قد تبدو الدعوات الى مغادرة المحاصصة في الحزبية في اسناد المناصب وتشكيل الحكومات والمجالس المحلية في العراق وهما كبيرا في ظل الاصرار والمكابرة التي تبديها جهات حزبية ماتزال تمارس دورها التاريخي في مرحلة مهمة من المراحل التاريخية التي يمر بها المجتمع العراقي فقد عبر قادة وممثلون لهذه الاحزاب عن ايمانهم العميق بالبقاء في حلقة المحاصصة ورفضوا مغادرة هذا الدور وهذه الحقبة التي لحق بالشعب العراقي بسببها الضرر الاكبر واهدرت في ظلها ثروات طائلة كان يمكن استثمارها في بناء مدن العراق ويتحجج هؤلاء المتشبثون بهذا النهج بفهم مشوه للعملية الديمقراطية ويمنحون بقاءهم في هذه الدائرة شرعية زائفة مبنية على تقاسم المناصب وفقا للنتائج التي تفرزها الانتخابات التشريعية ويدعون بان التخلي عن هذا الخيار يعني ببساطة عدم احترام خيارات الشعب العراقي ويحاولون خداع هذا الشعب بتفسيرات قد تبدو منطقية في ظاهرها لكنها في جوهرها وفي نهاية المطاف مازالت تشكل اكبر عملية التفاف على العمل الديمقراطي فتجربة السنوات السابقة من العمل السياسي كشفت بشكل كاف بأن البقاء في نهج المحاصصة يعني البقاء في اطر الفشل وتدوير المصالح الذاتية لاحزاب واشخاص معينين وتوسيع الهوة بين المخلصين والاكفاء والنزيهين والمناصب والادارات لمؤسسات الدولة العراقية من هنا فان جميع الدعوات والتوجهات التي جرى اطلاقها او تم الشروع بها من قبل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمغادرة هذا النهج قد جرى وأدها في مهدها وفي لحظة انطلاقها مع ترك السيد عبد المهدي يتحدث وحده عن هذا السعي من دون ان يرافق ذلك عمل جاد وحقيقي من قبل الاحزاب والكيانات السياسية التي شكلت تحالفاتها داخل قبة البرلمان ومن ثم انتقلت لمواصلة جهودها ومشاوراتها لتقاسم المناصب وفقا لنتائج الانتخابات التي شكلت معالم حضورها في مجلس النواب واصبح اليقين الحقيقي ان تتخلى الاحزاب في العراق اولا عن اطماعها بالحصول على اكبر قدر ممكن من دوائر العمل التنفيذي من اجل الاقتناع بان تغييرا حقيقيا قد حصل في العراق يطمئن له الشعب العراقي ويصدق به المتشائمون من الوصول الى هذا التغيير وقد تشكل التصريحات الاخيرة لبعض المسؤولين عن وجود صفقة كبيرة بين الاحزاب المشاركة في العملية السياسية لتقاسم آلاف المناصب في الوظائف الحكومية صدمة كبيرة للملايين تكرس بقاء العراقيين في دائرة الوهم وتعمق من خيبتهم الكبيرة في دعوات الاصلاح المتعددة التي تكاثرت من كل حدب وصوب ونتمنى ان تكون مثل هذه الصفقة مجرد شائعات .
د. علي شمخي