المرأة الباكية لبابلو بيكاسو.. النساء آلات من المعاناة

بغداد – الصباح الجديد:

لوحة زيتية مرسومة على قماش كتاني من قبل الفنان الإسباني بابلو بيكاسو في فرنسا عام 1937م. كان بيكاسو مفتونا بموضوع هذه اللوحة، إذ قام بإعادة النظر في الصياغة الشكلية للموضوع عدة مرات في ذلك العام.
كانت هذه اللوحة، اللوحة النهائية والأكثر زخرفةً وديناميكية، والتي نتجت عن سلسلة من التجارب الفنية.
كانت دورا مار عشيقة بيكاسو منذ عام 1936م وحتي عام 1944 م. وخلال علاقتهما، قام بيكاسو برسم لوحات لها في عدد من المظاهر، كان بعضها واقعي، والبعض الاخر رقيق، والبعض الآخر يجسد التعذيب أو التهديد.
يصف بيكاسو اللوحة فيقول:» إنها كانت المرأة الباكية بالنسبة لي، فلقد قمت برسمها لعدة سنوات في أشكال التعذيب، وليس من خلال السادية، وليس من خلال السعادة أيضاً، كانت مجرد رؤية مطيعة تفرض نفسها عليّ، لقد كانت تمثل الواقع العميق، ولم تكن تمثل الواقع السطحي».
«لقد كانت دورا، بالنسبة لي، هي المرأة الباكية دائماً.. وقد كان ذلك مهماً، لأن النساء عبارة عن آلات من المعاناة.
لقد كانت المرأة الباكية في معرض تيت، آخر لوحة في سلسلة رسومات بيكاسيو التي تجسد الموضوع. وقد سُرقت إحدى النسخ من المعرض الوطني بفيكتوريا في ملبورن بإستراليا في اب أغسطس عام 1986م، وعثر عليها في خزانة محطة سكة حديدية لاحقاً في ملبورن في الشهر نفسه. وتمثلت مطالب السارقون في زيادة تمويل الفنون.
يقول د محسن عطيه الوجه المؤرق في لوحة» المرأة الباكية «(1937) التي رسمها «بابلو بيكاسو»(1881-1973) بألوان متصارعة من الأخضر والأزرق الحزين، ومن الملامح المتكسرة يسمح لصوت الصراخ المكتوم بأن يدوي، وللوهن الممزق بأن يحس. وتعكس المنحنيات والخطوط التي تهبط وتصعد في كل الاتجاهات قوة الاندفاع الإبداعي، والمقدرة الفنية على تحويل حالة الانهيار العصبي الذي عانت منه» دورا مار»، بسبب تدهور علاقتها مع» بيكاسو «إلى علاقات جمالية.
ويضيف: تتضمن اللوحة حيلاً من أجل زيادة عدد زوايا الرؤية . وفى الصورة التكعيبية «دأب الفنان على النظر من خلال نقط متعددة بحيث يفتت صورة الشيء إلى أجزاء، ثم يتخذ من أحد هذه الأجزاء مركزاً للأجزاء الأخرى، بحيث تظهر وكأنها انعكاسات للجزء الأول. كان باستطاعة «بيكاسو» تحويل المحسوس إلى مجرد، والعبور خيالياً عبر الزمن «كما استخدم أطراف الجسم والعينين والأنوف من أجل التعبير عن شتى الرغبات الخفية، ووضح تأثير الحركة المتجمدة في صور الوجوه المرسومة، وبخاصة التي بدت أسيرة.»
ويتابع: أما اختفاء أجزاء من موضوع الرسم عن مجال الرؤية فإن غيابه يعد جانباً من وجوده المجازي، في حالة إذا ما ربطت العناصر بعضها ببعض. ولقد تطورت الضغوط النفسية عند «بيكاسو» وتحولت إلى تقنية ذات طابع غريب، وكانت عين الفنان تعمل بفسيولوجية مختلفة، وتفسر بطريقة مختلفة. وبدت الوجوه توحي بأقنعة السحر، واتخذت الأنوثة طابعها الذي يتنافى مع الرقة، فهي قلقة وتجسد أشواقاً بدائية وانفعالات وخيالات، كينبوع لا ينضب للمشاعر الغامضة، حتى تحولت إلى حقيقة روحية واكتسبت قوة سحرية. وقد كان للرمز في الأساطير وقت أن كانت نفس الإنسان مفعمة بذاتها، تنطلق منها وتعود، ميل «نحو التعبير عن الغامض الذي تعانيه النفس، ولا تعيه «.
وكتب يقول: قد تكون الصورة التي رسمها «بيكاسو» لـ»دورا مار» في لوحة «المرأة الباكية» هي الصورة المترسخة عنها في لا شعوره. وتتحدى هذه اللوحة التمثيل السلبى للأنوثة كنوع من الهجوم على الرموز البصرية لصناعة الجمال، حينما ترسم المرأة «بوصفها قالبا نمطياً، أو موضوعاً لتحديق الرجل فيه في إطار التقاليد البصرية للفنون الرفيعة، وإنما رسمت كفكرة صورية مناقضة لمعايير الجمال الظاهري للمرأة، ومعادية لمبدأ الإغراء في أسطورة الجمال، وترفض تقييدها في صورة كاذبة مثالية لشيء جامد.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة