اسماعيل ابراهيم عبد
المرحلة الاولى رواية الرسالة الاكاديمية
تشمل على تقانيات البحث او المقالة , او سمات الرسائل والاطاريح الجامعية , وقد تميزت بالمبالغة ببلاغة اللغة التقليدية , وجعلت موضوعاتها تراثية تماما , ولم تتبين لها ملامح فنية مستقلة عن الشعر والمقالة , سوى بكونها ذات موضوعات نثرية تخص الوقائع الحكائية ذات الهدف الاخلاقي.غطت الحقبة من بداية القرن 1919 حتى عام 1939 : المصدر , القصة العراقية د. عبد الاله احمد.
المرحلة الثانية الرواية الايقاظية
وهي روايات تميزت بموضوعاتها ذات الطابع السياسي , واللغة التقليدية, والموضوعات الاجتماعية , وقد شملت روايات عبد الحق فاضل مجايليه من الروائيين : المصدر بشير حاجم , مؤتمر الرواية للعام 2015 .
المرحلة الثالثة الرواية الانشائية
يراها تودوروف عام 1968 « الرواية التي تتضمن فنية الأثر الأدبي التي تهتم بمظاهر العمل الأدبي من حيث , القولبية والتركيبية والدلالية , ونقدها يهدف الى معرفة القوانين المتحكمة في ولادة كل أثر , وهي نبوئية بطرف وإيحائية بطرف, والتأول يسبقها ويلحق بها»( ).
ونرى انها في العراق قد امتدت من الحرب العالمية الثانية حتى عام 1980 .
المرحلة الرابعة : الرواية ما بعد انشائية
هي المرحلة التي تطور فيها فن الرواية العراقية بين العام 1980 حتى العام 2010 اذ ان (الرواية لما بعد الانشائية) تمثل التطورات التي تجترحها الرواية الحديثة عند تمتعها بميزة تجاوز النظم التقليدية والتنافذ مع التناصات الجديدة للخلائط النصية وتعطي للمؤلف حق التدخل وتوجيه الرواية معرفيا وتداولياً وسنجد التطبيقات الاجرائية تثبت بأنها تحمل صفة الرواية الحديثة فضلاً عن طاقتها الخاصة في إنماء طاقة التأويل .
وقد غطيت هذه المرحلة بدراسة لـ (67) رواية عراقية , بكتاب من 7 فصول وبـ 532 صفحة من القطع الكبير.
واستطيع ان احدد ملامحها بالآتي :
1 ـ تتميز اللغة بكونها علائمية اشارية سواء في جمل الوصف او الروي.
2 ـ توليد الجمل الصورية , الذهنية والمرئية , والتفنن في تلغيز دلالاتها.
3 ـ تحيين العالم المروي بتحيين دلائل الإدراك وتحيين قوى السرد .
4 ـ تطوير وظائف الشخوص بوضعها كوظائف لفاعل وجهة النظر , وكونه شخصية معقدة ممتعة , فضلا عن انتاجه للدلالة الروائية , وكونه محفزا لدينامية تواصل الوصف والحدث . هذا يتآلف مع بيئة الروي من جانبيه التوسط الحكائي والاكمال الهيكلي.
5 ـ تعدد اشكال الرواة فهم عليمون , وقائعيون , اخباريّون , كهانيّون , مراقبون ساكنون , رواة رتب الاهميات , رواة اللا أحد , راوة مدونات التذييل , رواة القراءات .
6 ـ لعل اهم ظاهرة دلالية للمدونات الروائية هي اهتمام الروائيين بما يسمى بقضوية المرجع الروائي , اي ارجاع القول الى تناص ورائي وما وراء لغوي , إذ يعتمد على لجوء السرد الى تحطيم الزمن بالعودة نحو الوراء الزمني عبر الفلاش باك , والقفز الى امام عبر الباراسيكلوجيا .
7 ـ تتميز روايات هذه المرحلة بانها تتيح فرصة لقراءة القصة القصيرة في الرواية .
8 ـ تتيح الرواية ـ لما بعد الانشائية ـ مجالا للتأويل المتنامي , اي تفسير الوقائع والتعابير بطريقة تطور وتشعب الفهم الدلالي للفرد القارئ الواحد كلما تقدم في القراءة نحو نهاية الرواية.
المرحلة الخامسة : الرواية المعرفية
وهي المرحلة التي نعيشها الآن , وميزتها الاساس اثارة التشاكل الثقافي للرواية عبر :
أ ـ التداول
التداول القرائي والتشاكل الثقافي لم يخضعا للقياس والإحصاء حتى الفترة القريبة , لكن يمكن التعويل على خصائص الروي في تقدير حجم ومساحة كل منهما , ونخمن انها تتصف بالآتي :
1 ـ سهولة وسلاسة وقصر جمل الرواية يساعد الراوية على إيصال المضمون الى قدر مهم من القرّاء .
2 ـ واقعية الحوادث الروائية , وغوصها في التحقق اللاحق من لا يقينية المرويات التاريخية عبر تحايثها التناصي المخاتل الذي يموّه الروي ويعطيه قدرات قرائية , نفعية متجددة .
3 ـ اقتراب الروي من السرد السينمائي يسهّل على قراء اللذة ملاحقة أحداث الرواية كأنهم يرون فيلماً , وهذا ـ تداول ـ لصالح الكاتب والناقد .
4 ـ صراحة ونضج وواقعية الموقف الفني والاجتماعي يسهّل للباحثين عملية الكشف عن الثيم والبنى , والمواقف الأخلاقية للكاتب .
5 ـ سهولة السرد في الروي تحيل الى معرفة عدد ونوعية القرّاء وطبيعة آرائهم , وهو ما يفيد الدرس والأرشفة والتذوّق والمتعة .
ب : فتوّة الروي وأزلية القيم
إن فتوّة الروي مستوى من الروي يحدد القيم التي توزع أمثلة الخير على ـ بلاغة الرواية , القصة , المثيولوجيا ـ ويتكفل ببناء روائي متجه , كضرورة , الى قيم عُليا في الثقافة والفن والتأثير الاجتماعي , إذ هي قيم كافية لتُعزز قراءات مُجيدة , وقص مثابر , وأفاهيم فنية رصينة .
حين نُذَكِّر بهذه القيم نريد أن نُخرج المضمون الى التداول بشكليه الاجتماعي والتقني , ولنا أن نخمّن مواصفات الروي المحققة لذلك بالآتي :
1 ـ ضبط الإيقاع الزمني للتاريخ والروي .
2 ـ تركيب البؤر الدلالية بصورة بث شعاعي , افقي وعمودي , يستهدف التميز الذاتي للكاتب .
3 ـ الحياة في الرواية حياة جدّية وجديدة , تعيد الاحترام للمكانة الثقافية , وللوعي الجماعي.
4 ـ إيقاف ذلك التعالي المبالغ به والذي يتهم الجمهور بدونية القراءة , والذي قد يكون معكوساً في قول العموم من الناس : إن المبدعين هم بشر ساذجون لن يقتربوا من السلوك السوي للناس .
5 ـ الخلط المضموني قيمة حضارية ..
ج : التداول الروائي واللغة
في مركزية التكثيف الإعلامي , لمحاولة كسر الإنغلاق الثقافي , تقوم الفنون بأدوار مهمة لإيجاد فعل حضاري , ثم فعل تقني , ومن ثم فعل إجتماعي , يتقبل فرائض الفنون والتقنيات ومنظومات التواصل الإنساني , ولأجل اغناء الاعلام , والتوصل وإياه , الى نتائج تضامنية بين المنتجين والمستقبلين .
لأجل هذا صار هدف العلم مزدوجاً , خدمة الإنسان , وتطوير إمكاناته المادية . اما الفنون فقد اخترعت مفاهيماً تناسب الاتجاه الإنساني الهادف الى تحقيق التضامن والتعاون والأمن والسلام في العالم باستثمار التطور لصالح تهذيب الذوق , وإعادة النظر في مراتب وأدوار ومقامات التخاطب للشرائح الاجتماعية .
للرواية , كواحدة من آليات مشتركة بين (الفن , الاعلام , المجتمع) , أهمية خاصة في حسم التواصل الإنساني والتقني لصالح التطور والإصلاح والسلام , والسعادة الروحية والجسدية والقيمية .
هذه الأهمية المتعلقة بفنّيْ العصر الأساسيين , الصورة والرواية , تحتم وجود (شُرعة أو نافذة) للأخذ والعطاء لتأصيل الفعل الحضاري لصالح الفرد والجماعة .
د ـ اعادة اكتشاف الرواية المقامة
اننا سنوصف الرواية المقامية بكونها تعميق وتجذير للوسيط الثقافي (الروي) بين الارث والابتكار لما بعد الحداثة .
لقد تميزت نماذج الرواية المقامية بالآتي :
1 ـ بساطة اللغة ووضوح الأُسلوب وخصوبة الأفكار .
2 ـ الحفاظ على السرد كطاقة اقناع مشيعة لفهم الجمال النفعي .
3 ـ الميل الى الحكاية الساخرة في الروي .
4 ـ التركيز على كسر النظم السردية السائدة .
5 ـ أبطالها هم من المهمشين , الصعاليك , المنحرفين , المضطهدين , المعارضين , الخمارين , الرعاع , الايديولوجيين المحبطين …الخ …
هـ ـ خفة الروي
وهو ـ الآن ـ يتخذ اداة لتسويق الفضائح الثقافية والذكورية والسلطوية , ولقد سوق الروائي العراقي خفة دمه وحبه للتفكه والطرافة , عبر العمل الروائي , فوظفه في فضح القوى المهيمنة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا , وارى ان الخفة , اي سرعة الاحداث وبساطة وعمق اللغة , قد اتخذت من الادب الاجتماعي الساخر , والجنس , طريقين أساسيين في تزجية ونشر فضائح الهيمنات بأنواعها جميعا , ومع ذلك فما زال الطريق طويلا امام الروائي العراقي لانضاج فاعليه هذا الاتجاه.
و ـ تنظيم فعل اشتغال التداول التسويغي
اذ عبر تفاعل قوى الانتاج الروائي مع ادوات التواصل والتبادل المعرفي متعدد الاطراف والانساق , بما يشكل دائرة معرفية معلوماتية تداولية , تعتمد التسويق والتواصل الالكتروني الجديد.
ز ـ تدجين بوهيميا الخراب
ح ـ التثاقف
ابراز ظاهرة الهجرة والتصادم الحضاري , وادخالها الى الرواية العراقية , بطريقة التثاقف غير العنيف , صار هذا ميزة تجمع واحيانا تفرق بين ادباء الداخل والخارج ـ هذا في البداية, اما الآن فقد كثر السفر والاتصال السريع والتواصل البناء بين المثقفين في الداخل والخارج , ومع الكتاب الآخرين من قوميات واداب امم اخرى , كسر ذلك التعنت الجغرافي , والنفسي بين ادباء العراق , ومن ثم صار التبادل الفني المهذب ملمح لعراقة العراقي في داخل البلد وخارجه.