الامن والمال والعدل ، تمثل اثافٍي ثلاثا ينتصب فوقها قدر الحياة ، فان حدث خلل او ميلان في أي واحدة منها ، سيتعرض القدر الى الانكفاء !!..
ولهذا ، فإن البلدان تحر ص كثيرا على الاهتمام بهذه المفاصل الاساسية ، وتسعى الى خلق حالة من الاستقرار فيها ، فالأمن يعد اولى هذه الاثافي وأخطرها ، فان تحقق ، تحقق ما بعده من حلقات ، اما المال فلا اعتقد ان نظرية (وسخ دنيا) مازالت سارية !! فلا حركة اقتصادية ولا حياة ولا رفاهية من دون المال ، .. وقطعا ، ان كل هذه التفاصيل ستبقى لا قيمة لها في حال غاب العدل ، او اختفى ..
وحين اتحدث عن ثالوث الامن والمال والعدل ، فلست بوارد التنظير او التفلسف ، فمثل هذا الحديث قد سبقني اليه الكثيرون وخاضوا فيه وأشبعوه شرحا وتفسيرا ، انما ، اردت ان اجعل من هذه الفكرة مدخلا مناسبا الى جوهر الفكرة التي اريد الخوض فيها ، وهي ان الفصل التشريعي الاول من عمر مجلس النواب اوشك على ان يسدل الاستار على فعالياته ، وهو لم ينتهِ من قصة قانون الموازنة ، ليبقى هذا القانون الحيوي معلقا ، تتقاذفه تصريحات النواب في المؤتمرات الصحفية الكثيرة التي يعقدونها بين الفينة والفينة ، فنائب يتوقع انها ستؤجل الى الفصل التشريعي الثاني !، ونائب آخر يرد ، لا انهاء للفصل التشريعي قبل اقرار الموازنة ، وثالث يعلق ، الموازنة فيها الكثير من المشكلات وإقرارها فيه الكثير من الصعوبات ، وفي مشهد موازناتي معقد ، يبقى الوضع المالي لمؤسسات الدولة قلقاً لحين خروج الدخان الابيض من قبة البرلمان اعلانا عن تمريرها .
اما الأمن ، فأنه وعلى الرغم من ظروف العراق الامنية التي مازالت تواجه تحديات ليست سهلة ، وخروق هنا وهناك ، فان مجلس النواب لم يتمكن لحد الان من حسم حقيبتي الداخلية والدفاع ، بسبب الصراع العنيف بين الكتل السياسية وعدم التوافق على اسم بعينه ، ويبدو ان ضراوة الصراع على الحقائب الامنية ، ادّى الى خفوت تداول هذه القضية على مستوى الاعلام والنواب ، لا ، بل الاكثر من هذا بدأنا نسمع مَن يتحدث عن بقاء هاتين الحقيبتين شاغرتين الى اجل غير مسمى ، قد يمتد لمدة ٤ سنوات ، أي لنهاية عمر الحكومة !!، معززين قولهم هذا ان الامور ستمضي على ما يرام ، ويبقى رئيس الوزراء يدير الوزارتين بالوكالة ، ولدينا في هذا المجال تجربة ناجحة ولدورة حكومية كاملة !!.. ولكن من دون ان يذكروا او يتذكروا ان التجربة السابقة كانت مقتصرة على الوزارتين الامنيتين فقط ، اما اليوم فقد انضمت اليهما وزارة اخرى وهي وزارة العدل ، واذا كان الاخفاق في اختيار الوزيرين سابقا هو بسبب عدم التوافق بين (السنة والشيعة) ، فالأمر هذه المرة مختلف تماما ، بعد ان انضم الكرد الى حلبة الصراع من خلال عدم توافقهم على وزير للعدل !!
الغريب في الامر ، ان مجلس النواب نجح في تمرير ١٩ وزيرا (بضمنهم وزيرة التربية التي اثارت جدلا كبيرا) واخفق في تمرير ٣ وزراء ، ومثل هذا الامر يفتح باب التساؤل المشروع : كيف تمكن المجلس من تمرير الوزراء ال(١٩) ، لوزارات مهمة ، لا تقل اهمية عن الوزارات الثلاث المتبقية ، واخفق في تسمية ثلاثة وزراء لتبقى الكابينة الحكومية مثلومة حتى اشعار آخر ؟!!
جل الذي اخشاه فعلا ان يتكرر مشهد ادارة الوكالة للوزارات الامنية ، وهذا الامر سيرهق كاهل رئيس الوزراء وقد يبعده عن تحقيق برنامجه الحكومي الطموح ،
والقلق الاخر الاكثر وضوحا ، هو احتمال ترحيل قانون الموازنة الى الفصل التشريعي المقبل ..
نأمل ونتمنى ، ان ينجح المجلس في اقرار الموازنة في الاقل قبل تعطيله ، لتكون الاجواء افضل في الفصل التشريعي الثاني ، اذ تنتظره الكثير من القوانين المهمة ، فضلا عن اكمال الكابينة الحكومية .. اليس كذلك ؟
عبدالزهرة محمد الهنداوي
الأمن.. المال.. والعدل !
التعليقات مغلقة