الخوف على المتقين

-1-
نقرأ في كتاب الله تعالى قوله :
” ومن يتق الله يجعل له مخرجاً وَيَرْزُقه من حيث لا يحتسب “
الطلاق 2-3
ونفهم من هذه الاية أنَّ التقوى سلاحُ المؤمن وهو يواجه التحديات الكبرى في الحياة ، بما فيها تحديات الحاجة الى المال …
ولئن كان العمل هو الطريق الطبيعي للحصول على المال –وهو الطريق المحتسب – فان هناك طريقا آخر ليس بمحتسب ، وهو طريق المال الواصل للمتقين من دون كدّ ولا تعب …
انّهم أخلصوا العبودية لله ، ونهضوا بأداء فرائضه ، وابتعدوا عما نهاهم عنه من المحرمات ، فأمدّهم بالعون ، وواصل الإغداق عليهم من حيث لا يحتسبون
-2-
وعن امير المؤمنين (عليه السلام) :
الرزق رزقان :
رزق تطلبه ،
ورزق يطلبك .
القسم الاول : انما يكون بالعمل
والقسم الثاني يأتيك دون عناء ، ومن طريق قد لا يخطر على البال ، فيكون بمثابة الماء الذي يُحيى الارض بعد موتها
جاء في ترجمة أحد العلماء :
انه وقع في ضيق شديد ،
فقالت له زوجته :
” هبْ أني واياك نصبر ، فكيف نصنعُ بهاتين الصبيتين ؟
هاتِ شيئا من كتبك نبيعهُ ..!
ولم تسمح نفسه
بالكتب انْ تباع فقال لها :
اقترضي لهما شيئا
وأمهليني بقيّةَ اليومِ أو الليلة
وفي الليل ، طرق الباب طارق فقال له :
من هذا ؟
فقال :
رجلٌ من الجيران
قال :
ادخل
قال :
أطفأ السراج حتى أدخل
وهكذا كان ، فدخل وترك شيئا وانصرف،
وحين خرج نظر العالم فاذا منديلٌ له قيمة ، وفيه أنواع من الطعام وقرطاس لُفَتّْ به الدراهم – وكانت خمسمائة درهم –
فدعا زوجته وقال :
نَبِهي الصبيان حتى يأكلوا ،
وحين أصبح سارع الى قضاء ما كان قد تراكم عليه من ديون .
لقد كان هذا الجار البار انسانا نبيلا ذا مروءة عالية ..
اشترط إطفاء السراج لكي لا يرى العالم وجهه فيعتريه شيء من الخجل أو الارتباك ..!
ان امواج اللطف الالهي تغمرنا ولكننا غافلون ..!!
-4-
وما جرى مع هذا العالم قبل قرون يجري كلَّ يوم مع كثيرين …
وكاتب السطور كان مضطراً لدفع البدل النقدي الذي فُتح بابُه عام 1970، ولكنه لم يكن يملك المائة دينار ليدفعها ويدفعَ بها الخدمة الالزامية عن نفسه …
وفي ظل الازمة والحيرة التي انتابَتْهُ ، جاءه مَنْ وضع أمَامَهُ ظرفاً مغلقا ، وحين فتحه وجد فيه مائة دينار ، لاتزيدديناراً ولا تنقص دينار فسارع الى أداء البدل النقدي وانتهت المشكلة …
-5-
قال تعالى :
” وإنْ تعدوا نعمة الله لا تُحصوها “
النحل / 17
اننا لا نستطيع ان نحصي نعم الله وآلاءه علينا ، وهي متواصلة ممتدة لا تنقطع …
والكثيرون منا – للاسف الشديد – يستعينون بنعم الله على معاصيه ..!!
وهي أسوأُ صِيغِ مجازاة الاحسان بالاساءة
والسؤال الأن :
أما آن الأوان للصحوة من هذا السبات ؟

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة