الاعلان عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي يقرع من جديد جرس الانذار في العالم اجمع ويذكرهم برقعة جغرافية اسمها الشرق الاوسط حيث تتماهى مظاهر القتل في الحروب مع مظاهر الاغتيال والخطف وحيث تزداد آلام ومعاناة ملايين البشر في سوريا واليمن والعراق والصومال وفلسطين ولبنان من دون ان تنظر الامم المتحدة من خلال ادواتها الفاعلة في مجلس الامن الدولي في وقف الفظائع والانتهاكات التي تمارسها انظمة حكم مستبدة تؤمن بترسيخ مفاهيم التخويف والرعب في اوساط مجتمعاتها واذا كان القرن الحادي والعشرون لا يتسق ولا يتماثل ولا يتقبل وجود مثل هذه المنظمة في عالمنا فان أسرا حاكمة وقادة ديكتاتوريين مايزالون يختطفون اوطانهم وشعوبهم ويرتهنون مصائر الملايين ويبتزون دولا اخرى ويساومون حلفاءهم واعداءهم في آن واحد من اجل تقديم العطايا والهبات في سبيل غض النظر عن ما يفعلونه وفي سبيل الحصول على الدعم والقوة والسلاح كي يحصنوا قلاعهم ويستمروا في نهجهم العدواني البغيض ولربما كانت جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي دليلا آخر يكشف مدى ازدواجية عالمنا ومدى بشاعة الانظمة التي تؤمن بالرأي الواحد مثلما تكشفت للعالم في هذه الفضيحة الاخلاق القبيحة لقادة ووزراء وسفراء لم يخجلوا من اطلاق تصريحات كاذبة حاولوا فيها حرف مسار التحقيقات التي انطلقت لكشف خفايا ما حدث لخاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا ومهما كان مستوى الكذب والتلفيق في الروايتين المختلقتين التي جرى تسويقهما من قبل النظام السعودي ومحاولته لململة ما جرى داخل القنصلية فان العالم اجمع صار مدركا لطبيعة السياسات الممنهجة التي دأبت الاسرة الحاكمة في السعودية في الترويج لها واصرارها على عدم السماح بفتح اي نافذة يمكن من خلالها للرأي الآخر والصوت الآخر ان يشارك في بلورة سياسة بلاده وقد بات واضحا ان جميع العناوين في هذه الدولة هي مجرد ادوات تنفذ ما يرسم لها من سياسات حتى لو كان هذا النهج يقترب من عالم الجريمة والفساد واذا كان هناك من كلمة يجب ان تقال فالاولى ان توجه الى الولايات المتحدة الاميركية واوروبا من اجل اعادة النظر بمواقفهما تجاه نظام سياسي متجبر يمارس الافتراس بحق معارضيه في وضح النهار ويشعل حروبا ويمولها في دول مجاورة وامام مرأى العالم من دون ان يرف له جفن .
د. علي شمخي
جغرافية الافتراس
التعليقات مغلقة