خيط رفيع يفصلك عن الحرية

أحلام يوسف
هناك الكثير من الأشخاص، وحتى الشعوب، وضعوا لأنفسهم قيودا وهمية، حولتهم الى افراد، او شعوب عاجزة عن التحرر، وعن التغيير، او البحث عن الجديد، او البحث عن حقائق غير التي لقنوها.
اعتدنا جميعا على الاتكالية بطريقة التفكير، فاستندنا الى عادات وتقاليد اكل عليها الدهر وشرب، لأنها اعراف جاهزة، لا تحتاج “حسب الاعتقاد” الا الى التطبيق، لم يفكر أحد منا بخلق فكرة جديدة تتعلق في الأقل بتجديد تلك الموروثات.
ما السبب الذي دفعنا الى ان نكون بهذه السلبية؟
تقول نهار طه الباحثة بعلم النفس والتي تقيم في مانشستر: ان أي فرد حينما تردد عليه حديثا عن ضعفه، وجبنه، سيتحول الى جبان وضعيف، بغض النظر عن القدرات التي يمتلكها، والتي قد لا تختلف عن قدرات أي أحد آخر قد يكون معروفا بشجاعته.
وأضافت: هذا الحديث يذكرني بحالنا كأمة، فقد نشأنا في بيئة ليس لديها سوى الحديث عن المؤامرات، وكره العالم وحسده لنا، “ولا أدري علام يحسدوننا” المهم بالأمر اننا تحولنا الى افراد ضعيفي الشخصية، نخاف الآخر، ونخاف أي فكرة جديدة تطرح علينا، لأننا نتوقع ان أي جديد، محاولة للسيطرة علينا من العدو المتآمر. شعوبنا تخاف المغامرة، وتلك حالة خطيرة، لأننا بالمغامرة وحدها نستطيع ان نتعرف على زوايا أخرى في الحياة، غير التي نشأنا عليها وقرأنا عنها، زوايا لا يمكن ان يدونها أحد، او يشعر بقيمتها، الا من يعيشها بنفسه.
العادات والتقاليد موروثات واعراف اعتدنا على فعلها وتكرارها منذ نشأتنا، لذلك فمن الصعب تركها، حتى وان كنا نتقاطع معها، ونرفض بعضها، ونسعى للخلاص من بعضها الاخر، لكنه امر ليس بيسير ابدا.
يقول وهيب عبد المجيد الباحث في الادب والسياسة: ان العادات، هي نتائج أفعال متكررة، حتى تصبح جزءا من كيان الشخصية، فيجد بعضنا صعوبة في ترك بعض العادات، وهناك بعض العادات المجتمعية، تربينا عليها، وتستمد قوتها من خوف المجتمع كله من التغيير، اذ ينظرون الى أي شخص يرفض بعض عادات المجتمع، على أنه غريب وغير طبيعي. لذلك يحاول الآباء زراعة العادات والتقاليد لأولادهم وكأنها جزء لا يتجزأ من هويتهم وشخصيتهم، حتى يكبروا وهم متأقلمون معها، لا ينفرون منها، فالمجتمع الشرقي من شدة اهتمامه بالعادات لا يرى الاختلاف والتنوع ميزة، بل يراها خلافا ومشكلات.
قد يكون الاهتمام بموضوع العادات المتوارثة، والتي يرفض المجتمع بنحو عام تركها، او تغييرها، بسبب اننا نسير على مبدأ الإرث بكل شيء، ليس فقط ميراث الأبناء لممتلكات الاب، او المهنة، بل يتعدى الأمر ذلك ليصل الى التصرفات والأفكار وردود الفعل المتمثلة بالعادات والتقاليد، فان كنا نبحث عن سبيل للتحرر والعيش الكريم، وان نعيش الحياة التي نطمح اليها، لابد لنا من ان نقطع الحبل الوهمي الذي قيد عقولنا به، ولنستطيع التمييز بين العادات المتوارثة التي تستحق المحافظة عليها، وبين أخرى تعيقنا عن مواكبة التطور الفكري في كل العالم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة