تحريف الحقائق !

تستمد حركات التغيير والاصلاح قوتها من ارادة الجمهور وسعيها نحو المشاركة في صنع التغيير ومن بين اخطر ما يواجهه الجمهور هنا هو تشويه الاهداف التي خرج من اجلها من قبل حاشية السلطة واتباعها المحيطين بها وايا كانت الانظمة التي تمارس التعسف والظلم بحق الشعوب فان تحريف الحقائق هو سمة واسلوب يتمسك به الخائف والمرجف ومن لايملك شيئا يقدمه للناس ..ويتساوى هنا السلطوي في النظام الديكتاتوري والنظام الديمقراطي في هذا الاداء فترى الانظمة الشمولية المستبدة تلجـأ الى اعلامها المؤدلج بايدلوجية النظام للنيل من حركات التغيير ومحاولة احباط ارادة الجمهور بصنع الاكاذيب وتوجيه الاتهامات بالعمالة والتخوين ومثل ذلك تفعل انظمة تأسست وقامت بدستور يؤمن بالديمقراطية ومهدت لوجودها الانتخابات ومنحت حكوماتها الشرعية كي تمارس مهامها التنفيذية لكنها في لحظات الضعف والفشل لن تتوانى ان تمارس الدور نفسه الذي تلعبه حكومة ديكتاتورية من اجل ان تمد بعمر وجودها لاخر يوم وبالتأكيد مثل هذه الممارسات لاتعني سوى ان مايجري هو تشويه وتحريف للنظام الديمقراطي وان مثل هذه الديمقراطية هي ديمقراطية زائفة وان فضح مثل هذه الاساليب مهمة وواجب على كل مراقب واعلامي لديه الفرصة في التعبير والكشف عن هذه الممارسات وبالطبع فان من بين اهم المسؤوليات المناطة بنواب البرلمان هي متابعة السلوكيات المنحرفة لرئيس واعضاء الحكومة وفضحها داخل قبة البرلمان بوصفها لونا من الوان الفساد السياسي ولونا من الوان خداع الجمهور وتضليل الرأي العام ..وفي العراق يمكن القول اننا نشهد اليوم فصلا من فصول التضليل والخداع بغياب السلطة التشريعية وبمناصرة وتأييد من احزاب سلطوية تريد تحقيق اهدافها مهما كانت النتائج فالتظاهرات الكبرى وحركة الاحتجاجات السلمية التي بدأت في البصرة واتسعت وشملت محافظات الوسط والجنوب هي حركات استمدت شرعيتها وقوتها من الملايين الذين امنوا بان حقوقهم المهدورة ومطالبهم بتوفير الماء والكهرباء وغيرها يتم تحريفها ويتم ليّ الحقائق بشأنها وتحويلها على انها حركات ارهابية تستهدف تدمير وتخريب العراق ونحن هنا بالتأكيد والجمهور معنا يدرك بان مأمن حركة احتجاجية او مسيرة تستهدف الاصلاح والتغيير تخلو من التعثر وتخلو من وجود مجموعات لا تتسق مع الحراك العام ولا تقوى على ضبط ايقاعها مع المجموع ولربما تخرج بممارستها عن اخلاقيات التظاهر لكن كل ذلك لا يبرر للنظام السياسي النيل من ارادة الجمهور واتهامه بالعمالة والتخريب ومحاولة اجهاض التظاهرات والاحتجاجات وممارسة المزيد من القمع والتنكيل بحق المحتجين وان التجارب الماضية اثبتت بان تلك الممارسات لا تعني سوى صنع المزيد من الجدران بين السلطة والشعب وصولا الى القطيعة ومن ثم التخطيط لثورات اخرى لربما اشد واعظم.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة