هاني حبيب
المحلّلون الإسرائيليون عاجزون عن التكهن بما سيحدث بشأن تشكيل نتنياهو حكومته الخامسة، الأمر سيتضح منتصف هذه الليلة عندما تنتهي الفترة الإضافية التي حصل عليها نتنياهو لإنجاز هذا التشكيل الائتلافي، وفي الغالب ليس هناك من فرصة أمام نتنياهو الذي احتال على إمكانية الاعتراف بفشله وتكليف زعيم «أزرق ـ ابيض» بتشكيل الحكومة من قبل رئيس الدولة،
بالتوجه نحو إعادة الانتخابات التي كان يمكن أن تشكل تحدياً لليبرمان الذي بدوره اعتبرها فرصة لتأكيد زعامته ووفائه لناخبيه في سياق التمسك بوعوده في أثناء حملته الانتخابية،
ما أظهره الزعيم الأكثر مبدئية ومصداقية مقابل نتنياهو المتمسك رغم كل شيء بالبقاء على رأس الحكومة اليمينية المتطرفة للمرة الخامسة، ليس في مواجهة ليبرمان فقط، بل وفي مواجهة مع كبار متنفذي حزب «الليكود» الذي يتزعمه، ذلك أنه كانت هناك فرصة في حال إعلان فشله،
أن يتم إسناد تشكيل الحكومة إلى أحدهم، غير أن نتنياهو لا يقبل بغيره بديلاً لنفسه في هذه الزعامة ذات الأبعاد القبلية والعشائرية والنظام الملكي.
وبرغم أن الدعوة لانتخابات معادة، يعني أن لا شيء هناك ليمنع استجوابه في ظل لوائح اتهام قضائية حاول الإفلات منها عبر مشاريع قوانين يتم إقرارها في الكنيست هذه، لذلك حاول نتنياهو، أكثر من مرة، الإشارة إلى أن هناك صعوبات تعترض انتخابات معادة، برغم دعوته لها، وخاصة مصاعب مالية، إذ إن تكاليف هذه الانتخابات تصل إلى حوالى 475 مليون شيكل،
وقد تلقف ليبرمان هذه الإشارات كي يشير الى أنه لا يخشى تحدي انتخابات معادة، وأن هناك إمكانية لتوفير هذه الميزانية من خلال عدم إقدام نتنياهو على تنازلات ذات أبعاد مالية للأحزاب اليمينية الصغيرة التي تطالب بوزارات عديدة إضافية عن تلك الوزارات التي كانت خلال الحكومات السابقة، بعدما تم إقرار توسيع عدد الوزارات، وبالتالي نوابها وميزانياتها من خلال قرار في الكنيست الحالية، إضافة إلى ميزانيات غير تلك المخصصة للوزارات، للأحزاب من أجل تمويل مشاريعها وتطلعاتها. يقول ليبرمان، لو أن نتنياهو لم يقدم على مثل هذه الميزانيات المبالغ بها للأحزاب الصغيرة، لأمكن توفير ميزانيات كافية لإجراء انتخابات معادة،
ليبرمان الذي قيل إنه رفض في الساعات الأخيرة، اقتراح نتنياهو بتوليه منصب القائم بأعمال الحكومة، أراد أن يظهر نتنياهو باعتباره مصدر الأزمة وليس هو كما يحاول رئيس الحكومة المكلف إشاعة ذلك.
رفض ليبرمان هذا الاقتراح المغري، لأنه في حالة استجواب نتنياهو، فإن ليبرمان سيصبح كونه القائم بأعمال الحكومة، رئيس الحكومة الفعلي وواسع الصلاحيات.
هذا الرفض أدى بالمحللين إلى القول إنه ليس هناك من فرصة سوى انتخابات معادة، سيخوضها ليبرمان كزعيم بينما يخوضها نتنياهو كزعيم سابق وفاشل حالي.
فشل نتنياهو مزدوج، ذلك أنه غير معتاد على أن يكون فاشلاً، كان دائماً ينجح في «تدوير الزوايا» ويخرج من كل أزمة منتصراً، هذه المرة، يفشل في تشكيل الحكومة، وينجح من خلال «الاحتيال الدستوري» بإعادة الانتخابات في عدم توفير أي بديل له لتشكيل الحكومة وتفويت الفرصة على رئيس الدولة بتكليف غيره، حتى من قيادة «الليكود»،
غير أن هذا الاحتيال بطعم الفشل، كونه حيلة مخادعة مكشوفة، وخاصة أن هذا الفشل كان لحساب منافسه من خارج «الليكود»، وصديقه اللدود،
ومرافقه في معظم الحكومات التي شكلها، ليبرمان، الذي سيبرز كزعيم أكثر صدقاً ووفاءً لناخبيه، وفشل آخر لنتنياهو عندما اعتقد أن الدعوة لانتخابات معادة من شأنها أن تدفع ليبرمان الذي نجح بصعوبة في اجتياز نسبة الحسم، الخضوع لإرادته.
فشل مركّب يشهد على أن نتنياهو، بتطلعاته الشخصية المبالغ بها، وضع حداً لحياته السياسية من الناحية العملية، حتى لو نجح في تشكيل حكومة مقبلة!
ينشر بالاتفاق مع جريدة الأيام الفلسطينية