في ظل الديمقراطية التي تنعم فيها العراق بعد 2003 كان من المفروض ازالة كل الحواجز امام ذكر الحقائق والغاء الخطوط الحمر امام حرية التعبير عن الاراء في كل مايخص الوطن واهله تاكيدا لما جاء به الدستور وتفصيله لبنود الحريات العامة ومصداقا لما تعاهد عليه اقطاب العملية السياسية الذين اقروا امام الشعب بان زمن الخوف قد ولى مع زوال نظام الاستبداد وسقوط جمهورية الخوف وخلال الخمس عشر سنة الماضية من عمر الدولة العراقية الجديدة خاب امل العراقيين في الكثير من الممارسات السياسية وغابت معالم الدولة الحامية للدستور مع بروز قوى مؤثرة تسيدت المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفاقت قوة وقدرة المؤسسات الحكومية ولم يملك المنضوون في قبة البرلمان الصدق في نطق الحقيقة مثلما اريد لهذه السلطة التشريعية ان تكون في الدستور ولم يعد من هم في السلطة التنفيذية قادرين على اثبات بانهم الاكثر شرعية في تنفيذ القوانين وارساء التعليمات وتثبيت دعائم الدولة فيما راح القضاء العراقي ينتقي من القرارات ما يبقي ويديم القانون الهش وارتضى ان ينازع مع جهات اخرى اثبات حضوره واستقلاليته وعدم ارتهانه بالارادات السياسية والحزبية وهكذا سمحت القوى الثلاث النافذة في العراق التشريعية والتنفيذية والقضائية ل(براعم ) الدولة العميقة ان تنمو وتكبر ثم تقوى وتتغول وتفرض حضورها في الساحة العراقية بعناوين مختلفة ..تتخفى حينما يتطلب الامر تخفيها وتظهر واضحة معلنة عن نفسها من دون حياء وخجل حينما تتكسر عصا الدولة وتتراجع عناوينها وتعجز عن الاتيان بحلول سياسية او اقتصادية او امنية ..مثل هذه الدولة العميقة نراها في مظاهر المتمردين المتسلطين باسلحة الترهيب ومجموعات الضغط داخل الوزارات والمؤسسات العامة وعصابات الفساد والاحتيال والمجندين لتنفيذ ارادات اقليمية او حزبية والمبتزين لاصحاب الحقوق مما شكل خطرا دائما رافق ويرافق حياة العراقيين في كل مشارب الحياة والاخطر منه هو تفرج وتساهل وتماهل سلطة الدولة مع هذه الانتهاكات والاختراقات وتخلي بعض العناوين الرسمية عن اداء الدور والمهمة والواجب على الرغم من امتلاكها الادوات الكافية لمواجهة الاستهتار والاستهزاء بهيبة الدولة ووصل الامر الى سخرية انظمة ومؤسسات دولية ووسائل اعلام عربية واجنبية تجاه ما يجري من بعض الممارسات في البلاد والنيل من سمعة العراق والتشفي بمشكلاته وازماته السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية ومالم يجري اعادة ترتيب موازين القوى في العراق وتاكيد قوة ومناعة الدولة ومواجهة وسحق المتطلعين لسلب ارادتها لانرى في الافق نهاية قربية لهذه الفوضى ولهذا التشرذم .
د. علي شمخي