علي خليل الجنابي
دول كثيرة قريبة منا تطورت فيها التنمية الاقتصادية بشكل ملحوظ جداً فأصبحت تضاهي المدن العالمية بجماليتها ونظافتها واليد العاملة فيها وارتفاع مستوى دخل الفرد حتى جعلت موازناتها غنية المصادر بعدما كانت تعتمد النفط أساساً لها في الإيرادات.
وهذا لم يأت من فراغ إنه أسلوب العصر (الاستثمار أجنبيا و محلياً ، باستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والحفاظ على الأموال المحلية لتستثمر داخليا مما يوفر فرص عمل كبيرة وإيرادات مهمة للدولة لا يستهان بها.
لكن: هل يمكن استقطاب الأموال الأجنبية من الخارج وتشغيل الأموال المحلية من دون ضمانات وخاصة مع دولة فيها مشكلات أمنية واقتصادية وغيرها؟ الجواب بالطبع لا من دون ضمانات ,والدول التي نجحت في موضوعة الاستثمار وضعت ضمانات للمستثمر في قوانينها وهي لا تعاني من أية مشكلات .
قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 المعدل وضع ضمانات حقيقية وجدية للمستثمر إيماناً من المشرع بأهمية الاستثمار ودوره في التنمية الاقتصادية للبلاد وأرى فيه قانوناً جميلا يفي بمتطلبات الاستثمار لكنه يحتاج للمراجعة في بعض الجزئيات.
عرف المشرع الاستثمار في المادة الأولى فقرة سادساً بأنه: توظيف رأس المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بمنفعة على الاقتصاد الوطني وفقا لأحكام هذا القانون.
وضع المشرع ضمانات للمستثمر تتمثل بـ:
1. النص في المادة الثانية فقرة رابعاً حماية حقوق وممتلكات المستثمرين.
2. استثناء العقارات التي تخصص لإقامة مشاريع استثمارية عليها من احكام القوانين والقرارات التالية:
أ – قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (21) لسنة 2013 وتحدد أسس احتساب بدلات البيع و الإيجار على وفق نظام يصدر لهذا الغرض.
ب – قانون إيجار أراضي الإصلاح الزراعي للشركات الزراعية والأفراد رقم (35) لسنة 1983 وقانون إعادة تنظيم الملكية الزراعية رقم (42) لسنة 1987 وقانون تأجير الأراضي الزراعية المستصلحة رقم (79) لسنة 1985.
ج – قانون الاستثمار الصناعي رقم (20) لسنة 1998 في شأن احتفاظ المستثمر بقطعة الأرض المخصصة له بموجب أحكامه .
د – الفقرة(ثانيا) من قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (850) في 5/7/1979 المعدل بالقرار رقم (940) في 21/12/1987 .
هـ – قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المرقمة (581) في 5/5/1981 و (1187) في 18/9/1982 و (222) في 26/2/1977 و (165) في 1/1/1994.حيث إن هذه القوانين تمثل عائقاً للاستثمار وتمس بضمانات المستثمر.
3. يجوز للمستثمر إخراج رأس المال الذي أدخله إلى العراق وعوائده على وفق أحكام هذا القانون وتعليمات البنك المركزي العراقي وبعملة قابلة للتحويل بعد تسديد التزاماته وديونه كافة للحكومة العراقية وسائر الجهات الأخرى .
4. يحق للمستثمر توظيف واستخدام عاملين من غير العراقيين في حالة عدم إمكانية استخدام عراقي يملك المؤهلات المطلوبة وقادر على القيام بالمهمة نفسها على وفق ضوابط تصدرها الهيئة.
5. منح المستثمر الأجنبي والعاملين في المشاريع الاستثمارية من غير العراقيين حق الإقامة في العراق وتسهيل دخوله وخروجه من العراق واليه.
6. عدم المصادرة أو تأميم المشروع الاستثماري باستثناء ما يتم بحكم قضائي بات. فالعراق كانت لديه تجربة مع التأميم وخاصة في مجال النفط حيث أمم العراق شركات نفطية وأحدث صيحة كبرى في الاستثمار النفطي العالمي فوضع المشرع هذه الضمانة من أجل تعزيز الثقة بالاستثمار في العراق.
7. عدم نزع ملكية المشروع الاستثماري إلا للمنفعة العامة كلا او جزءا و بتعويض عادل, كان الأجدر بالمشرع أن يضيف عبارة (وبحكم قضائي بات) أي أن لا تنزع ملكية المشروع الاستثماري إلا للمنفعة العامة كلا او جزءا وبحكم قضائي بات وبتعويض عادل كي يعزز الثقة للمستثمر للاستثمار في العراق ولا يجعل نزع الملكية بقرار إداري و يجعلها بيد القضاء على وفق قانون الاستملاك فالكثير من المستثمرين الأجانب لا يفضلون القرارات الإدارية ويحترمون قرارات القضاء كما هو معمول في بلدانهم فالعبارة جاءت مطلقة و الإطلاق يجري على إطلاقه مالم يتم تقييده بنص خاص فيجعل إمكانية نزع الملكية بقرار إداري أو قضائي وإن كان المشرع يقصد من وراء النص هو النزع القضائي للملكية وليس النزع الإداري إلا إن ذلك يتطلب نصاً لتعزيز ثقة المستثمر.
8. للعاملين الفنيين والإداريين غير العراقيين في المشروع أن يحولوا رواتبهم وتعويضاتهم إلى خارج العراق وفقا للقانون بعد تسديد التزاماتهم وديونهم تجاه الحكومة العراقية وسائر الجهات الاخرى,هذه الضمانة تحقق مرونة في ما يجنيه العاملون الأجانب داخل العراق وإمكانية تحويل أموالهم خارج العراق حيث إن العراق يضع قيوداً على التحويلات المالية إلى الخارج وهذه الضمانة تحررهم من القيود وتعزز ثقة المستثمر.
9. أي تعديل لهذا القانون لا يترتب عليه أي أثر رجعي يمس الضمانات والإعفاءات والحقوق المقررة بموجبه, أي إن أي إجازة استثمارية يتم منحها على وفق قانون الاستثمار يستفيد المستثمر من الضمانات فيه وإن أي تعديل يمس الضمانات هذه لا تسري عليه ويبقى محتفظاً بضماناته على وفق القانون القديم وهذه ضمانة مهمة للمستثمر.
يعد قانون الاستثمار العراقي من أرقى قوانين الاستثمار في المنطقة ألا إن عجلة الاستثمار تسير ببطء في العراق لأسباب سياسية وأمنية تعد مؤقتة وسيشهد العراق في توقعي نقلة نوعية كبرى في جانب الاستثمار إذا بقي هذا القانون ساري المفعول ,ألا إنه يحتاج الموضوع إلى حزم من مجلس الوزراء وهيئة الاستثمار الوطنية ووضع خطط جادة من توفير الأراضي والإمكانيات من أجل النهوض بهذا القطاع والترويج الإعلامي والتثقيف الاقتصادي بأهميته و دوره في التنمية الاقتصادية فهناك تخوف من الجهات الإدارية من منح قطع أراضىٍ للمستثمرين وحتى بعض منهم لا يعرفون قانون الاستثمار جيدا ولا أهميته الاقتصادية.
*مشاور قانوني