بين قوسين وقصائد أخرى

إستر يانسما
ترجمها عن الهولندية: عماد فؤاد

بين قوسين
يحوِّل الموتُ الناسَ إلى حفْنة من تُراب.
الحفْنة التي يردُّ فيها الإنسان: جسْماً
(كيف هي شُعيرات رقبتك، كيف وكيف) كلُّ تلك الأشياء المنسيّة
على حجارة ذاك الشَّارع، في تلك المدينة.
لاحقاً، في اللّيل، هناك ميدان للَّعب
(نحن: كتفاً إلى كتف، غير متعجِّلين،
صداقةٌ تحفظ السِّر) وما زلت أسألُ:
هل لدى الأشياء ذاكرة؟
أَشِرْ إلى زوجين من الصُّخور المفروشة هنا.
الأحجار توابيت صغيرة. بلا ذاكرة ترقد هناك،
أقول، هي ليست كذلك
هنا، وليس جنباً إلى جنب. لا شيء.
هدوء حيث أقف. هدوء دائم.
إنّه في الشّارع، لا، هو حيث نعثر
على هذه: حفْنة التُّراب لا تدرك شيئاً
عما تفعله بالأرض.

كلُّ شيء جديد
ما سوف يحدثُ كان دوماً هنا،
يمكنُ تهجِّيه مكتوباً على كوبٍ تحمل شظاياه أثر
بصمات الإبهام كفروع رقيقة
هي ليستْ حكايةً صنعناها، لكنّه شيء
كان هنا، خلف آثار الحفر والانتفاخات
خلف نيران الخشب الطّويلة التي انطفأت
كان لا بد فقط من العثور عليه.
كان على شخص ما أن ينظر ويقول: ما هذا؟
هذا هو، وهناك كان كلّ شيء، بيت بداخله موقد،
النَّاس كما هي الحال دائماً، هناك لأوِّل مرَّة، يجلسون
بأيد دافئة قابضة على أكوابٍ
يتحدَّثون أمام النِّيران وقطرات المطر
دائرة من الضّجّة ولا أحد يهتم، اللّيل،
الغيوم غير مرئية، هدوء كل ما
ينام في الخارج منتظراً الفجر الجديد:
السَّقف وحيطانه، جدران البيت القديمة لكنّها الجديدة
هي المكتشفة حديثاً
في زمننا

غياب
مثلما تتفتّح الورود دون أن تراها،
وردة بعد وردة لتدرك فجأةً:
ما قيل من قبل يكرّر نفسه مجدّداً،
الفقد متعدّد، ويبقى منفتحاً على الحاضر
وأنتَ لا تعي شيئاً. كامن في القلب
تنتظر غير باحث عن شيء،
تنام جهة النّور، الذي لا يزال يتكشّف
بينما يسقط داخل نفسه.

آركولوجي
إن توجّب علينا أن نرتدي أنفسنا،
ضدّ البرد، مثلاً، أو باسم شيء ما،
في شظايا هذا أو ذاك الماضي،
الحكايات والذّكريات التي لن تخبرنا شيئاً
سوى أننا بالفعل كنّا هنا من قبل

  • إن استطعنا حماية أنفسنا
    بإعادة اختراعها باستمرار في الحاضر –
    يُفضَّلُ أن يكون الأمر بسيطاً، بناءً على الملابس.
    تجلس أنت إلى الطّاولة. وفجأة ترى شخصاً ما
    يعبر الجليد، وكيف أرجفته البرودة
    أو نهاية أخرى وأنت تقول: انظر،
    هنا لديك حذاؤه، عباءته الجلدية، قفّازاته.
    «أين هو الزمن؟ ها هو الزمن».

إستر يانسما (Esther Jansma 1958): شاعرة وكاتبة ومترجمة وعالمة آثار هولندية (أستاذ بقسم علوم الأرض بجامعة أوتريخت). نشرت مجموعتها الشّعرية الأولى في عام 1988 تحت عنوان «صوت تحت فراشي Stem onder mijn bed». وفي عام 1990 نشرت مجموعتها الشّعرية الثّانية «وردة، حجر Bloem, steen» والتي عكست مشاعرها بعد وفاة طفلها الأول إثر ولادته.
في مجموعتها الثّالثة «دوّامة الريح Waaigat» التي نالت استحسانا كبيراً (1993)، تنأى الشاعرة بنفسها عن تفاصيل السّيرة الذاتية. وشهد ربيع 1998 ظهور مجموعتها الشّعرية الأهم «ها هو الزمن Hier is de tijd» والتي نالت عنها جائزة VSB الشِّعرية المرموقة في عام 1999. تلتها الشّاعرة بنشر مجموعتها «فرسان السقف Dakruiters» في عام 2000، والتي فازت بجائزة Hugues C. Pernath في عام 2001. ومن مجموعاتها الشِّعرية الأخرى: «آثار» 1996، «كل شيء جديد» 2005، «اليوم دائماً»، قصائد (1988-2005)، 2006.
ترجمت قصائد إستر يانسما ونشرت في العديد من الأنطولوجيات العالمية في فنلندا وفرنسا وألمانيا والمجر وروسيا والسويد والولايات المتحدة. والقصائد أعلاه هي الأولى لها بالعربية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة