من أصل 500 معمل منزلي توقفت عن العمل
نينوى ـ خدر خلات:
افتتح في بلدة بحزاني المجاورة لمركز ناحية بعشيقة أول معمل منزلي لإنتاج المشروبات الروحية الشهيرة، بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي من عموم محافظة نينوى، في حين حذّر صاحبه من ماركات مغشوشة تحمل اسم المنتج نفسه وتغزو الأسواق العراقية منذ عدة سنوات.
وتشتهر بلدة بعشيقة بالكثير من المنتجات، لعل من ابرزها الراشي (الطحينية)، صابون زيت الزيتون، والعرق وغيرها.
وفي فترة الحصار الدولي على العراق، تم افتتاح نحو 500 معمل منزلي لانتاج المشروبات الروحية ، اغلبه كان يصدّر للعاصمة بغداد ومنها لمحافظات اخرى، لكن الاستيراد العشوائي للمشروبات الروحية من تركيا واليونان ولبنان وغيرها، كاد يقضي على المشروب الروحي البعشيقي.
يقول عامر دوملي، صاحب اول معمل يعاد افتتاحه لـ “الصباح الجديد” بعد ان احلت على التقاعد، لم ارغب بقضاء وقتي في المقاهي او امام التلفاز والانترنت، وانا بطبعي احب العمل، وقررت ان افتتح معملا لانتاج المشروب الروحي ( عرق بعشيقة )، حيث الكثير من الاصدقاء والمعارف يشكون من رداءة المشروبات الروحية المستوردة، الذي تأتي منه اولى الشحنات وهو نوعية جيدة، ثم ما يلبث ان يتم غش المنتوج ويكون هنالك نوعيات رديئة تسبب الصداع والعطش وغيرها، لأنها تعتمد على الكحول ومادة اليانسون فحسب”.
واضاف “تمكنت من تجهيز المعدات من خلال بعض الحدادين في الموصل، وباشرت بعملية تخمير التمر، ثم بدأت بالانتاج”.
وحذر دوملي من “وجود العديد من الماركات في الاسواق العراقية التي تحمل اسم (عرق بعشيقة)، لكنها جميعا مغشوشة ولا نعرف اين يتم صناعتها، لان اكثر من 500 معمل توقفت عن العمل، وبقي بضعة معامل في عام 2014، وبعد غزو داعش لمحافظة نينوى لم يعد هنالك أي معمل ينتج المشروب الروحي البعشيقي، وانا اول من اعاد هذه المشروبات الروحية للاسواق”.
مبينا انه “ينبغي وضع ضوابط لاستيراد المشروبات الروحية من خارج البلاد، لان صناعة المشروبات الروحية توفر الاف فرص العمل، بدء من قطف التمور الى زراعة “الحبة الحلوة” ونقل النفط والابيض وعملية الانتاج، وكل فرص العمل هذه اندثرت بسبب فوضى الاستيراد، ناهيكم عن خسارة البلد للاموال بالعملة الصعبة”.
والمشروب الروحي الشهير كان يصنع في الغالب منزليا في بلدة بعشيقة بمحافظة نينوى، وكان يلقى رواجا واسعا في أرجاء العراق لجودته.
لكن انحسرت هذه الصناعة على نطاق واسع بعد فتح الحدود العراقية أمام المنتجات الأجنبية التي غزت أسواق البلاد وسببت انتكاسة للصناعات المحلية نتيجة عدم قدرة الأخيرة على منافستها لرخص أسعارها.
وتدخل في صناعة المشروب الروحي البعشيقي التمور وبذور الحبة الحلوة (رزنايج) والمياه العذبة، فضلا عن بعض النكهات الطبيعية كالتفاح.
ويتم تخمير التمور ببراميل بلاستيكية لمدة اسبوعين في الشتاء، وأسبوع واحد في الصيف حتى يتم تهيئته للتقطير، وتوضع التمور بعد اختمارها في قدر نحاسي ضخم وتغطى بغطاء محكم بلبخة من الطين المعجون مع التبن لمنع تسرب الكحول.
ويسخن بعد ذلك القدر بدرجة حرارة عالية نسبيا، حيث تتبخر التمور وتمر خلال إنبوب نحاسي (2 انج) يخرج من القدر ويمر عبر حوض يبلغ ثلاثة أمتار مملوء بالماء لغرض تبريد الغازات الكحولية الحارة فتتكثف وتتحول الى قطرات من المشروب الروحي البعشيقي الخام.
وبعد الانتهاء من عملية التقطير الاولى، يعاد المشروب الخام إلى القدر مع بضعة غرامات من الماء ومادة الحبة الحلوة (ما يعرف محليا باسم رزنايج) التي تعطي البياض الحليبي للمشروب عند إضافة الماء له، لتتم عملية التقطير الثانية وإنتاج المشروب الروحي البعشيقي.
وينتج الطن الواحد من التمر 450 لترا من المشروب الروحي النقي، ويستهلك 80 كغم من الحبة الحلوة، و 20 كغم من التفاح، إضافة الى مئات اللترات من المياه العذبة وبعض المطيبات.
واشتهر المشروب الروحي المنتج بناحية بعشيقة الواقعة على بعد 17 كلم شمال شرق الموصل مركز محافظة نينوى باسم “عرق بعشيقة” في تسعينيات القرن المنصرم، بسبب رخص سعره وطعمه المميز عن بقية المشروبات الكحولية.