مزايا الاعلام المفقودة

يعكس الاعلام بوسائله المعروفة الوجه الحضاري للامم وهو اليوم في ظل التطورات التكنولوجية والقفزات الهائلة في مجال التقنيات الرقمية يمثل اسرع وسيلة يمكنها نقل الرسائل الدينية والقومية والمذهبية والحزبية والتفاعل مع الرأي العام ومنذ القدم ادرك المعنيون بالرسائل الاعلامية المضامين السلوكية لثنائية التاثر والتاثير في التعرض لوسائل الاعلام ومهما تنوعت مصادر المعلومات فان اهتمام وحرص الانظمة السياسية في تحديدها للقيم الاعلامية وترتيب الاولويات في مجال اختيار الاخبار والتقارير والاشكال الاعلامية الاخرى الانتاج الاعلامي عامة يبقى عاملا اساسيا وهاجسا تنشغل به الحكومات من اجل تحصين الساحة الاعلامية والحيلولة دون فقدانها لجمهورها المتلقي باختلاف وتنوع هويات هذا الجمهور وكان يمكن للعراق في ظل التجربة الديمقراطية الجديدة التي لامست حاجات المجتمع العراقي للتنوع في الثقافات ان يقدم انموذجا ناجحا في مجال الاعلام يتسق مع هوية النظام السياسي الجديد له الا ان التعثر في المجالات الحيوية لتطبيق التعددية والاخطاء الكبيرة التي ارتكبتها النخب السياسية في تعاطيها مع الديمقراطية انعكس الى حد كبير على بقية المجالات ومن ضمنها الاعلام ومن يرصد مديات التأثير لوسائل الاعلام العاملة في العراق سيرى ارتباكا واضحا في نشاط المؤسسات الاعلامية لايتناسب والدعم المالي الكبير الذي تتلقاه قنوات فضائيات حكومية وحزبية ومستقلة طوال سنوات طويلة فيما تم تغييب الكفاءات الحقيقية في مجالات الصحافة والاذاعة والاعلام الالكتروني اسهمت الحكومات المتعاقبة فيه تحت ضغط الهيمنة الحزبية داخل المؤسسات الاعلامية وافتقدت منابر الاعلام الحكومي الذي تمثله شبكة الاعلام العراقي القدرة على التأثير في الجمهور وضاعت ملامح الهوية الحقيقية للاعلام العراقي الجديد واصبحت مضامين البرامج في شبكة الاعلام تمثل انتماءات مجتزأة تتأرجح بين ولاءات متعددة باختلاف وتعاقب رؤساء الوزراء وبمحاولات احزاب وتحالفات مختلفة الهيمنة على الادارة المؤسساتية لحلقات شبكة الاعلام مما افقد المزيا الحقيقية لدور الاعلام في النظام السياسي الجديد الذي اريد له ان يمثل الدولة العراقية برمتها منذ اول يوم تم فيه اقرار تأسيس الشبكة وعلى الرغم من المحاولات الاخيرة لتصحيح مسارات اعلام الدولة وابعاده عن الارتباط بالسياسة الحكومية الا ان هذه المحاولات اصطدمت مرة اخرى باصرار بعض الجهات الحزبية على الاحتفاظ بمظاهر السيطرة على مفاصل العمل الاعلامي مما اسهم في مغادرة العديد من الكفاءات الاعلامية ميادين الاعلام المحلي وتفضيله العمل في منابر اعلام عربية واجنبية بحثا عن مناخات افضل تتوفر فيها المساحة الكافية للتعبير عن هموم العراقيين وصناعة اعلام احترافي حر يعبر بشكل حقيقي عن حاجات الرأي العام العراقي من دون خوف او ابتزاز او تحريف نشاهده كل يوم في مضامين وسائل اعلام مملوكة لاحزاب او جهات متنفذة .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة