لندن ـ ابتسام يوسف الطاهر
اختتم المقهى الثقافي العراقي في لندن اماسيه لعام 2018 بأمسية مميزة احتفى بها بمنجز الشاعر والمترجم المعروف د.صلاح نيازي صاحب مجلة الاغتراب الادبي في لندن.
وكعادة المقهى الثقافي بتقديمه كل ماهو جديد ومتميز حرص الفنان السينمائي علي رفيق الذي يشكل هو والفنان فيصل لعيبي وبعض مساعديهم من الزملاء اهم اعمدة ذلك المقهى الصامد بالرغم من امكانياته المحدودة وتجاهل الدولة العراقية لتلك المنابر الثقافية القائمة بمبادرات فردية.. اقول كان التقديم للامسية مختلف عن الأماسي السابقة اذ استعرض سيرة الضيف من خلال فيلم وثائقي مكثف اعده واخرجه الاستاذ علي رفيق.
ثم تحدث الضيف عن نشأته في الناصرية، المدينة التي كان اهم مافيها محطة السكك الحديد.. «فالمحطة كانت مكانا لتجمع الناس المسافرين ومودعيهم حيث البكاء. فيتخذ الوداع صيغة الفراق ويتخذ الاستقرار صيغة الموت».
اما في بغداد، فسكن بمحلة الشواكة التي كانت مشهورة برياضييها..وهؤلاء كانوا قراء جيدون للأدب العربي فتعلم منهم ذلك وكانوا يعرفون اكثر منه في السينما وابطالها ومحاكاتهم.
ثم عرج الضيف على عمله في الاذاعة والتلفزيون.. وكيف انه «بعد دخول القطار الامريكي ومقتل عبد الكريم قاسم، تنمر الناس.. وأنتشرت في البلاد فنون التعذيب وقص الألسن والإغتصاب وإمتلأت اماكن التوقيف حيث تهان النفس البشرية» فأضطر للهجرة.. وصل لندن عام 1963 وكان أبرد شتاء وهو لا يملك غير ثياب الصيف! فعانى من شظف العيش.. بعد ذلك تفتحت له اوربا.. فأبتدأ رحلته بكتابة مقالة لمطبوع عربي فكانت مكافأتها خمسين جنيها استرلينيا استطاع ان يسدد ديونه وايجاره.. وعمل مذيعا ومحررا في محطة الـ»بي بي سي» مما اتاح له الدراسة في الجامعة تعلم من الناس في لندن التواضع والتراحم ..
ومعروف عن د.صلاح نيازي ترجمته لعدة كتب منها رواية يوليسيس باجزائها الأربعة. وعن دراسته لأدب جيمس جويس ذكر بأنه نصح بدراسة روايته «يوليسيس» والتعامل معها ليس كوجبة غذاء وانما كدواء ..وان يقرأ منها صفحتان باليوم .. كحبوب العلاج .. لكي يفهمها.
وعن خصائص ادب شكسبير وترجمته، قال «ان الأصداء في أدبه أهم من الأصوات.. ويجب قراءة مسرحياته ليس صفحة فصفحة انما يجب ان تقرأ كعمل سيمفوني..
وأخذ د. صلاح مسرحية «مكبث» مثالا، وكيف عمل على ترجمتها ..فالمشهد الأول منها وهو ظهور الساحرات الثلاث وقولهن :
– متى نلتقي نحن الثلاث ؟ في الرعد؟.. أم في البرق؟.. أم في المطر؟
«هنا شكسبير يحوّل (متى) التي تعني (في أي وقت) الى مكان، فهو لا يعني هنا الزمان، بل في أي مكان نلتقي؟ فهذه قدرة عجيبة عند شكسبير تتجلى في تحويله المكان الى زمان وبالعكس.. ففي مثالنا (مشهد الساحرات): متى نلتقي نحن الثلاث؟..الخ. الرعد هنا يعني صليل السيوف اما البرق فهو وميض تلك السيوف والمطر هو الدم.. فتساؤل الساحرات الثلاث هو: هل يلتقين في بداية المعركة أم في منتصف المعركة أم في نهايتها»
«تلك هي تقنية شكسبير لذا يصعب على المترجم سبر أغوارها مالم يتقن تلك التقنية» فعلى الرغم من قدرة مترجم مثل جبرا ابراهيم جبرا، ولغته الانكليزية العظيمة، لكنه لم يتوصل الى تقنية شكسبير الذي هو في الحقيقة متحف للجزر البريطانية، وأدبه يحتوي على الحروب والاحداث الاجتماعية..»
ثم قرأ قصيدته (محنة شفيق الكمالي) التي كتبها بالأصل بالعربية ومن ثم ترجمها ونشرت في مجلة Long Poem Magazin في حينها وجهوا للشاعر دعوة لقراءتها في مكتبة «الباربيكان» الشهيرة في لندن».