طفح الكيل…!

طفح الكيل…. جملة شهيرة… نسمعها.. نتداولها… نقرأها كثيراً.. فسّرها أهل اللغة بأنها.. تعني: امتلأ حتى فاض، ونحوهُ.. طفح طَفْحًا، وطُفُوحًا: أي امتلأ حتى فاض من جوانبه.
والكيل هو الإناء أو الوعاء، أو بمعنى: امتلأ الوعاء حتى فاض فلم يعد هناك صبر أو مقدرة على الاحتمال أي نفد صبره… وهناك من فسر العبارة: بأن الأمر زاد عن حده وبلغ منتهاه، وأيضا طفح الكيل تعني: بلغالأوج والقمة أو الذروة… و( عند أهل الطب) يوجد مصطلح هو (الطفح الجلدي) والمقصود بالطفح هنا: آفة جلدية ظاهرة ناشئة عن أمراض عامة تصيب الإنسان.. والجمع: طفوح.. ومنها أيضا.. طفحت الفَرَس: أيأسرعت في عدوها.. وهناك أيضا مايُطلق عليه… (طفح المجاري) .. وهو مصطلح يتداوله أسياد البنى التحتية ويعني أن المجاري (فاضت) بسبب ازدياد الضغط عليها أو بسبب القِدم والوهن الذي أصابها أو بسبب ضيقالأنابيب الناقلة وعطل أجهزة ومعدات محطات المعالجة، وهذا ما يجعلها تفيض على جوانبها فتكون خارج حدود السيطرة، وهذا نتاج طبيعي.. أما لسوء التخطيط والفشل أو بسبب الإهمال أو التقاعس أو الفساد.. كماحصل في منظومات مجاري بغداد ومدن العراق الأخرى التي غرقت مع أول زخة مطر!
وربما يُضاف حديثاً الى عائلة (طفوح) مصطلح جديد هو (الطفح السياسي) ويعني حالة الاحتقان الطائفي أو القومي أو الإثني أو العشائري… نتيجة لتغليب لغة العُقد والتخلف والانغلاق على لغة العقل والحلم والمنطقوالمواطنة…ما يؤدي الى فيضان مجاري (الحقد الأسود) في البيوت الآمنة !
وفي خضم الصراعات والتقاطعات والمزايدات السياسية على حساب مستقبل المواطن والوطن، طفح الكيل بـ (أبو هالة العربنجي) أي- بلغ الأمرُ حدّاً لا يُحتمل ولا يُطاق- وهو يشاهد برنامجاً تلفزيونياً حوارياً يضم عدداًمن أقطاب بعض الكتل (الكونكريتية) وهم يقومون بتصعيد حدة الخلافات والانقسامات الطائفية والقومية والعمل على تأجيج الصراعات وبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد… ما دعاه وبسرعة البرق الى التقاط (منفضة)أعقاب السكائر الزجاجية.. ورميها بكل ما أوتي من قوة باتجاه التلفزيون، كما لو أنه كان يمارس رياضة ( البيسبول) ليحول شاشته الزجاجية خلال ثوانٍ قليلة الى حطام تناثر على مساحة الغرفة… عندها.. صاحتزوجته: يمعود هاي شسويت ؟ أعصابك أبو هالة !!
أجابها: هذوله ما خلوا عندي أعصاب حطموها.. دمروها…. خمسين سنة وآني اشتغل (عربنجي) ..عاشرت وتعاملت ويه كل أنواع وأشكال وألوان البشروالحيوانات بس.. هيجي (……..) مشايف بحياتي !!
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة