رابطنا من خلاف

علي لفته سعيد

وأنت تركض خلفي
ستترك للظلّ صداي
وأترك للمعنى ما يتمّ فيها نثر سنابلي
تلك الريح تطارد عطر المساءات
ولا تبقي للأطلال سوى الغناء
لا نداول الأيام لنقول عنها تلكم السنين الخوالي حيث ينبري الحداء على صوت الشعر
ثم تراقصت الحروف فكان الضوء قاب قوسين أو يدنو من المرمر
حيث نكتب ما يرينا الحلم على ضوء جيدٍ أبيض وما يردّد الحساب على طرف اللسان
أجزاؤنا وما يمليه علينا التّيه وما يسجّله الزمن في جراب المعتوهين
ونحن نشير الى جنوننا
ليكون أكثر يقظة من دسائس الهدوء
أيامنا تلاحقنا بالعمر
ولا شيء سوى الأنهار المصابة بالعطش
والعصافير التي أخذتها الأغصان راكضةً خلف الاشجار التي لم يجعل لها الحطّاب مواقد لدفء العاشقين
هذا الذي لا يوصف
كيف لنا وصفه وهو في المهاد رغم الحروب
ورغم اللهاث حين لم يشأ الاقتراب من المدن العتيقة
والخوف من المدن النظيفة
والظنّ من مدن الاسمنت
لا نتساوق في المعاني
وأكثر صعوبة أن نتبادل الصمت ونقول لقد تحدّنا كثيرًا
أيتها المعتوهة في الظنون
أقصد المدن التي خلعت عنها ثوب الأرصفة
وارتدت أثواب المنائر كي لا تبقي على حجر الصلاة غير السجود
وكلّما صرخنا بالبلاغة ألّا تطأطئ راس الأفعال كي لا يعوجّ الطريق الى الجملة
احتجنا كثيرًا الى قبلةٍ كي لا نصغي الى ما نقول
وأنت لا تهيمن على الساقين
ولا أذرع المسافة ما بين آهةٍ وانسجام
ما بين لغةٍ وكلام
ما بين لعبةٍ وأحلام
ما بين الضفة والضفة
تركنا النهر مثل يتيمٍ يبحث عن أبيه في الربع الميت من الحرب
أو مثل طفلةٍ باعت أمّها الخضراوات كي تأتي لها بلعبةٍ من سوق البالات
كلّ شيء بلا هامةٍ إلّا سوانا
ومثلنا
والباقون على قيد البلاد
وما كانت المسيرة بذلك الاسم
وما كان الاسم بذات الطريق وما كان الطريق سوى البلاد
أيتها الحنجرة التي لا واحد غيرك يشهقنا
لا سواقي للجنون
ولا غرق للتعقّل
ولا سبيل إلّا مواصلة الركض خلفي
ولكن
لنقلها
أنا من يركض خلفك
حتى لا أخاف من الذي خلفي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة