عدّوه بمنزلة الانتحار السياسي
السليمانية ـ عباس كاريزي:
بينما يتحضر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني للبدء بحوارات تشكيل حكومة الاقليم المقبلة عبر زيارات يقوم بها للاطراف السياسية الكردستانية، حذر خبراء ومحللون سياسيون من مشاركة احزاب المعارضة في حكومة الاقليم المقبلة وعدوه بمنزلة انتحار سياسي.
واكد رئيس مركز ستاندارد للدراسات والبحوث مسعود عبد الخالق، ان الحكومة المقبلة ستكون مثقلة بالأزمات والمشكلات والفساد ولن تتمكن الاحزاب التي ستشكلها من تنفيذ وعود الاصلاح التي قدمتها للمواطنين، نظرا لانها جاءت عبر نتائج مزورة.
وقال مسعود عبد الخالق في حديث للصباح الجديد، ان اغلب الاحزاب الكردستانية اكدت حصول تزوير وتلاعب كبير في الانتخابات وكان على السلطة القضائية، ان تحترم حقوق المقترعين، وان لا تصادق على نتائج الانتخابات البرلمانية في اقليم كردستان.
واضاف، «انا استغرب مصادقة مجلس القضاء على نتائج الانتخابات التي جرت في 30 من شهر ايلول سبتمبر الماضي في الاقليم»، مؤكدا ان موافقة الحزبين الرئيسين الاتحاد والديمقراطي في الاقليم على تلك النتائج سيؤدي الى ان يكون مستقبل الاقليم والحكومة المقبلة على المحك، وان الحكومة ستكون حبلى بالمشكلات والازمات لان اغلب المؤشرات تدل على ان تشكيل الحكومة المقبلة الذي سيبنى على اساس يشوبه التزوير، لن ينتج عنه قيام من اتهموا بالفساد ان يقدموا على الاصلاح ومحاربة الفساد.
وكان مجلس القضاء في اقليم كردستان، قد صادق، على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في دورتها التشريعية الخامسة التي جرت في نهاية شهر ايلول الماضي في الاقليم.
واجرى اقليم كردستان في نهاية شهر ايلول الماضي انتخابات تشريعية تقدم فيها الحزب الديمقراطي بـ45 مقعدا، تلاه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ21 مقعدا، وجاءت حركة التغيير ثالثا بـ12 مقعدا، والجيل الجديد رابعا بـ 8 مقاعد.
وحذر عبد الخالق من تكرار تجربة الانتخابات السابقة والمشاركة الفاشلة لاحزاب المعارضة في حكومة الاقليم السابقة، محذراً من ان عدم عودة احزاب المعارضة التي قال انها باتت بمعزل عن الشعب في أسرع وقت الى خانة الشعب فانها ستخسر ما تبقى لها من دعم وتأييد جماهيري.
واضاف، ان مشاركة اي حزب معارض في حكومة الاقليم المقبلة سيكون بمنزلة انتحار سياسي لان احزاب المعارضة لا تعرف لحد الان لماذا تشارك في حكومة الاقليم، وتابع ان الحكومة المقبلة لن تكون افضل من سابقتها وهي ستستمر في سياسة تجويع الشعب والتجاوز على حقوقه ومصادرة حرياته.
واكد ان مشاركة احزاب المعارضة في حكومة الاقليم ستصب في خانة خدمة الاحزاب الرئيسة لان مشاركتها ستكون شكلية ولن تتمكن من اجراء اي تغيير او اصلاح او تحقيق الشفافية المطلوبة، وان السلطة ترغب في ان تشارك جميع الاحزاب كي يتم توزيع الفشل والاخفاق على جميعها بالتساوي.
في غضون ذلك قالت مصادر سياسية مقربة من حركة التغيير للصباح الجديد، ان الحركة تستعد للمشاركة في حكومة الاقليم المقبلة وطالبت الحزب الديمقراطي الذي سيكلف مرشحه لتشكيل حكومة الإقليم المقبلة بمنحه منصب نائب رئيس حكومة الاقليم الذي يشغله الاتحاد الوطني في الحكومة الحالية.
واضافت المصادر، ان مشاركة حركة التغيير في حكومة الاقليم المقبلة بات قاب قوسين او ادنى، وان الحركة بانتظار بدء حوارات تشكيل حكومة الاقليم، لتطالب باستحقاقها فيها الذي توقعت المصادر ان تحصل بموجبه اضافة الى منصب نائب رئيس حكومة الاقليم على ثلاث وزارات في حكومة الاقليم، وهو ما من شأنه ان يعمق الخلاف داخل صفوف الحركة بين كوادرها المنقسمين بين مؤيد لمشاركة الحركة في حكومة الاقليم، وآخر يطالب ببقائها في خانة المعارضة وعدم تكرار التجربة الفاشلة لها في حكومة الاقليم الحالية.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد اعلن انه سيبدأ الاسبوع الجاري مباحثات تشكيل حكومة الاقليم المقبلة مع الاطراف الكردستانية.
واضاف عضو المجلس القيادي في الحزب الديمقراطي اراس حسو ميرخان في تصريح، ان حزبه و بعد ان صادق مجلس القضاء على نتائج الانتخابات ينتظر ان يعقد برلمان كردستان جلسته الاولى وسيبدأ قريبا حوارات تشكيل حكومة الاقليم، التي من المتوقع ان يستهلها الديمقراطي بزيارة السليمانية للقاء الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير.
وكان الاتحاد الوطني الكردستاني قد اعلن سابقا موافقته على نتائج الانتخابات واستعداده للمشاركة في تشكيل حكومة الاقليم مع الحزب الديمقراطي، بينما لم تحسم حركة التغيير موقفها وابقت الابواب مفتوحة امام مشاركتها في حكومة الاقليم.
وقال رئيس كتلة حركة التغيير في برلمان كردستان علي حمه صالح، ان حزبه لن يخلي الساحة للاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني كي يتقاسما مناصب الاقليم بينهما بالتساوي 50-50، مضيفاً ان مشاركة حركة التغيير لم تحسم بعد وان الحركة تستطلع رأي جماهيرها وموقفهم من مشاركتها في حكومة الاقليم.
وكان لحركة التغيير تجربة مريرة مع الحزب الديمقراطي الذي اشترك معها في تشكيل حكومة الاقليم السابقة التي تشكلت عام 2013 عقب اتفاق سياسي وقعه الجانبان بين المنسق العام للحركة الراحل نوشيروان مصطفى وزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، الا ان هذه الاتفاق لم يدم طويلاً، وادى اعتراض نواب حركة التغيير على تمديد ولاية رئيس الاقليم، عام 2015 الى طرد وزراء الحركة من حكومة الاقليم ومنع رئيس البرلمان من الوصول الى مدينة اربيل لمزاولة مهامه، ما ادى الى اغلاق مبنى البرلمان وتعطيل جلساته لمدة عامين.