الفنان الكاتب سعد هدابي: الفن العراقي في حالة مخيفة من التراجع

حاوره سمير خليل
مابين المسرح والسينما والتلفزيون يتحرك سعد هدابي بثقة وبذهنية متوقدة ووعي بما يحيط بنا، وبرغم صعوبة احتواء هذه الاشتغالات والسيطرة عليها الا ان هدابي نجح ان يفرض رؤاه ورسم خطوات ناجحة اساسها الثقافة والمعرفة التي نهلها من واقع مدينته الطيبة، الديوانية التي يفخر بانتمائه اليها.

هدابي امسك برمانتي المسرح والسينما في آن واحد، ومن هنا يقول:
-انا شخصيا منشطر على نفسي، اجدني مهتما بكل مايندرج في لائحة الاشتغال، وقد منحني المسرح فسحة من التفاعل على مستوى الصورة والملفوظ اللساني. السينما لون ساحر ولد من طيف المسرح، وكلاهما قريب مني على مستوى التأليف والاخراج، أجد بالسينما آلية التحرر من ايقونة المسرح، للانطلاق نحو فضاء أرحب، بلغة اشتغالية أكثر فاعلية، لكن يشدني المسرح الى صيرورته المهيبة وعمله الثر”.

* أين يقف سعد هدابي من خارطة المسرح العراقي؟
-أقف حيث انا الان، معنيا بكل مايقع داخل حقل التأسيس والاضافة. قدمت العديد من الاعمال المسرحية التي تعتمد منظومة اجرائية المرئي، وحققت النجاحات والجوائز، انا لست ببعيد، انظر الى الفعالية المسرحية بانتماء حقيقي، فانا اتنفس من رئة المسرح. اصدرت كتابي الاخير الذي يحمل عنوان (ابصم باسم الله) في هذا العام، وكل ماورد في هذا الكتاب من نصوص جاء من البحث الميداني في السعي لتأليف العرض المسرحي شكلا ومضمونا.

* ما حدود الازمة التي يمر بها الفن العراقي عموما والمسرح خصوصا؟
-الفن العراقي عموما، ضحية التحولات السياسية التي عصفت به بنحو مباغت، وما تبعها من ازمات خلقت قطوعات وتحولات، وهناك تقشفات إنتاجية، والتهاءات مصيرية دفعت بالفن عموما ليغرق في معترك ما يحدث، بعيدا عن طموح التسويق، ووضع استراتيجيات تبشيرية لما يطرأ من حداثة في المنجز الاشتغالي العراقي برمته.
المسرح صار مختصرا على نسق اشتغالي (مهرجاناتي) بادوات فقيرة وشحة بالمشتغلين داخل العرض. تحكمهم بطاقات التذاكر لمهرجانات تقام هنا وهناك، فاختطف بريق المسرح الثر، وصار مجرد رقم بين الأرقام، عكس ماكان يحتفى به لريادته ونزوعه الحداثوي. اننا امام تغييب كبير، امام فوضى القرار، ولو بقي الحال كما هو الان في ظل هذه الازمات على مستوى الدراما التي ماتت، والسينما التي لا تتنفس الا من خلال تجارب شخصية متباعدة، او المسرح الذي يعاني ضياع النهج على مستوى الإدارة، فستكون العواقب وخيمة، نحن في حالة مخيفة من التراجع.

* هل استطاع الفن العراقي بكل اشكاله التعبير عن واقعنا اليوم؟
-الفن مرآة الواقع، وعجلة الحياة ترتبط حتما بالنتاج البشري، والفن اول ما بزغ على مستوى التعبير الإنساني، وللفنان العراقي تاريخ ثر بالتعبير عن الواقع عبر مراحل تاريخية لحضارة سومر، واشور، واكد، وبابل، وما زال الفنان ينهل من الواقع ويترجم اشكالات الواقع وتسليط الضوء على عجلة التطور.
وعن مدينته الطيبة وتأثيرها على شخصيته، قال : الديوانية مهبط الهامي ومستقر حياتي. هذه المدينة التي تغفو على نهر الفرات، منحتني احقيتي في الوجود، واسهمت ببناء شخصيتي. وهبتني ملامحي، ولها دور كبير في بناء شخصيتي. تقاليدها، واعرافها، واناسها الطيبون، وطقوسها الثرة. لقد منحتها وجودي برمته، وقدمت لها ما ينبغي ان يقدم الابن البار، وما زلت مدينا لها بالكثير.
حصل سعد هدابي على عدة جوائز خلال مشاركاته بعدة مهرجانات محلية وعربية نذكر منها: جائزة الشارقة للإبداع، وجائزة السعفه الذهبية لمهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم (الثلاسيميا)، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم (نفوس مطمئنه)، إضافة الى الجائزة الذهبية في مهرجان سوريا السينمائي الدولي 2018 عن سيناريو فيلم (ذهان).
محليا، حصل على جائزة أفضل كاتب درامي عراقي عام 2012 عن مسلسل (خارطة الطريق) لمؤسسة عيون العربي للثقافة، وجائزة أفضل كاتب درامي عراقي عام 2015 وجائزة أفضل مخرج عن مسرحيات(ارتحالات) 2011 و(بنيران صديقة) 2012 و(العباءة) 2014 و (كوليرا) 2016 “.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة