من بين اهم المرتكزات القوية التي يقوم عليها النظام السياسي في الدول الديمقراطية هو وجود برلمان قوي ومتماسك يعرف ويعي فيه النواب ادوارهم وحدود علاقاتهم بالسلطتين التشريعية والتنفيذية ولايمكن ان تتحقق مثل هذه القوة من دون وجود اسس تشريعية تنظم عمل المجالس النيابية وتمنحها الصلاحيات المطلوبة للنهوض بواجباتها وفي العراق تعرضت المؤسسة التشريعية خلال السنوات الماضية الى سلسلة من المتغيرات اسهمت الاخطاء التشريعية وسوء الاستعمال للسلطات والاجتهادات الفردية في تشويه النظام البرلماني في العراق وانحرافه عن مساراته الصحيحة واذا تمعنا في الاداء البرلماني في التصويت على المرشحين للحكومة الجديدة التي قدمها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فسنرى مثل هذا التشويه والانحراف واضحا وجليا في مفاصل عديدة من الاستحقاق الدستوري المتعلق بالتصويت على الوزراء وقبل ذلك في عملية تقديمهم وعرض سيرهم الذاتية وترشيحهم لمناصبهم فالاعتراضات الكثيرة على بعض الاسماء المطروحة والتشكيك بسيرهم الذاتية والاطمئنان على نزاهتهم وعدم ارتكابهم لمخالفات قانونية او ارتكابهم لأفعال اجرامية كشفت بما لايقبل اللبس بأن التنظيم المؤسسي للسلطة التشريعية تنظيم هش ومشوش وغامض وغير منظم ويفتقر الى الجودة وكان ينبغي على ادارة مجلس النواب وهيئة الرئاسة ان تهتم كثيرا بهذا الاستحقاق الحيوي والحساس وان تعمل على تأمين كل اشكال التدقيق والتمحيص في الاسماء المرشحة وتوفير المعلومات عنهم والاحاطة بقدراتهم ومؤهلاتهم بما يضمن مرورها في الحلقات القانونية قبل مدة كافية تسبق تقديمهم امام اعضاء السلطة التشريعية كما ان منهاج الجلسة التشريعية التي تضمنت التصويت على الكابينة الوزارية شابه الكثير من الاختلال وبانت فيه ملامح التدخلات السياسية لبعض الاحزاب والكتل مما اسهم في خلق فوضى وارتباك واضح في اكمال اجراءات التصويت ومن هنا فأن مجلس النواب العراقي مطالب بعد كل هذه السنوات الطويلة في اعادة النظر بالسياقات الدستورية التي تتيح تنظيم جلساته بالشكل الامثل وابعاد اعلى سلطة تشريعية في البلاد عن الاتهامات بالضعف والقصور بما يمس سمعة العراق كدولة تعددية بين دول العالم الاخرى .
د. علي شمخي
تشويه النظام البرلماني !
التعليقات مغلقة