تتجه وزارة الثقافة العراقية ومن خلال دائرة السينما والمسرح، لإنتاج أفلام سينمائية روائية طويلة، تكون بداية حراك جديد لسينما عراقية مختلفة، هذا الاختلاف يأتي من حيث المعالجة الدرامية لما تتناوله هذه الافلام من مواضيع مهمة، تكون مادة معظمها متعلقة بالأحداث التي مرت بالعراق خلال السنوات الماضية، وفترة ظهور تنظيم داعش في بعض المدن، ما ارتكبته عصابات هذا التنظيم من جرائم كبرى، وكذلك الكيفية التي تصدى بها العراقيون لهذا التنظيم ومن ثمة هزيمته على يد القوات الامنية والحشد الشعبي.
والسؤال هو، هل نتوفر على كتاب سيناريو سينمائيين جيدين، وكذلك مخرجين يمكن ان ينجزوا افلاما بقيمة الافلام العربية والعالمية التي تناولت ذات المواضيع تقريبا، وحازت على نسبة مشاهدة عالية أينما عرضت، وحصدت العديد من الجوائز في اغلب المهرجانات السينمائية التي شاركت فيها؟
وهل ان طرح قضية داعش والارهاب يكون فقط بإظهار جرائم هذا التنظيم بشكل مباشر، من خلال حكاية معركة ما خاضها المقاتلون العراقيون ضد التنظيم، وابراز الدور البطولي الجماعي والفردي للتصدي لهذ التنظيم؟
عمد التنظيم المتطرف الى تصوير جرائمه بطريقة فنية عالية الجودة مستعينا بخبراء في التصوير وفرت لهم أفضل الامكانات التقنية، الهدف من ذلك هو بث الرعب في قلوب من يشاهد هذه افلام « مشاهد الذبح، حرق الطيار الاردني الكساسبة، قطع رؤوس المسيحيين الاقباط على ساحل البحر.
اذن هل نحتاج الى افلام تتحدث عن ذلك بشكل مباشر، هل المشاهد بحاجة الى كم من مشاهد العنف لك يرى الحقيقية تلك.
الكثير من الافلام العربية تناولت هذا الموضوع ، لكنها لم تلجأ الى اظهار اي مشهد عنيف، يمكن ان يؤثر سلبا في الوضع النفسي للمشاهد، من هذه الافلام الفلم التونسي « فتوى « للمخرج محمود بن محمود، وبطولة الممثل أحمد الحفيان، حكاية الفلم هي عن موت غامض لطالب في كلية الفنون ، يعود ابيه من باريس لمعرفة حقيقية واسباب الوفاة، التي لم تتوصل الشرطة لمعرفتها، وسجل الوفاة بسبب حادث مروري على طريق جبلي ، في رحلة بحثه يكتشف الكثير من الاسرار التي تتعلق بالتنظيم المتطرف ، ليكتشف في النهاية ان ابنه كان احد اعضاء التنظيم ، وقد تمت تصفيته نتيجة خلاف بينه وبين احد الاعضاء المتنفذين في التنظيم، اكتشافه هذا يؤدي في النهاية الى تصفيته هو الأخر.
لم يظهر الفلم اي مشهد عنف طيلة مدة عرضه، باستثناء مشهد تصفية الاب في نهاية الفلم، باقي الاحداث تناولت البيئة الحاضنة لهذا التنظيم، اماكنها، الناس الداعمين، التهاون الامني، سكوت الناس عن تصرفات بعض المتشددين في الشارع، في النهاية استطاع المخرج محمود بن محمود ان يوصل رسالة الفلم الى الجمهور، وان يحصل فلمه على جائزة التينت الذهبي لمهرجان قرطاج.
اعتقد اننا بحاجة الى تناول مختلف المواضيع، الارهاب، الفساد، الحياة الاجتماعية العراقية ومشاكلها، بطريقة مختلفة تبتعد عن المباشرة بشكل كامل، وتتخذ من الحبكة الدرامية، والرؤية الاخراجية طريقا للوصول الى تقبل المشاهد للعمل، وايصال ما نريد قوله من خلال هذه الافلام الى المشاهد العربي والعالمي، وهو امر ليس بالصعب، إذا ما توفرنا على من يجيد الصنعة السينمائية، وهم كثيرون برأيي.
كاظم مرشد السلوم