بمشاركة الجيشين الصيني والمنغولي
متابعة ـ الصباح الجديد:
شرع امس الثلاثاء قوات الجيش الروسي في إجراء أكبر مناورات عسكرية في تاريخها بمشاركة الجيشين الصيني والمنغولي بمنطقة سيبيريا وبمشاركة حوالي 300 ألف عسكري. وبينما ينظر الحلف الأطلسي إلى هذه التدريبات العسكرية بنوع من «الحذر» و»عدم الاطمئنان» يرى الكرملين أنها «ضرورية ولا غنى عنها».
تبدأ روسيا الثلاثاء إجراء أضخم مناورات عسكرية في تاريخها بمشاركة الجيشين الصيني والمنغولي، وأكبر من تلك التي أجريت منذ أربعة عقود. ويطلق على هذه التدريبات العسكرية اسم «فوستوك 2018» وتجرى على مساحات شاسعة من سيبيريا ومناطق أخرى تقع في أقصى شرق البلاد .
وعلى هامش المنتدى الاقتصادي في فلاديفوستوك في الشرق الأقصى، يفترض أن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناورات فوستوك-2018 التي تجرى في أجواء من التوتر المستمر مع الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية والنزاع في سوريا والاتهامات بالتدخل في سياسات دول غربية.
كما تأتي هذه المناورات في ظل سياق يغلب عليه توتر العلاقات بين موسكو وواشنطن على خلفية الاتهامات الأمريكية بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم وبعد كشف موسكو عن أسلحة جديدة وقوية تنذر بعودة الحرب الباردة بينها وبين واشنطن، فضلا عن الخلافات حول الملف السوري والإيراني.
وفي تصريح لقناة «روسيا اليوم» قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو»إنها (أي المناورات) تشبه إلى حد ما مناورات «الغرب-1981» لكنها ستكون أوسع نطاقا في بعض المجالات. وسيشارك فيها أكثر من ألف طائرة و300 ألف عسكري وأسطول المحيط الهادئ والأسطول الشمالي وقوات الإنزال بالكامل»، مضيفا «روسيا لم تنظم مثل هذه المناورات منذ عهد الاتحاد السوفيتي في 1981».
«مناورات ضرورية ولا غنى عنها» حسب الكرملين
وواصل الوزير نفسه: «تصوروا أن 36 ألف وحدة من المعدات العسكرية وبينها الدبابات والمدرعات ومركبات المشاة تتحرك في آن واحد، ويتم تدريب كل هذه المعدات في ظروف تحاكي الواقع الحي».
وبخصوص مشاركة الصين بـ3200 عسكري و900 قطعة عسكرية بينها مقاتلات ومروحيات، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري يوسكوف «بأن المشاركة الصينية تدل على أن البلدين الحليفين يتعاونان في كل المجالات».
ولم تكشف بعد روسيا عن تكلفة هذه المناورات الضخمة، لكن المتحدث باسم الكرملين أكد بأنها «ضرورية ومبررة ولا غنى عنها بسبب الوضع الدولي الراهن الذي يتسم عادة بالعداء تجاه بلدنا».
وستشارك كل المكونات الحديثة للجيش الروسي في التدريبات من صواريخ «إسكندر» القادرة على حمل رؤوس نووية ودبابات تي-80 وتي-90 الى الطائرات المقاتلة الحديثة من طراز سوخوي 34 و35. وفي البحر، سينشر الأسطول الروسي عددا كبيرا من الفرقاطات المزودة بصواريخ «كاليبر» التي اختُبرت في سوريا.
وقد شارك 155 ألف جندي في المناورات العسكرية الروسية السابقة في المنطقة، «فوستوك-2014». لكن في مناورات زاباد-2017 (غرب-2017) التي اجريت العام الماضي على أبواب الاتحاد الأوروبي، لم يشارك سوى 12 ألفا و700 حسب موسكو. إلا أن أوكرانيا ودول البلطيق تحدثت عن مشاركة أوسع من ذلك.
تخوفات الأطلسي
وإلى ذلك، يتابع الحلف الأطلسي خبر إعلان روسيا تنظيم مناورات عسكرية كبيرة بنوع من الحذر وعدم الاطمئنان. وقال ممثل الحلف ديلان وايت «إن المناورات الروسية المقبلة تهدف إلى إعداد العسكريين الروس لنزاعات واسعة النطاق».
من جهة أخرى، دعا نواب البلدان المنخرطة في «الأطلسي» في شهر أيار/مايو الماضي، إلى اتخاذ إجراءات رادعة ضد روسيا «لكي تكف من تدخلاتها العسكرية في أوكرانيا وسوريا في مناطق عدة من العالم، فضلا عن تدخلاتها في سياسات الدول، مثل التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونشر الأخبار والمعلومات الكاذبة»، حسبهم.
وتتزامن المناورات العسكرية الثنائية الروسية الصينية مع فرض زمرة جديدة من العقوبات الاقتصادية والمالية من قبل الولايات المتحدة على بعض الشركات الروسية وكبار المسؤولين الروس. الأمر الذي يأجج الحرب الخفية الدائرة بين البلدين في ما يتعلق بالسباق نحو التسلح.
هذا، ودعا الرئيس الروسي إلى «التفكير في الرد المناسب لهذه العقوبات عبر تعليق الاتفاق بشأن الصواريخ النووية مع واشنطن ونشر أسلحة نووية في بلدان عدة بينها سوري».
السماح للنساء بالتدريبات عسكرية
فيما رأى فلاديمير غوتينيف، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما للسياسة الاقتصادية والتنمية، أن «الضغط على روسيا سيزداد في المجال العسكري، بما في ذلك محاولة عرقلة مبيعات الأسلحة الروسية إلى بلدان أخرى».
وقال في هذا الخصوص: «نحن نرى أن الأمريكيين الآن يتحدثون عن فرض عقوبات على الدول التي ستشتري أسلحة روسية. وينبغي الاستماع إلى رأي بعض الخبراء الذين يقولون إنه يتوجب على روسيا تعليق تنفيذ اتفاق عدم نشر التكنولوجيا الصاروخية وكذلك أن تحذو حذو الولايات المتحدة وتنشر في خارج البلاد أسلحة تكتيكية نووية. وأنا لا أستبعد أن تكون إحدى الدول التي ستنشر فيها الأسلحة هي سوريا، حيث يوجد عندنا قاعدة جوية محمية».
وتعافت روسيا من الأزمة السياسية والاقتصادية التي عرفتها مباشرة بعد سقوط جدار برلين وفي ظل الرئيس بوريس ألتسين. وعززت مع مرور السنوات موقعها في العالم في ظل حكم الرئيس بوتن وأصبحت تلعب دورا رئيسيا في حل بعض الملفات مثل الملف السوري والإيراني فيما طورت قدراتها العسكرية لتفرض نفسها لاعبا دوليا أساسيا بجانب الولايات المتحدة.
وفي سياق متصل، قررت روسيا السماح للنساء بالقيام بتدريبات عسكرية والانضمام إلى الجيش، حسب وزير الدفاع الذي أكد «أن المؤسسة العسكرية تدرس حاليا المهن التي يمكن أن تعمل فيها النساء».