نصير الشيخ
لا يتوقف الطموح في عالم الفن عند حدٍ ما، فالعقل المتيقظ مع الوعي المتفرد مع الإستزادة من الثقافات ومن ثم حسن الإدارة في إبراز مشروعك. كلها عوامل تدفعك لإكتشاف عوالم جديدة من حقول الفن والإبداع. لينا الناصري (ابنة شقيق الفنان العراقي الرائد رافع الناصري، تولد بغداد 1971)، والمقيمة منذ 2005 في عمّان والتي تستلهم لوحاتها الفنية وأعمالها اليدوية في (الرسم والتصميم) من إرث حضارة ما بين النهرين ورموز وأساطير العراق القديم.
تبلورت موهبتها بالرسم وتصميم الأزياء بمرحلة الدراسة الإعدادية لتستمر بالانفتاح على فضاءات أخرى في حقول التشكيل التي تلامس جمهوراً واسعاً يتطلع بدهشة لعظمة الرموز الرافدينية المرسومة على كل قطعة من أعمالها.
في عمّان العاصمة الأردنية وجدت لينا الناصري مجالها الأوسع لتطوير قابليتها ومن ثم منجزها الشخصي فكان معرض (مهد الحضارات في نقوش 2009) بعد مشاركات عديدة في معارض محلية ودولية، والذي أقيم على صالة فندق (لارسا) في العاصمة الأردنية عمّان حيث كان محوره إبراز الآثار الرافدينية بشكل نقوش بارزة على مجموعة من اللوحات والملابس والحقائب بطريقة جديدة ومبتكرة وبالوان خاصة للتقريب لأقرب صورة للأثر الرافديني وتعريف الآخر به ، ومن خلال هذا المعرض أطلقت التشكيلية لينا الناصري موقعها (أنامل عراقية ) (www.anameliraqiya.com ) ثم (مجموعة أنامل لإحياء آثار ما بين النهرين ) على الفيس بوك ، مهمتها احياء فنون ما بين النهرين وتقديمها كنماذج فنية للمتلقي عبر التعبير المحض لمحاكاة الفن الرافديني وأساطيره ورموزه .
(رحلتي في بلاد الرافدين) عنوان معرضها الشخصي الثاني 2013، كان هذه المرة بشئ من الألوان المشرقة عبر فهم خاص دونته الفنانة عبر جملة (إن لم تشُدّك الفكرة فليجذبك اللون) من هنا كانت الالوان المقدمة في هذه الأعمال نفحات من تفاؤل وإشراق مستمر لتلك الحضارة العظيمة.
أعمال أخذت تسميات عدة (عبير الحضارة، مدينة وقمر، شبعاد، وردة بابلية، مملكة الحيوان، أسد بابلي، الصيّاد، آلهة العين …إلخ)، هذا العمل المستمر كله تنشيط لمشاعر الذات العراقية بصورتها الإنسانية ونقلها من مرحلة النكوص والألم لفقد آثارنا الى مرتبة بث البهجة من خلال نوعية العمل ومضمونه.
بعدها أقامت (مجموعة أنامل لإحياء آثار ما بين النهرين) معرضها (فن وحضارة) على قاعة مجلس الأعمال العراقي، وعن هذا المعرض قالت لينا الناصري (في هذا المعرض وتحت إشرافي وإدارتي وتنظيمي قدّمتُ الدعوة لخمس فنانين عراقيين مبدعين لتقديم أعمالهم على ان تكون لوحاتهم ضمن الجو العام للآثار الرافدينية، وأقيم المعرض بحضور واسع وقدّمتُ للمشاركين معي دروع من تصميمي شكّلَت الكتابة الصورية العراقية القديمة الخط الرئيسي عليها).
ولأن الفنان ذات متحمسة ونظر ثاقب فهو يعي التحولات التي يشهدها وطنه وبما ينعكس في أعماله، من هنا ترى لينا الناصري إنها توقفت عند موضوع كبير ألا وهو أزمة مياه الأهوار وجفافها، حيث جسدتها في لوحة (طيف انانا) والتي إكتنزت فكرتها من إن طيف إنانا يجئ لمكان الماء (الأهوار) فيجد كوخ قصب خُطّ عليه نص مسماري تغيرت ملامحه، وماءاً راكداً وطيوراً تُهاجر تِباعاً، لأستكمل رؤيتي الفنية عبر لوحة (آه يا مدينتي) مصورة فيها تشققات الأرض بعد جفاف الأهوار وإنحسار الماء وهجرة الجاموس والمشاحيف المقلوبة، وهناك انانا مرتدية السواد (بلباس بنات الهور) متكئة على قصبة من هول المشهد.
نسأل الفنانة المصممة عن مشاركتها الأولى في عرض تصاميمها لربيع 2017 تحت عنوان (من ديرة هَلي) والمتكونة من عشر قطع حيث الربط بين الماضي والحاضر من خلال إستحضار نقوش رافدينية برسمها على القطع المقدمة المستوحاة من الزي السومري والأكدي والآشوري مع إضفاء حداثة في التصميم وإختيار اللون مضافاً الى تصميمها لإكسسوارات وحُلي مكملة للمجموعة مستوحاة من تاج الملكة (شبعاد) مع تصميم كارت خاص للمجموعة.
الفنانة لينا الناصري الحاصلة على شهادة دبلوم تعليم بدرجة إمتياز من قسم الفن تعمل الآن لإكمال دراستها هذه السنة في تصميم الأزياء وإنجاز وتقديم مشروعها للحصول على دبلوم من (icl international college in London)
بعد اجتيازها عدد من الدورات التثقيفية منها (دورة خزف، دورة قراءة فخار عبر العصور، ودورة في تاريخ الكتابة / اللغة العربية).