صقوره يسعون للعودة الى الواجهة عبر استغلال وتغذية النعرة القومية والطائفية
السليمانية – الصباح الجديد – عباس كاريزي:
كان لتسمية هيمن هورامي المستشار السياسي لرئيس الاقليم السابق زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني على حساب رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني، كرئيس لقائمة الحزب الديمقراطي لانتخابات برلمان كردستان، اثرا قوي في تعميق الخلافات والفجوة بين جناحي الصقور والحمائم داخل الحزب الديمقراطي.
جناح الصقور الذي يتزعمه مسعود بارزاني ونجله مسرور بارزاني رئيس جهاز امن الاقليم داخل الحزب الديمقراطي، الذي انزوى عقب حملة اجراء الاستفتاء الفاشلة على استقلال الاقليم العام الماضي، والتبعات السلبية التي خلفها على الاقليم، يسعى الى العودة الى الواجهة مجددا عبر التحشيد القومي والتصعيد ضد خصومه خلال حملات الدعاية الانتخابية الذين يتهمهم بالخيانة والعمالة للدولة العراقية.
ويؤكد الكاتب كمال كريم في مقال تحليلي نشره في موقع ايلاف تابعته الصباح الجديد بعنوان «اقليم كردستان يدخل مرحلة ما بعد نيجيرفان بارزاني»، «ان الانظار في اقليم كردستان العراق تتجه الى الانتخابات التشريعية الخامسة التي سينتج عنها، بحسب اكثر التوقعات، خريطة سياسية جديدة في الاقليم،. لكن ابرز ما في هذه الانتخابات هو تزامنها مع تطورات متوقعة داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الاقليم السابق مسعود بارزاني والذي يعد اكبر احزاب الاقليم.
والنقطة المهمة التي يتوقف امامها المراقبون في هذه الانتخابات كما يقول كريم هي اقصاء نيجيرفان بارزاني زعيم جناح الحمائم عن رئاسة قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتكليف شخصية اخرى محسوبة على جناح الصقور، مقربة جدا من مسعود بارزاني برئاسة القائمة.
ويربط الكاتب بين حدثين يؤكدان عمق الهوة والخلافات داخل صفوف الحزب الديمقراطي، وهما اولا المشاركة الباهتة لنيجيرفان بارزاني في الحملة الدعائية لانتخابات برلمان كردستان، التي بدأت في 11 من ايلول الجاري، جراء استيائه من تكليف شخصية مغمورة في الحزب برئاسة القائمة ليس لشيء سوى انها مقربة من مسعود بارزاني.
وثانيهما هو تولي مسعود بارزاني بنفسه قيادة الحملة الانتخابية وافتتاحه الحملة بخطاب في اربيل لم يسمح فيه لغيره، بما فيهم نيجيرفان بإلقاء اي كلمة.
ويضيف الكاتب وفقا لاوساط سياسية مطلعة، الى ان خطة اقصاء نيجيرفان بارزاني الذي يتحكم بمنصبي نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس وزراء حكومة الاقليم، تقوم على شقين، يقسم الشق الاول على مرحلتين: المرحلة الاولى هي اقصاؤه عن رئاسة قائمة الحزب وهي المرحلة التي تم تنفيذها حرفيا، اما المرحلة الثانية فهي اقصاؤه عن تولي منصب رئاسة حكومة الاقليم.
وتشير مصادر من داخل الحزب الديمقراطي الى ان الحزب يعتمد في خطته على امكانية حصوله على مقاعد اكثر في البرلمان الكردستاني تتيح له، بمشاركة عدد من المقاعد المخصصة للأقليات التركمانية والمسيحية، تجاوز حاجز الخمسين مقعدا التي تتيح له تشكيل الحكومة منفردا. وفي حال تحقق هذا الهدف، يصبح الحزب الديمقراطي امام اختيارين: اما ترشيح مسرور بارزاني، الابن البكر لمسعود بارزاني، لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، او تكليف رئيس القائمة هيمن هورامي بتشكيل الحكومة. فاذا تم ترشيح بارزاني الابن يتولى هورامي منصب رئاسة برلمان اقليم كردستان. اما اذا تقرر عدم توليه مسرور بارزاني منصب رئيس الحكومة، ترشح شخصية اخرى للمنصب ويدور الحديث هنا عن هورامي، في حين يدمج مجلس امن الاقليم الذي يتولى مسرور بارزاني رئاستها مع الحكومة وتحول الى وزارة امن الاقليم ويتولى مسؤوليتها مسرور بنفسه، وفي هذه الحالة يكون مسرور هو الشخصية المحورية في الحكومة الجديدة.
يتزعم مسرور بارزاني الشخصية المثيرة للجدل جناح الصقور داخل الحزب الديمقراطي، وهو يفرض سيطرته التامة على الجهاز الامني للحزب وحكومة الاقليم، يعرف عنه بانه يلتزم نهجا امنياً صارما، ولا يتقيد بالمعايير السلوكية والقانونية والحقوقية في القضايا الامنية.
وتؤكد مصادر موثوقة ان مسرور انشأ، الى جانب الجهاز الامني التقليدي، جيشا امنيا مدنيا يضم 1334 عنصرا مدنياً في اربيل يحصل كل منهم على راتب شهري يبلغ مليون ونصف المليون دينار عراقي، اي ما يوازي 1200 دولار اميركي تقريبا، مهمتهم هي الاندساس بين المتظاهرين خلال الاحتجاجات الشعبية وفض التظاهرات والتجمعات الحاشدة، وفيهم مكلفون بالتواجد في الاسواق والطرقات كباعة وكسبة في الاسواق الشعبية وسط اربيل، والى هذا الجيش الامني المدني توجه اتهامات بقتل او اعتداءات على مدرسين وائمة جوامع في اربيل.
ويشير الكاتب كمال كريم الى ان بروز ملامح هذه الخطة وتجلياتها يثير قلقا على ثلاثة اصعدة، لأنها اذا ما نجحت، فهي تعني ان الاقليم يمكن ان يتجه نحو نظام الدولة الامنية وارعاب المجتمع.
فعلى صعيد الحزب الديمقراطي، تشعر النخبة المرتبطة برئيس الوزراء الحالي بقلق شديد لانها ستصبح مهددة في الشك بولائها للحزب كله، لانها تدرك ان التعامل مع نجل رئيس الحزب مسرور امر غاية في الصعوبة، اما على الصعيد الشعبـي، فثمة تخوف على مستوى الشارع من تقلص هامش الحريات العامة، فيما تخشى الاحزاب السياسية من امكانية التعامل مع حكومة لا تتواصل مع الشارع والنخبة السياسية بشكل قانوني وديمقراطي.
وكان زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني مدفوعا بالنتائج التي حققها حزبه في انتخابات مجلس النواب العراقي قد صعد من لهجته تجاه بغداد، مؤخرا قائلاَ،» الشعب العراقي عاقب الوجوه الشوفينية التي وقفت ضد استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان، خلال الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة.
واضاف بارزاني في كلمة القاها خلال الحملة الدعائية لانتخابات برلمان كردستان، أن الشعب العراقي عاقب الوجوه الشوفينية التي وقفت ضد استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان، مؤكداً أن حزبه استطاع تغيير المعادلة وحماية كردستان. واكد بارزاني على ضرورة الالتزام بمبادئ الشراكة في القرار، والتوافق في التشريع، والتوازن في المؤسسات الحكومية، وتنفيذ تلك المبادئ وفق آليات وضمانات واضحة.
كما كشف عن وجود حوار مكثف بين الأطراف العراقية، لتأسيس مجلس أعلى للسياسات والتخطيط الاستراتيجي لكي يصدر القرارات المهمة والاستراتيجية بموافقة ممثلي جميع المكونات وبمشاركة الطرف الكردستاني، ومن أجل منع عودة التفرد الى الحكم.