دعوات مقاطعة أعياد المسيحيين: “لا تعني أهل نينوى”
نينوى ـ خدر خلات:
أعرب صحفيون وناشطون موصليون عن امتعاضهم من الدعوات الى مقاطعة اعياد المسيحيين ورأس السنة، عادين انها لا تعني اهالي نينوى بشيء، داعين الاجهزة الرقابية لاخذ دورها ومحاسبة كل من يسعى لزرع الفتنة تحت لافتات دينية وطائفية، مشددين على ان العراق يحتاج لتعزيز التماسك الاجتماعي عقب الانتصار العسكري الكبير على تنظيم داعش الارهابي وافكاره المتطرفة.
وكان مفتي الجمهورية العراقية، مهدي الصميدعي قد قال في وقت سابق انه “لا يجوز الاحتفال برأس السنة ولا التهنئة لها ولا المشاركة فيها، قال ابن القيم رحمه الله؛ من هنأ النصارى في أعيادهم كمن هنأهم في السجود لصلبانه” وجاء ذلك تعليقاً على إعلان الحكومة العراقية يوم 25 كانون الأول من كل عام عطلة رسمية بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح، على عكس إقليم كردستان الذي اقرّها عطلة شاملة منذ سنوات عديدة.
وقال الصحفي والناشط الموصلي عماد عبود في حديث الى “الصباح الجديد” ان “اهالي محافظة نينوى غير معنيين بالدعوات التي انتشرت بشكل مؤسف من قبل شخص او شخصين والتي يدعون من خلالها لعدم مشاركة المسيحيين اعيادهم وتهنئتهم، وهذه الثقافة غريبة على العراقيين جميعا بشكل عام وعلى اهالي نينوى بشكل خاص والتي نتعايش فيها منذ مئات السنين مع الاحبة المسيحيين سواء داخل الموصل او في البلدات القريبة في سهل نينوى”.
واضاف “انا شخصيا اعدّ هكذا دعوات بمنزلة زرع فتن طائفية واختلاق حواجز نفسية بين العراقيين من شتى الانتماءات الدينية، ولا يمكن السماح بان تمر مرور الكرام، لان السكوت عنها اليوم، سيدفع باطراف اخرى الى اصدار دعوات او حتى فتاوى اكثر تطرفا ربما، مما يسيء للنسيج الاجتماعي العراقي الذي يعاني اصلا من اثار حرب طائفية اعقبتها هجمة داعش الهمجية”.
من جانبه قال الناشط الموصلي لقمان عمر الطائي لـ “الصباح الجديد” ان “المسيحيين مكون اصيل وعريق سواء في العراق او نينوى، وان مشاركتهم في احتفالاتهم وتقديم التهاني لهم في اعيادهم مسالة طبيعية ومتوارثة لدينا، ولا نجد اي حرج في ذلك، بل ان عدم تقديم التهاني لهم وزيارتهم في اعيادهم قد يسبب لنا احراج اجتماعي مع اصدقائنا المسيحيين الذين كانوا جيرانا لنا بمنطقة الساعة في الموصل القديمة، سابقا”.
وتابع “الحديث عن مقاطعة المسيحيين في اعيادهم هو حديث غير متوازن اطلاقا، وغير مقبول بالنسبة لنا، ولا يتلاءم بتاتا مع ما درجنا عليه في نينوى عموما، حيث اننا نتبادل معهم التهاني في اعيادهم كما يبادلوننا التهاني باعيادنا”.
واشار الطائي الى انه “ينبغي بالجهات المختصة في الحكومة العراقية سن قوانين ضد كل من يطلق تصريحات ذات ابعاد طائفية ويسعى من خلالها الى التأثير على التلاحم الوطني والاجتماعي بين مكونات العراق، خاصة واننا في امس الحاجة لتقوية الاواصر الاجتماعية والبحث عن المشتركات وليس التركيز على نقاط الاختلاف في العقائد والعادات”.
وكان رئيس الديوان عبد اللطيف الهميم قد اعلن في بيان له، “تابعنا بأسف عميق التصريحات المسيئة للمسيحيين من أبناء شعبنا العراقي الكريم في عيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام”، مبينا انها “تصريحات خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف”.
واضاف ان “هذه التصريحات لا تمثل ديوان الوقف السني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية، التي كان للمسيحيين السبق في وجودهم التاريخي على أرض الرافدين من خلال أبائهم الكلدان والآشوريّين، بحضارتنا التي علّمت أهل الأرض كيف يُمسكون قلماً ويتنفّسون هواء الحرية، البابلية والسومرية والأكدية والآشورية، وجنائنه المعلقة، وقصر الإمارة، ومسلة حمورابي، وأسد بابل، وملحمة جلجامش، وشارع الموكب، الذي عبرت فوقه خيول نبوخذ نصر وعربات البابليين”.
وأكد ان “مثل هذه التصريحات الهوجاء غير الموزونة ولا المقفاة ولا المنضبطة تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر، ولا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم قومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكردهم وتركمانهم، شعب واحد تقاسم السرّاء والضرّاء منذ أن تشكلت هوية العراقيّ من الدم المنساب مـن ألوان الطيف كلها، يـوم شقّت الأرض فـي العـراق نخلة، فصارت حزم الطيف أمـتن مـن حـزم العصيّ”.