مؤيدون ورافضون لهذه الظاهرة ومطالبات بزرع شتلات عوضًا عنها

“أقفال الحب” في عتيق الموصل تعود من جديد

نينوى ـ خدر خلات:

الجسر العتيق في الموصل، أقدم جسر يربط جانبي المدينة، وهو ليس بمنزلة جسر بقدر ما بات رمزا ثقافيا وجزءا من هوية الموصل التراثية، بات يشهد ظاهرة جديدةـ قديمة، من خلال تعليق أقفال الحب على أحد جوانبه من قبل العشاق، وسط ردود فعل متباينة بين مؤيد ورافض، وبين من يطالب بزرع شتلات في الجزرات الوسطية كذكرى لأولئك العشاق وبين من يخاف أن يتأثر جسم الجسر بثقل قد لا تتحمله دعاماته الحديدية القديمة خاصة، في حين يرى قسم آخر أن أقفال الحب تتناقض والخراب القريب في الجهة اليمنى من الجسر حيث الأنقاض التي ما زالت تخفي عشرات الجثث.
وبالرغم من ان مواطنا مجهولا قام بإزالة مجموعة من الاقفال التي علقها عشاق مجهولون على سياج الجسر العتيق، كتب على بعضها حروف باللغة الانكليزية التي ربما ترمز للحرف الاول من اسمي العاشقين، لكن العشاق أبوا الا ان يمارسوا هذا التقليد، الذي يمارسه العشاق في الكثير من دول العالم للتعبير عن الاخلاص والوله والارتباط الوثيق بين الطرفين.
يقول ابو سامي، معلم متقاعد لـ “الصباح الجديد” وهو ينظر لبضعة اقفال معلقة على سياج الجسر العتيق “انها شغلة حلوة، وتؤكد ان الحب هو احد اركان الحياة وسبب لديمومتها واستمرارها، والموصل ام الربيعين، هي من حواضر العراق، وستبقى متمسكة بحبها وعشقها لأهلها وناسها بوسائل متعددة وتبث الحياة برغم كل ما اصابها”.
واضاف “هذه الظاهرة ليست جديدة، وانا اؤيدها فعلا، لكن اخشى ان يزداد عدد الاقفال الى الحد الذي يؤثر على هذا الجسر العتيق، الذي يعد واحدا من ابرز واهم جسورنا بالمدينة، وان اي ضرر به سيضاعف زحمة السير حيث ان اغلب جسورنا لا تعمل بما يتناسب والزخم المروري منذ عمليات التحرير ولحد الان”.
اما فخري جابر، طالب جامعي فيقول “الموصل بحاجة لمبادرات تخدم واقعها وناسها، مثلا ارى ان يقوم العشاق بزرع شتلات زينة في الجزرات الوسطية والارصفة، لتكون هذه الاشجار ذكرى لمحبتهم، وتضيف جمالية للمدينة التي فيها الكثير من مظاهر الخراب والاهمال”.
وتابع “يمكن ايضا طلاء الجدران في الطرق العامة، وخاصة جدران المباني الحكومية الرسمية ورسم لوحات تعبيرية باسم العشاق ان ارادوا ذلك، وهنالك مبادرات اخرى قد لا تحضرني حاليا، لكنها قد تكون اكثر واقعية وذات مردود جمالي وخدمي للموصل واهلها”.
اما ابو علي، سائق تكسي، فيرى ان “العشاق بطرانين فعلا، الا يرون الخراب القريب منهم في الجهة اليمنى من الجسر؟” يتساءل ويمضي بالحديث “نحن لسنا ضد الحب والعشاق، لاننا احببنا وعشقنا في يوم ما، لكن ارى انه من المبكر انتشار هكذا مسائل بينما المدينة واهلها يعانون الكثير من نقص الخدمات والبطالة، كما ان التقليد الاعمى للغرب امر غير مقبول دائما”.
واعتبر ابو علي ان “الجسر العتيق احد اهم الشرايين الذي يربط بين (الموصل) القديمة والساحل الايسر، بل انه في الجهة اليمنى يقع بقلب الموصل التجارية مثل باب الطوب والسرجخانة والدواسة، وينبغي الحفاظ عليه مهما تطلب الامر، لان تمشية امور الناس افضل من اعاقتها بأقفال قد تؤثر على الجسر وعلى التنقل عبره”.
يشار الى ان الأديب الإيطالي فريدريكو موتشا تناول في رواية شهيرة الأقفال المعلقة على جسر ملفيو في روما قبل أن تتحول روايته لفيلم شهير.
والرواية زادت جاذبية الجسر وعندما تصدت السلطات المحلية للظاهرة استمر العشاق في التدفق على الجسر وأضافوا له جبل مونتى الشهير، وايضا هناك مسلسل هندي شهير تناول موضوع جسور الحب في لندن لتصبح الأقفال والجسور ملهمة للفنانين.
وكذلك ‎فرقة دي هيرنا ساعدت في تأصيل التقليد في كولونيا بألمانيا وغنت عام 2009 أغنيتها على الجسر (هب لي قلبك) ومنذ ذلك الحين ازدهرت تجارة الأقفال وأصبح لها مواقع على الإنترنت تتفنن في بيعها وكتابة أسماء المحبين عليها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة