الحسين يصنع الحياة

عفواً سيدي ابا عبد الله الحسين .. اعلم ان البوح صعب ونادر لاسيما في رحاب العظماء وأنت كبيرهم .. ولكن اسمح لي ان ابوح في رحاب روحك بمكنون روحي المتخمة بالألم ، فأنت ترى مقامي وتسمع كلامي وترد سلامي ..ابدأ بوحي بسلام الله وملائكته ورسله وأحرار الارض عليك ..
سيدي الحسين .. في كل عام نرى الكثير من السلوكيات والمشاهد التي تدعي وصلا بثورتك العظيمة ، ولكنها ليست كذلك ، انما هي ركوب لتلك المبادئ وصولا لأهداف وغايات كنت انت ترفضها ، لأن معتنقيها لا يريدون للناس ان يكونوا احرارا ، كما كنت انت تريد ..
أيرضيك سيدي الحسين ، ان يقوم محبوك بقطع الطرق ليستذكروا ثورتك ويشعلوا من وهج دمائك شعلة الحرية ؟
، أيرضيك ذلك سيدي الحسين ، وأنت الذي حملتَ رضيعك عبد الله مذبوحاً من الوريد الى الوريد بسهم الظلم لكي تبقي دروب الحياة مفتوحة يوم اراد اعداؤك اغلاقها الى الابد ؟ ، موقنين ان بركانا من المشاعر الابوية قد تفجر بين حناياك في تلك اللحظات الفاصلات بين ان تمضي بما جئت من اجله ..أو انك تعود ادراجك من حيث اتيت ، ولكنك في ذلك المفترق كان موقفك عظيما اذهل الكون كله ، فمن عمق ذلك البركان جاء قرارك : امضي على دين النبي.. امضي على طريق صناعة الحياة ، طريق الحرية التي دٌقٌ بابها بدم يدك المضرجة وبوريد طفلك الذي كان يشخب دما عبيطا ، وكأن دم الرضيع الطاهر سال قربانا للحرية التي سعيت من اجلها مضحيا بنفسك واهلك وصحبك ، لترسخ المبادئ التي جاء بها جدك النبي محمد (ص) المبعوث رحمة للعالمين ..
عفوا سيدي الحسين .. أما كان بإمكان هؤلاء العشاق الذائبين وجدا في هواك ان يقيموا قداس عشقهم في الساحات العامة وباحات المساجد والحسينيات لكي لايقطعوا سبيل الحياة على سالكيه وقد يكون بين هؤلاء السالكين طفل يتلوى من سياط الم المرض ويريد اهله ايصاله الى اقرب مشفى ؟ .. ومن المؤكد ان العشاق في تلك اللحظات كانوا يستذكرون رضيعك المذبوح ويبكون من اجله ، من دون ان يعلموا انهم تسببوا في تعريض حياة طفل للخطر ، فثورتك كانت من اجل ديمومة الحياة و رفع الظلم وتحقيق العدالة بين الناس وحماية الطفولة .
عفوا سيدي الحسين .. يا من بذلت روحك وجاهدت في المبادئ الانسانية السامية حق الجهاد حتى اتاك اليقين ، ليتعلم الناس منك كيف يصنعون الحياة ، فكنت وما زلت وستبقى منارا يهدي الامم الى طريق السعادة الحقة في الحياة .. أَيرضيك سيدي ان تتعرض مسيرتك وسيرتك العظيمة هذه الى التشويه وحرفها عن مسارها الصحيح بسبب افعال وسلوكيات لا تمت الى مبادئ ثورتك العظيمة بصلة ؟؟ ..
عفوا سيدي الحسين .. لقد استغل البعض دمك الذي انتصر على سيوف الظلم والظالمين لتحقيق مآرب اخرى ، فحولوا ثورتك الى ما يشبه الخرافة وسعوا بين الناس لتسطيح عقولهم وتثويلها ليسهل بعد ذلك قيادهم .. أَ يرضيك سيدي ان يتاجر هذا البعض بثورتك التي كان ثمنها رأسك الشريف ورؤوس الابناء والأخوة والأصحاب و سبي النساء ؟..أَ يرضيك سيدى ان تُحاصر ثورتُك من جديد وبهذا النحو ؟ فالقوم سيوفهم معك وقلوبهم عليك ؟!.. ولكنك هيهات هيهات ان ترضى بالظلم ، ولو كنت ترضى لهادنت الظالمين لتبقى – حاشاك- ذليلا ولم يخلدك التاريخ وما كان الطغاة يخشونك حد الهلع …السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى الارواح التي حلت بفناء الحسين ما اشرقت شمس وجاء ليل ورحمة الله وبركاته .
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة