مؤتمر «دافوس» يواجه الشعبوية البرازيلية وتطورات الـ»بريكست» وتغير المناخ

ينعقد اليوم في سويسرا
متابعة ـ الصباح الجديد:

يبدو أن مشاعر القلق من احتمال خروج بريطانيا في 29 آذار المقبل من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ستسود مؤتمر «دافوس» الاقتصادي الذي يبدأ أعماله اليوم، بعد رفض البرلمان البريطاني خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي لإنهاء علاقة مع التكتل الأوروبي دامت أكثر من 40 عاماً. وتأكد عدم مشاركة ماي في «مؤتمر دافوس» هذا العام بحيث ستبقى في بلادها للتركيز على حل المأزق، إذ إنها مطالبة بالرجوع إلى البرلمان بأفكار جديدة، الأسبوع المقبل. ولكن وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس سيمثل الحكومة في المنتدى لمحاولة إقناع المشاركين بمستقبل بريطانيا بعد «البريكست».
ويتوجه قادة الحكومات والأعمال إلى جبال الألب السويسرية بالغة البرودة، الأسبوع المقبل، للمشاركة في المنتدى السنوي، وسط موجة من الشعبوية التي يجسدها عدد من الشعبويين، الذين وصلوا الى السلطة خلال العام الماضي، خصوصاً الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف الجديد، والنزاعات التجارية وخروج بريطانيا الوشيك من التكتل الاقتصادي الأوروبي.
وصرح دبلوماسي أوروبي بارز لوكالة الصحافة الفرنسية: «مع بريكست والحروب التجارية والشعبوية، فإن السياسة، وليس الاقتصاد، هي التي تقود مناقشات دافوس، هذا العام، على عكس السنوات السابقة».
وسيدخل التغير المناخي في معظم برنامج دافوس هذا العام. فمع مشاركة رؤساء نحو 1700 شركة، فإن المناقشات ستركز على كيفية محاولة عالم الأعمال التأقلم مع التغير المناخي، رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخلى عن قيادة الولايات المتحدة لمواجهة هذا التهديد.
ويبدأ «أسبوع دافوس» للتعارف بين الحاضرين، بعد غد الاثنين، وسيشهد مجموعة من المناقشات حول قضايا، من بينها التربية الجيدة في العصر الرقمي، والوحدة المزمنة، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون الإضرار بالوظائف. ويتوقع أن يشارك في المنتدى نحو 3000 سياسي ورجل أعمال من بينهم 65 من قادة الحكومات.
وستسلط الأضواء خلال المنتدى على غابات الأمازون الموجودة في البرازيل، بعد أن أظهرت دراسة نشرها المنتدى هذا الأسبوع أن مجتمع دافوس قلق بشكل خاص بشأن التغير المناخي، وسط مصادر قلق سياسية واقتصادية. وأكدت الدراسة على المخاوف من أنماط الطقس القاسية، ومخاطر تعطُّل مجموعة من القطاعات، من بينها قطاع النقل واللوجيستيات، وما يذكر بذلك التساقط الكثيف للثلوج والانهيارات الثلجية التي شهدتها جبال الألب هذا الأسبوع وأدَّت إلى توقف مؤقت لخط القطار إلى دافوس.
وخطف الرئيس ترامب الأضواء في المنتدى العام الماضي بأجندته لخفض الضرائب التي انسجمت مع رغبات الشركات، رغم أن كثيراً من الحاضرين كانوا أكثر حماساً تجاه خطابه حول التجارة والإعلام، إلا أن ترمب استبعد تكرار تلك الزيارة، والخميس ألغى أي تمثيل لمسؤولين أميركيين في منتدى هذا العام مع استمرار إغلاق الحكومة الجزئي بسبب الخلاف حول تمويل مطلبه ببناء جدار على حدود بلاده مع المكسيك. وكان من المقرَّر أن يشارك وزير الخزانة ستيفن منوتشين ووزير الخارجية مايك بومبيو في المنتدى، إضافة إلى نائب الرئيس الصيني وانغ كيشان، وسط محاولة البلدين التفاوض على هدنة لحرب الرسوم الدائرة بينهما.ويقول مراقبون إن غياب ترمب يخلي الساحة للرئيس البرازيلي جاير بولسونارو لسرقة الأضواء في أول زيارة له إلى الخارج منذ توليه منصبه، في وقت سابق من هذا الشهر.ومثل ترمب، فإن بولسونارو يشكّك في التغير المناخي. كما أن عقليته المحابية للأعمال وتعيينه وزيراً يمينياً يفكر بطريقته ذاتها للبيئة زادت من المخاوف من إزالة الغابات في الأمازون. وسيلقي بولسونارو، رئيس أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، كلمةً رئيسيةً في دافوس، الثلاثاء. ووعد بأن يحوّل البرازيل إلى دولة مختلفة حرة من الارتباطات الآيديولوجية والفساد المستشري. ومثل ترامب، انتقد بولسونارو الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، رغم زيادتها وارداتها الزراعية من البرازيل، التي تنتج جزءاً منها أراضٍ في الأمازون أُزيلت منها الغابات. وتستورد الصين هذه المنتجات لتكون بديلاً عن المنتجات الأميركية وسط الحرب التجارية مع ترمب. وقال دوغلاس رييكير رئيس مجلس إدارة «إنترناشونال كابيتال ستراتيجيز» في واشنطن، لـوكالة الصحافة الفرنسية في مكالمة هاتفية، إن «تاريخ بولسونارو لا يشير إلى أنه سيكون من المتحمسين لتبني مبادئ منتدى دافوس الاقتصادي للتعاون بين الحدود»، إلا أنه سيرافق بولسونارو وزير اقتصاده باولو غيديس الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، والذي يتحدث بلغة مؤيدة للاستثمارات تلقى شعبية في دافوس. ونظراً لأنه أول تجمُّع دولي في عام 2019، فقد كان من المفتَرَض أن تهيمن مسألة المناخ على المنتدى، بحسب ما قالت المديرة التنفيذية لمنظمة «غرينبيس»، جنيفر مورغان. وأضافت: «بدلاً من ذلك، فإن الأجندة تتناول التغير المناخي على أنه واحد من العديد من القضايا الأخرى. والنخبة في دافوس لا تزال تتظاهر بأنه لا يزال لدينا الوقت لحل أزمة المناخ. ولكن ليس لدينا وقت». وبالنسبة لكلاوس شواب (80 عاماً) المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي، فإن تجمع النخبة يحتاج كذلك إلى التطرق إلى الخاسرين من العولمة وإيجاد طرق لرعاية الذين تركوا في الخلف. وكانت مسألة من تركوا في الخلف محور الموجة المناهضة للمؤسسات الحاكمة التي أدت في 2016 إلى قرار الشعب البريطاني في الاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة