في خطوة أخرى تشدد الضغط السياسي والمالي على القيادة
متابعة ـ الصباح الجديد:
أبلغت الإدارة الأميركية السلطة الفلسطينية أمس الاول الاثنين، رسمياً، قرارها إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير في واشنطن، في خطوة أخرى تشدد الضغط السياسي والمالي على القيادة الفلسطينية لإجبارها على العودة إلى العملية السياسية مع إسرائيل.
وأكدت إدارة ترامب، إغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن متهمة القادة الفلسطينيين بعدم إجراء «مفاوضات مباشرة ومهمة مع إسرائيل». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت قولها في بيان «قادة منظمة التحرير الفلسطينية انتقدوا الخطة الأميركية للسلام حتى قبل الاطلاع عليها ورفضوا التحدث مع الحكومة الأميركية في شأن جهودها من أجل السلام». وأضافت: «قررت الإدارة أن مكتب منظمة التحرير في واشنطن سيُغلق الآن».
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة صائب عريقات، إن الجانب الأميركي أبلغ الجانب الفلسطيني بأن قرار الإغلاق جاء «عقاباً» بعد تقديم شكاوى ضد إسرائيل إلى محكمة الجنائية الدولية. لكن وسائل إعلام أميركية نقلت عن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قوله إن القرار جاء لإجبار الفلسطينيين على العودة إلى عملية سلام «ذات معنى» مع الدولة العبرية.
وردّت السلطة الفلسطينية على قرار واشنطن إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير بتقديم شكوى أخرى إلى المحكمة ضد قرار إسرائيل هدم قرية الخان الأحمر في الضفة الغربية. وقال الدكتور أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المقرّب من الرئيس محمود عباس، إن فريقاً فلسطينياً بدأ الإعداد لتقديم الشكوى إلى المحكمة، مشيراً إلى أن السلطة سترد على القرار أيضاً بإلغاء كل التفاهمات السابقة مع كل الإدارات الأميركية مثل تعهد عدم وقف التعاون الأمني مع إسرائيل وعدم إلغاء الاتفاقات الموقعة معها.
وجمد الفلسطينيون علاقتهم بإدارة الرئيس دونالد ترامب عقب اعترافها بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وقرارها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في كانون الأول الماضي.
واتخذت الإدارة الأميركية سلسلة من الإجراءات العقابية ضد السلطة الفلسطينية في الشهور الأخيرة، أبرزها وقف تمويل «وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم» (أونروا)، ووقف دعم موازنة السلطة، ووقف منحة مقدمة إلى مستشفيات مدينة القدس، وأخيراً إغلاق مكتب منظمة التحرير.
وذكر مسؤولون فلسطينيون إن المساعدات الأميركية التي جمدت بلغت نحو 700 مليون دولار سنوياً، كانت تقدم إلى السلطة وإلى وكالة غوث اللاجئين ومشاريع البنية التحتية.
ويتوقع أن تسبّب هذه العقوبات أزمة مالية للسلطة، لكن المسؤولين يقولون إن عباس لن يتراجع عن موقفه الرافض للمشروع الأميركي المسمى «صفقة القرن»، بعد إخراج القدس وحق العودة للاجئين منه.
وقال عريقات: «بإمكان الإدارة الأميركية اتخاذ قرارات متفردة خدمةً لليمين الإسرائيلي المتطرف، وبإمكانها إغلاق سفارتنا في واشنطن، وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني، ووقف المساعدات بما فيها للتعليم والصحة، لكنها لا يمكن أن تبتز إرادة شعبنا ومواصلة مسارنا القانوني والسياسي، خصوصاً في المحكمة الجنائية الدولية».
وأضاف: «سنتابع هذا المسار تحقيقاً للعدالة والإنصاف لضحايا شعبنا، وحض المدعية العامة للمحكمة على الإسراع في فتح تحقيق جنائي فوري في جرائم الاحتلال الإسرائيلي». وزاد: «لن نستسلم للتهديدات والبلطجة الأميركية».
رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير لدى الولايات المتحدة الدكتور حسام زملط، قال إن «الحقوق الفلسطينية ليست للمساومة، ولا للبيع، ولن نخضع للابتزاز وتهديدات الإدارة الأميركية»، لافتاً أن قرارات إدارة ترامب بمثابة «تنفيذ لطلبات الحكومة الإسرائيلية».
واستدرك أن قرار إغلاق بعثة منظمة التحرير يأتي في سياق «تعهد الإدارة حماية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة».
ورأى أن «هدف هذه الخطوة يؤكد مسألتين، الأولى قلق إسرائيل من التحول في الرأي العام الأميركي تجاه القضية الفلسطينية، ومحاولة الحكومة الإسرائيلية من خلال حلفائها في الإدارة استباق هذا التغير من خلال تجريم الوجود الفلسطيني في الولايات المتحدة، والثانية خوف إسرائيل وحلفائها من طائلة القانون الدولي خصوصاً المحكمة الجنائية الدولية».
وكانت وكالة «رويترز» نشرت مسودة لخطاب بولتون المرتقب أمام الجمعية الاتحادية (جماعة محافظة في واشنطن)، تتضمن إشارة إلى أن بلاده ستتخذ موقفاً صارماً من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وستفرض عقوبات على قضاتها إذا شرعوا في التحقيق في مزاعم عن ارتكاب أميركيين جرائم حرب في أفغانستان. وأضافت المسودة أن «الولايات المتحدة ستستخدم أي وسيلة ضرورية لحماية مواطنينا ومواطني حلفائنا من المقاضاة الجائرة أمام هذه المحكمة غير الشرعية»، وأن وزارة الخارجية الأميركية ستعلن إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن بدافع القلق من المحاولات الفلسطينية لدفع المحكمة إلى فتح تحقيق في سلوك إسرائيل. ورد في المسودة أن «الولايات المتحدة ستقف دائماً مع صديقتنا وحليفتنا إسرائيل».
ويقول بولتون في مسودة خطابه بعد التهديد بمعاقبة قضاة المحكمة: «سنتركها تلقائياً». ووفقاً لمسودة الخطاب، يتابع بولتون: «سندرس خطوات في مجلس الأمن لتقييد صلاحيات المحكمة الشاملة، وضمان عدم ممارستها أي اختصاص قضائي على الأميركيين ورعايا حلفائنا الذين لم يصدقوا على معاهدة روما».