التقرب من أصحاب القرار أو من المسؤول الأول ومحاولة بسط سيطرته عليه بالقضاء على (سليوز) عقله من خلال تغذيته عليه وإفراغه من محتواه الإنساني والعاطفي والوجداني.. ليكون طيعاً بيده يتلاعب به ويوجهه كما يشاء.. بهدف الاستحواذ والسيطرة على الامتيازات التي لا تعد ولا تحصى !!
وفي حملة للدعاية الانتخابية.. قاطع أحد الحاضرين كلمة لأحد رؤساء الكتل السياسية.. صارخاً بوجهه : (كافي عاد… مو ملينا من هذا الخطاب الطائفي .. عذبتونا.. مرمرتونا.. مزقتونا… فرقتونا… ذبحتونا… ميفيد بيكم إلا.. الكلوردين.!!
التفت رئيس الكتلة الى نائبه الذي كان يجلس بجواره مستفسراً : وشنو هذا الكلوردين ؟.. دوه مال كحة ، لو حبوب إسهال؟
أجابه :
- لا.. أستاذ..اللي أعرفه..هذا مبيد قوي وفعال جداً يستخدموه لمكافحة الأرضة !!
رد عليه رئيس الكتلة قائلاً : - وشنو علاقتي بالأرضة ؟
أجابه نائبه : - يمكن أستاذ… انتو(إخوة) بالرضاعة!
• ضوء
اللئيم : من تأخذ بيده فيعض رجلك .
عاصم جهاد