صعوبات «مصرفية» تجبر شركات على سحب تعاملاتها مع طهران
الصباح الجديد _ وكالات:
قالت مصادر في قطاع الصناعة والحكومة الإيرانية إن شركتي كارجيل وبنجي وغيرهما من التجار العالميين أوقفوا صفقات إمدادات الأغذية مع إيران لأن العقوبات الأميركية الجديدة أصابت الأنظمة المصرفية اللازمة لتأمين المدفوعات بالشلل.
والغذاء والأدوية وغيرها من الإمدادات الإنسانية معفاة من العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها هذا العام بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية عام 2015.
لكن العقوبات الأميركية التي تستهدف كل شيء من مبيعات النفط إلى الشحن والأنشطة المالية صرفت الكثير من البنوك الأجنبية عن القيام بأعمال مع إيران بما في ذلك الصفقات الإنسانية. وبرغم تعاملاتها السابقة مع إيران في ظل جولات العقوبات السابقة، أوقفت الكثير من البنوك الصغيرة تعاملاتها معها هذه المرة.
وقال مصدر أوروبي مطلع على الوضع طلب عدم نشر اسمه ”ليست هناك فرصة حقيقية في الحصول على المال باستخدام الآليات المطبقة حاليا وكثير من التجار الدوليين عاجزون عن القيام بصفقات جديدة في الوقت الحالي“.
وذكرت مصادر تجارية غربية وإيرانية أن مجموعتي كارجيل وبنجي الأميركيتين وأولام السنغافورية من بين الشركات التي لم تتمكن من إبرام صفقات تصدير جديدة للقمح والذرة والسكر الخام وغيرها من السلع لأن البنوك الغربية لا يمكنها تحويل مدفوعات الصفقات مع إيران.
ورفضت شركات كارجيل وبنجي وأولام التعليق عندما اتصلت بها رويترز.
وبدأ سريان العقوبات الأميركية بشكل كامل في الخامس من تشرين الثاني غير أن واشنطن أعفت بشكل مؤقت بعض حلفائها الذين يعتمدون على واردات النفط الإيراني.
وتعتمد إيران كثيرا على المواد الغذائية الأساسية المستوردة ولديها سنوات من الخبرة في الالتفاف على العقوبات الأميركية والغربية الأخرى التي أصبحت أكثر صرامة تدريجيا بين عامي 2012 و2015 إلى أن توصلت الجمهورية الإسلامية لاتفاق بشأن برنامجها النووي. وجرى رفع عقوبات كثيرة عام 2016 بعد إبرام الاتفاق.
وفي ظل جولات العقوبات السابقة لجأت إيران إلى عدد قليل من البنوك الأجنبية التي ظلت تعمل بمثابة همزة وصل للمدفوعات في سبيل استمرار واردات الغذاء وأشكال أخرى من التجارة.
لكن الكثير من هذه القنوات المتمثلة في البنوك الأجنبية أغلقت في ظل هذه الجولة. وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين لرويترز إن مسائل مصرفية هي السبب في وقف تجارة الأغذية وغيرها.
وقال مسؤول في قطاع الصناعة والتعدين والتجارة في إيران إن ”حفنة من البنوك الأوروبية الصغيرة“ والتي ليست لها تعاملات تذكر مع الولايات المتحدة ما زالت تعمل مع إيران ولا تتعامل إلا في صفقات على نطاق ضيق.
وأضاف المسؤول ”نجري محادثات مع الأوروبيين لتوسيع هذه الشبكة من البنوك والمؤسسات المالية. ”لكن شركات كثيرة بينها كارجيل وبنجي أبلغتنا في الوقت الحالي بوجود صعوبات (مصرفية) ستجبرها على وقف تعاملاتها مع إيران“.
وفي أيار، قال بنك التجارة والاستثمار السويسري، وهو أحد البنوك الذي كان يشارك في صفقات لها علاقة بالأمور الإنسانية، إنه علق كل التعاملات الجديدة مع إيران.
وأدرجت واشنطن البنك التجاري الأوروبي الإيراني ومقره ألمانيا على قائمة سوداء في تشرين الثاني لتغلق بذلك مؤسسة قالت مصادر مالية إنها تعاملت مع إيران على نطاق محدود بين عامي 2012 و2016.
وعاد عدد من البنوك الغربية التي بدأت العمل مع إيران منذ عام 2016 أدراجها. وفي حزيران، قال بنك أوبر بنك النمساوي، أحد أوائل البنوك الأوروبية التي تتوصل لاتفاق على تعاملات جديدة مع إيران، إنه أوقف تعاملاته معها.
وحذت بنوك أخرى حذوه بما في ذلك بنك دانسكه الدنمركي وبنك دي.زد الألماني. وقال بنك كيه.بي.سي البلجيكي في حزيران إنه سيقصر التحويلات الخاصة بإيران على التجارة الإنسانية.
ولم يكشف البنك عما إذا كان سيواصل تحويل هذه المدفوعات عندما سألته رويترز عن ذلك هذا الشهر لكنه قال إنه ”يراجع سياسته بوتيرة منتظمة في ظل الاحترام الكامل لكل القوانين ذات الصلة“. وقال بنك إيه.بي.إن أمرو الهولندي إنه قام بتسهيل تحويلات لها علاقة بالغذاء والرعاية الصحية والمعدات الطبية والزراعة على نطاق محدود ومع زبائن محددين. لكنه قال إن ”الإجراءات التقييدية الأخيرة على البنوك الإيرانية تمثل تحديا“.
وقال مصرفيون إن الأسهل على الكثير من البنوك الأجنبية إنهاء أي نشاط إيراني بدلا من محاولة الخوض في القواعد الخاصة بالعقوبات الأميركية والمخاطرة بارتكاب خطأ ومواجهة جزاءات.
وقال مصدر أوروبي في القطاع المالي شارك في السابق في معاملات إيرانية ”هناك حذر كبير الآن“. وأضاف أن القواعد التي تخص الأغذية والتعاملات الإنسانية الأخرى معقدة. وتابع المصدر قائلا ”مثلا إذا تم شحن البضائع إلى موزع إيراني، يبيعها بدوره لكن ليس مباشرة لمشتر نهائي، فإن البنوك ستعد على نحو متزايد مثل هذه العملية تجارية وليست إنسانية“.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية إن واشنطن قدمت تصاريح واستثناءات واسعة من العقوبات سمحت ببيع أميركيين وغير أميركيين سلعا زراعية أساسية وأغذية وأدوية ومعدات طبية إلى إيران.