لم تتعامل المنظومة السياسية الجديدة في العراق مع مشاكل العراقيين بواقعية ولم تؤطر رؤاها وافكارها تجاه الحلول لهذه المشاكل بصدقية وحين يبرر رئيس الوزراء حيدر العبادي واعضاء حكومته مايحصل في البصرة من تدهور على كل المستويات بانه من موروثات النظام السابق او يحاول رمي تبعات مسؤولية الاخفاق والفشل على السنوات المنصرمة فانه هنا يدين نفسه ويدين فريقه الحكومي من حيث يدري او لايدري فالمنظومة السياسية الحاكمة تعلم والعراقيون جميعا يعلمون بان الدولة العراقية ومنذ دخول البلاد في مغامرات الحروب ومرورا بسنوات الحصار العجاف تعرضت الى الاهمال وماعاد النظام السابق قادرا على الايفاء بالالتزامات والحقوق التي كان الشعب العراقي يتطلع اليها والمتمثلة بالعيش الكريم وتوفير ابسط مستلزمات الخدمات وان البنى التحتية في العراقية قد اصابها التدمير والخراب وان كل مافعله النظام السابق هو حملات اعمار واصلاح المشاريع الستراتيجية التي تمكنه من البقاء من دون التفكير بتطويرها او توسيعها نظرا للعقوبات الدولية المفروضة عليه انذاك الا ان هذا الواقع المتردي استحال الى فاجعة وكارثة من خلال الاهمال والتهميش والفساد الكبير الذي مارسته الحكومات السابقة تجاه ملف الاعمار والبناء في العراق وخلافا لما هو متوقع لم يفعل المسؤولون في العراق لا في السلطة التشريعية ولا في السلطة التنفيذية اية خطط او افكار او اقتراحات جرى الحديث عنها والتبجح بالقدرة على انجازها سواء اكانت تلك التي تمخضت عن المؤتمرات الدولية لاعمار العراق او تلك التي تمخضت عن اجتماعات الجمعية الوطنية او مجلس الحكم او مجلس النواب او مجلس الوزراء فيما بعد وبقيت جل هذه الخطط والمشاريع حبر على ورق في وقت تفاقمت فيه مشاكل العراقيين في الشمال والوسط والجنوب وتضاعفت معاناة مدن كبيرة مثل البصرة جنوب العراق وترتب على هذا الاهمال والتهميش تصاعد موجات الغضب والسخط على الاداء الحكومي الفاشل وانشغال الاحزاب السياسية على مدى خمسة عشر عاما بمصالحها الخاصة وبرزت في العراق تحديات اكبر تمثلت بزيادة كبيرة في اعداد السكان وحاجتهم الى المزيد من الخدمات ولم تعد البنى التحتية تتسع او تكفي لتلبية التوسع في الانتشار السكاني على الارض وفي كل هذه التحديات لم تقدم الحكومات العراقية المتعاقبة سوى حلولا ترقيعية استهدفت تجميل عناوين احزابها السلطوية من دون الالتفات لاي اثار بيئية او صحية ناجمة عن القصور في اداء الوزارات العراقية عامة ووزارة الصحة والبيئة والاعمار والاسكان والتربية والتعليم خاصة حيث كابد ويكابد ملايين العراقيين من اجل حصول ابنائهم على حقوقهم مثلما يحصل في كل دول العالم ويمكن القول ان هذه الحلول الترقيعية التي دابت على تقديمها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية هي ترجمة حقيقية لمرحلة الفشل والاخفاق وبالتالي فان حركة الاحتجاجات والتظاهرات التي يشهدها العراق هي رد فعل حقيقي وصادق لهذه الحلول ورفض لمحاولات الالتفاف والكذب بعد ان ادرك ابناء الشعب العراقي بان مايسمعه ومايقراه عن الانجازات هو مجرد وهم وان ماسطر على الورق لايتطابق مع مايعيشه على الارض .
د. علي شمخي
الترقيع ليس حلا !
التعليقات مغلقة