عدالة

نبأ حسن الشمري

كنت أرى كل شيء بوضوح .. بوضوح تام على غير العادة .. و كأن كاميرا ديجتال قد تم تركيبها في داخلي. أقترب منه بحذر .. أغرس قدمي اليمنى في الرمل الأبيض الناعم .. أطبع على وجهي بسمة ضئيلة برمجتها بدقة لتتغير حسب الموقف .. لابد بأنه دوري الآن !! أفكر في كلمات مختصرة بحقه .. أوه .. لا .. لا .. يجب أن ألقي خطاباً تاريخياً له.. لا أدري .. بالفعل لا أدري ما أقول له .. شيء مربك بحق !! أخيراً أقف بمحاذاته .. تستريح أقدامي في الرمل المفعم بالبرودة .. أترك كاميرا الديجتال خاصتي لتجهز على صورته القلقة.. كان يبدو بديناً بسرواله الملون المنفوخ.. أصابعه السمر غارقة في حركة دائمة كأنها ستدخل حرباً خفية .. رأسه المنزوع من الشعر بدا كبطيخة وهو يلمع تحت خيوط الشمس الغاربة.
ــ مرحبا « قلتها بتردد و أعتقد بأني قد أعدتها أكثر من مرة من دون وعي مني».
ــ لماذا تصورونني كرجل أصلع في حكاياتكم ؟؟ «قالها بحنق».
ــ عفواً؟؟ لا أفهم ما قصدك «قلتها وأنا أصب جام تركيزي على رأسه
المتكور كبطيخة شهية.. هل يعقل بأني قد بدأت أشعر بالجوع ؟؟».
ــ في الواقع أنا لست أصلع.. أنا بشعر ذهبي لكن لكثرة جلوسي في
الفانوس لساعات طوال جعلتني أستغني عن شعري !! برأيك ماذا
تفضل النساء.. العفاريت الصلع أم الذين يملكون شعراً؟؟
ــ في الواقع هذه الأيام النساء يفضلن من معه نقود يا سيدي العفريت ..
حتى لو كان كلباً أو جربوعاً .. المهم عنده نقود.
ضحك بصوت عالٍ طغى على ما حولنا من جلبة و صراخ و أضفت بفخر:» أنت عفريت و تستطيع أن تقوم بأي شيء .. ستحصل على ما تريد .. أليس كذلك ؟؟»
ــ كلا يا عزيزتي.. أنا أحقق الأمنيات فحسب ولا أستطيع أن أفعل شيئاً
لنفسي. انظري إليهم.. إلى كل هؤلاء الحثالة.. «وأشار نحو جمع من
المحتفلين بجنون.. أمراء.. لصوص.. قتلة.. جواري.. صبيان.. أناس
لا أعرف كيف أرتبهم أو أسميهم». لقد حققت لهم أمانيهم جميعاً
أنهم لا يدعونني لحفلاتهم ولا يقتربون مني.. بل يرجمونني بالحجارة
ويطاردونني بالمشاعل وهم يصرخون.. عفريت.. عفريت!! أليس هذا
سخيفاً؟؟ و الآن عليك أن تطلبي ثلاث أمنيات كما هو متعارف عليه،
الأمنية الأولى ستكون طبق بيتزا أليس كذلك؟؟ «قالها و هو يضحك»
ــ واو .. أنت تقرأ الأفكار بشكل رائع «قلتها بمرح حذر.. و حمدت الله أني
كنت أفكر بالبيتزا و حسب لا بشيء آخر.. و أضفت».
ــ حسناً سيد عفريت سأطلب أمنياتي الآن .. لكن كن متأكداً بأني لست
مثلهم. .
ــ إيه .. تبدين واثقة تماماً.. سنرى ذلك.. هل فكرت جيداً بما ستطلبين؟؟
ــ بالتأكيد «قلتها بثقة.. وأضفت» ما رأيك أن نقتسم الأمنيات؟؟
ــ هذا لم يحصل من قبل….
ــ لكنه سيحصل الآن «قاطعته بسرعة»
ــ حسناً .. ماذا لديك؟؟
ــ الأمنية الأولى ستكون لك «أشرت نحوه» و الثانية ستكون لي «أشرت
إلى نفسي» و سكت.
ــ والثالثة؟؟ «سألني العفريت بحذر».
ــ إنها للحثالة «أجبته بخبث و أنا أشير إلى الجمع الذي راح يذوب ببطء
و هدوء بين طيات الرمل الأبيـض الناعــم !!».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة