سمير خليل
يواصل المسرحي المبدع الدكتور مثال غازي ألقه بالكتابة المسرحية، ومد وشائج التلاقح والمشاركات مع المسرح العربي، حيث يشد الرحال صوب العاصمة المصرية القاهرة مع مسرحيته «رائحة حرب» التي ستضيئ ايام مهرجان القاهرة المسرحي التجريبي في دورته (25) .
«رائحة حرب» تأليف مثال غازي، ويخرجها المخرج المبدع عماد محمد، من انتاج دائرة السينما والمسرح ضمن اعمال الفرقة الوطنية للتمثيل، وستمثل العراق لأول مرة في المهرجان الذي تنطلق فعالياته في العاشر من الشهر الجاري، وهي من بطولة الفنان الكبير عبد الستار البصري، والفنانة القديرة بشرى إسماعيل، والفنان المتألق يحيى إبراهيم، إضافة الى امير احسان. (الصباح الجديد) حاورت الفنان الدكتور مثال غازي عن مسرحه، ومسرحيته التي تحدث عن موضوعها قائلا: « تتحدث المسرحية عن عائلة مكونة من الجد والجدة والحفيد، يمثل الجد الماضي بكل ملابساته واسقاطاته الاجتماعية والسياسية فهو يمثل الرجعية والسلفية، اما الجدة فتمثل الحياة، بينما يمثل الحفيد المستقبل المشوش، والعمل يتجاوز الحكاية التقليدية في بنائه، ويشكل في الوقت ذاته وثيقة ادانة حقيقية للحرب بكل تبعاتها.
وتابع: النص يمتاز بالتكثيف العالي، وبلاغة الجملة طاغية. اختزال كبير بالصور، ويعتمد العرض التقنية الرقمية، إضافة الى ممكنات الممثل العالية، لذلك اعتمد المخرج الكبير عماد محمد هذه التقنية، والتي تعد سمة لازمة في اعماله، ومن هنا تم اختيار مسرحية رائحة حرب للمشاركة في هذا المهرجان كعينة بحث لإدانة الحرب، إضافة الى عمل من سوريا ولبنان، حيث تساوقت فكرة المسرحية مع المحور النقدي الذي يعني فكريا ونقديا بمفهوم (المسرح تحت اصوات المدافع والقنابل.
وهل هناك تقارب بين ما تكتب وما يكتب المسرحيون العرب؟ والى اي حد؟
ليس بالضرورة ان يكون هناك تقارب اسلوبي بيني وبين اي كاتب عربي، فلكل كاتب شخصيته وبصمته واسلوبه، ولكن ما يميز العراق تحديدا، كتاب المسرح، وانا اعد نفسي امتدادا لأجيال سبقتني، واكن لهم كل الاحترام ومنهم الاستاذ عادل كاظم، وفلاح شاكر، وخزعل الماجدي، ومحيي الدين زنكنة. تعلمت من هؤلاء قوة وصياغة الجملة المسرحية، والعناية بالحكاية، والتي تعد اساس كل نص، إضافة الى أني اعتمد أكثر من اسلوب ولون وطريقة كتابة في طرحي لنصوصي، فكل حكاية لابد لها من صياغة محددة «.
وأضاف: «عندما اعتمد العبث مثلا فانا لا اكتب بالطريقة المفخمة، والصياغة والعناية الكبيرة بالمعنى، وكذلك حين اعتمد فكرة مقتبسة عن مسرحية عالمية، لذلك ارى ان لكل حكاية قالبها، وهذا الاسلوب أجد نفسي به، ولعلي اختنق عندما أوضع في زجاجة ضيقة اسمها المنهج، فانا كتبت كل المناهج، العبث، والكلاسيكية، والتعبيرية، وهذا ما يجعلني اجد في النص متنفسي في هذه الحياة.
. * هل عرضت مسرحيات لك خارج اطار دائرة السينما والمسرح؟
«ربما اسهمت مسرحياتي في اغلب المهرجانات المسرحية على مستوى الوطن العربي، من دون استثناء، وكذلك المهرجانات الدولية، ومسرحياتي لم تكن حبيسة اسوار المسرح الوطني، او دائرة السينما والمسرح، فقد عرضت في العديد من المهرجانات العربية مثل مهرجان الهيئة العربية للمسرح، ومهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، ومهرجان المسرح العربي، ومهرجان دمشق المسرحي، كما عرضت مسرحياتي في المانيا، واليابان، إضافة الى ان هناك اتفاقا قريبا مع مخرج عربي للتفاوض بشأن عرض احدى مسرحياتي المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن انا لا اميل لعرض مسرحياتي بعيدا عني، وبعيدا عن الحاضنة الحقيقية لبيئة الحدث الرئيسة. مسرحياتي تجد نبضها الحقيقي على خشبات المسرح العراقي. العراق، الحاضنة الام التي نسعد ونفرح حين ننجح في عرضها داخل الوطن ولا بديل لذلك.»
هل تجد ان مسرحنا العراقي يعيش ازمة حقيقية ؟ وهل تنسحب هذه الازمة على الكتابة المسرحية والنقد المسرحي ؟ كيف السبيل الى الخروج من هذه الازمة؟ «ليست هناك ازمة بمعنى الازمة، فالمسرح لا يمكن ان يعيش في ظل الفوضى والاهمال والتهميش، المسرح حرية، وهو يمثل ضمير الامة وشرفها، وعندما تعمل تحت لافتة المسرح العراقي، لابد ان تكون قويا وصلدا كالحجر كي تستمر وتقاوم الظروف الصعبة، فمسرحيونا اعتادوا على حالات الحرب، والتقشف، والإهمال، والتسييس، والأدلجة، الا انهم كانوا دائما يتمردون على القاعدة، كي يثبتوا انهم أقوياء، والآن بعد هذه المتغيرات الهائلة وهذا المخاض العسير الذي ما زلنا نعيشه، نجد ان المسرح العراقي حي. لقد عودتنا الأنظمة الشمولية السابقة ان نعتمد اعتمادا كليا على الحكومة المركزية، وهذه المعادلة خاطئة، اذ لابد ان يجد الفن متنفسه خارج تلك الوصاية المقيتة، وهذا لا يتم برأيي الا بوجود قانون نخلق فيه بيئة جديدة للتمويل الفني، كي يجد المسرح متنفسه الحقيقي «.
مثال غازي الذي اغنى المسرح العراقي بمؤلفاته الرصينة، لديه مؤلفات مطبوعة هي مسرحيات (ما لا يأتي)، و(الظلام)، و(دم يوسف) عن دار الشؤون الثقافية في بغداد، ومسرحية (عبد الله بن الزبير) في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، ومسرحية (التخمة) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
شغل مناصب إدارية عدة، وحصل على جوائز عديدة اهمها جائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة محمود تيمور في مصر.