شوقي عبد الأمير
منذ سنوات وهذه الفكرة قائمة أن ينشر هذا الكتاب على حلقات في الزميلة « الصباح الجديد « واليوم يسرني ان اصنع بين يدي صديقي وزميلي العزيز اسماعيل زاير رئيس التحرير « مجلة لقمان « وهو كتاب الذي استغرقت في اعداده ست سنوات وقد جاءت فكرته من غياب رافد مهم من روافد ادبنا ولغتنا وهو « النثر الجاهلي «
المفارقة الكبيرة تكمن في أن الشعر الجاهلي وصلنا ولو مجزأ في عدد من الكتب والمعلقات والدواوين، اما النثر فلا يوجد حتى كتاب واحد يجمعه، علما ان كان منتشرا جدا ويملأ اسواق وحياة العرب قبل الاسلام كما يؤكد ذلك كل المؤرخين العرب لكنهم لم يجمعوا هذا النثر ولم يعتنوا به وظل متفرقا مبعثرا في كتب التاريخ
من هنا تأتي اهمية جمع هذا التراث العظيم ونشره في كتاب خاص به .
بالطبع ان عدم الاهتمام بالنثر قبل الاسلام يفسر بنظريات عدة بعضها شكلي باعتباره اصعب للحفظ على الذاكرة الشفاهية ولكن هذه الحجة واهية ولا تكفي والمسألة مرتبطة بظهور الاسلام والموقف من الادب قبله.
شق أنمار يعبر رؤيا ربيعة بن نصر أيضا
ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان قال نعم رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمه فأكلت منها كل ذات نسمة فلما سمع الملك ذلك قال ما أخطأت يا شق منها شيئا فما عندك في تأويلها قال أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران فقال له الملك وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده قال لا بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذوشان ويذيقهم أشد الهوان قال ومن هذا العظيم الشأن قال غلام ليس بدنى ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن قال أفيدوم سلطانه أم ينقطع قال بل ينقطع برسول
مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل قال وما يوم الفصل قال يوم تجزى فيه الولاة يدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات ويجمع فيه بين الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات قال أحق ما تقول قال إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض فوقع في نفس ربيعة بن نصر ما قالا فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور فأسكنهم بالحيرة فمن بقية ولده النعمان بن المنذر ملك الحيرة وهو النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر.
وفود عبد المسيح بن بقيلة على سطيح
عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما كان ليلة ولد النبي ارتج إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة فعظم ذلك على أهل مملكته فما كان أوشك أن كتب إليه
صاحب اليمن يخبره أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وكتب إليه صاحب السماوة يخبره أن وادي السماوة انقطع تلك الليلة وكتب إليه صاحب طبرية أن الماء لم يجر تلك الليلة في بحيرة طبرية وكتب إليه صاحب فارس يخبره أن بيوت النيرات خمدت تلك الليلة ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة فلما توارت الكتب أبرز سريره وظهر لأهل مملكته فأخبرهم الخبر فقال الموبذان أيها الملك إني رأيت تلك الليلة رؤيا هالتني قال له وما رأيت قال رأيت إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد اقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا قال رأيت عظيما فما عندك في تأويلها قال ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلا من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان فبعث إليه عبد المسيح بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه أخبره كسرى الخبر فقال له أيها الملك والله ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن جهزني إلى خال لي بالشام يقال له سطيح قال جهزوه فلما قدم إلى سطيح وجده قد احتضر فناداه فلم يجبه وكلمه فلم يرد عليه فقال عبد المسيح أصم أم يسمع غطريف اليمن يا فاضل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من آل سنن أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يهوى للوثن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
فرفع إليه رأسه وقال عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أوفي على الضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاج الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد اقتحمت في الواد وانتشرت في البلاد يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة وفاض وادى السماوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نار فارس فليست بابل للفرس مقاما ولا الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات عدد سقوط الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قال إن كان ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذا الدهر أطوارا دهارير منهم بنو الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور فربما أصبحوا يوما بمنزلة تهاب صولهم الأسد المهاصير حثوا المطي وجدوا في رحالهم فما يقوم لهم سرج ولا كور والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور والخير والشر مقرونان في قرن فالخير متبع والشر محذور
ثم أتى كسرى فأخبره بما قاله سطيح فغمه ذلك ثم تعزى فقال إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا يدور الزمان فهلكوا كلهم في أربعين سنة وكان آخر من هلك منهم في أول خلافة عثمان رضي الله عنه.