هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 65
موجة امطار غير اعتيادية وغرق بعض الأحياء
وان كانت الدوائر الخدمية في المدن العراقية قد تقوم بجهود غير قليلة للحفاظ على البيئة المطلوبة وتوفير الخدمات في مراكز المدن ، إلا أن أمر تردي شبكات الخدمات والتلوث البيئي بهذه الكثافة داخل المدن العراقية أمر مخيف . ان حقيقة تضاعف نفوس العراق هو أمر لا يدركه الكثير من المسؤولين حالياً كيما يتداركون عواقبه . وعدم وجود تخطيطات كفوءة لتوسع المدن وخدماتها تتناسب مع زيادة النفوس ، وعدم وجود سياسة سكنية بعيدة المدى تعالج الطلب المتزايد على السكن ، وشحة المبالغ المرصدة لتحسين المدن وانشاء ما يتطلب من شبكات الخدمات كالماء والنفايات والمجاري والطرق والكهرباء وتصريف مياه الامطار لمعالجة ما تحتاجه المدينة في توسعاتها ، كل تلك الامور أدت الى تردي المناطق الحضرية وازدياد السكن العشوائي وتردي البيئة التي يعيش فيها الفرد العراقي في قريته ومدينته . الصور أدناه تبين جوانب من التردي البيئي في العديد من اطراف المدن العراقية.
من نتائج التردي البيئي في المدن العراقية وتخلف مواكبة انشاء الخدمات العامة كشبكات الماء والمجاري والامطار ، ادى الى ما حدث خلال موجة الأمطار غير الاعتيادية التي سقطت على مناطق واسعة من العراق في تشرين ثاني 2013 التي أثبتت تهرئ البنى التحتية وغرق اجزاء غير قليلة من معظم المدن العراقية في جنوب العراق كالبصرة والناصرية والعمارة والكوت بل حتى مساحات كبيرة من شرق بغداد . لم تغرق المدن وحدها فقط في ذلك الموسم ، بل أغرقت السيول المنحدرة من الهضبة الايرانية نحو وادي نهر دجلة في وسط العراق ، أغرقت مساحات كبيرة جدا من الاراضي الزراعية وتلف الكثير من الحبوب المحصودة والمكدسة في الحقول في محافظات القادسية والمثنى وواسط والعمارة ، مما دفع الحكومة الى تعويض المزارعين المتضررين .أما ما يتعلق بمدينة بغداد فقد بدأ سكان بغداد يتندرون بموضوع « صخرة عبعوب « وهي الصخرة التي اغلقت المجرى الرئيس شرق بغداد والي اشار اليها وكيل امانة بغداد للخدمات السيد نعيم عبعوب في حواراته المحرجة دفاعا عن ملابسات غرق بغداد ، مما دفعت تلك الحوارات رئيس الوزراء المالكي الى تنسيب عبعوب ليكون امينا لبغداد على عكس ما كان يتوقعه مواطنو بغداد ، قد يكون تكريما له عن الدفاع المتفاني عن اسباب غرق بغداد . وعلي ان ابين في هذه المناسبة ان ما سقط من امطار في ذلك الموسم على وسط العراق هو اكثر بكثير من المعدلات السنوية المسجلة وهذه الحالات لا يأخذها المصمم بنظر الاعتبار وكان عبعوب محقا بدفاعاته ، إلا انه عجز عن اعطاء اسباب مقنعة تبين اسباب عجزه عن ايجاد العلاج لهذه الحالة نادرة الحدوث.
السكن العشوائي في المدن
ومن التردي البيئي الذي حدث في المدن العراقية منذ 2003 وحتى الآن ، هي ظاهرة السكن العشوائي في معظم المدن العراقية ، وباعتقادي ان الظاهرة حدثت بسبب عدم تبني سياسة سكنية مدروسة وواضحة من قبل وزارة الاسكان وعدم الانتباه الى تفاقم مشكلة السكن بالمدن العراقية نتيجة الهجرة المفتوحة من مدينة الى اخرى أو من الريف الى المدينة اضافة الى الزيادة في النفوس . هذه الاسباب المهمة ادت الى التجاوز على قوانين ونظم البناء وسمحت السلطات ببناء دار على قطعة ارض بمساحة 180 متراً مربعاً . هذا القرار جاء بسبب عجز الدولة عن توفير حلول لأزمة السكن ، وان كانت عجزت عن تنفيذ السياسة السكنية الموضوعة في ثمانينات القرن العشرين، مما ادى الى تشويه المدن العراقية كافة وسيكون من الصعب علاج ذلك قريبا . تخبطت الحكومة في معالجة سكن طبقات الشعب المعوزة والتي تعتبر دخولها السنوية تحت خط الفقر…. مما أجبر تلك الطبقة ان تشيد لنفسها سقيفة من أي مادة انشائية مستعملة مهملة تستطيع الحصول عليها سواء من البلوك او الطابوق أو الصفيح , على اية ارض خالية مهملة ، وبذلك تكونت تجمعات من هذه الدور العشوائية في اطراف المدن وضواحيها في معظم المدن العراقية . وبموجب دراسة من قبل وزارة التخطيط اجريت في سنة 2014 ، تبين انشاء 312 عشوائية في مدينة بغداد وحدها منذ 2003 – 2014 ، صغيرة من بيت او بيتين وكبيرة مكونة من عشرات او مئات البيوت في مدينة بغداد وحدها ، تبلغ نفوسها نحو نصف مليون نسمة .
البطالة في العراق الاوسط
صار الحديث طويلاً عن تفاقم أزمة البطالة في العراق ، ومن ملاحظاتي الخاصة فإن البطالة ينحصر تفاقمها في المنطقة الوسطى بسبب سياسات الدولة حالياً (2013 – 2014) ، فمنطقة الفرات الاوسط لا تشكو كثيراً من البطالة ، ولعل ضخامة عدد الزوار الإيرانيين وغيرهم لمدن العتبات المقدسة كربلاء والنجف والكوفة وكذلك الحلة ادت الى ازدهار اقتصادي و استثماري نوعا ما . ومثل ذلك في
المنطقة الجنوبية بسبب توسع اعمال شركات النفط . اما منطقة كردستان فإن الحديث عنها لايدخل هنا لتطور الحياة فيها وازدهارها في كل الجوانب . اما المنطقة الوسطى وشمالها بما يسمى بالمحافظات السنية فأن نحو 28% من القوى العاملة فيها عاطلة عن العمل بسبب الاوضاع الامنية واهمال الدولة لها لأسباب غير خافية مما ادى الى تردي المستويات المعيشية والبيئية ، وكان ذلك من اسباب تكوين الاعتصامات المعارضة لسياسة الحكومة وما اعقب ذلك من احداث . وهذا ما يذكرنا بالمعارضة الواسعة لنظام صدام حسين في المحافظات الجنوبية عقب احداث الكويت سنة 1991 ، واستغلال الحركات الدينية السياسية لتردي الاوضاع وسوئها في تلك المحافظات.
هجرة الطبقة الوسطى والاقارب
بسبب المتغيرات السياسية والصراعات المختلفة حدثت هجرة واسعة للطبقة الوسطى في العراق . لقد تكونت الطبقة الوسطى في العراق اوائل الثلاثينات في القرن الماضي ، ادت سياسة الدول العراقية في العهد الملكي الرامية الى زيادة كفاءة الخريجين من الشباب وتطور خبراتهم ، الى ظهور هذه الطبقة وتأثيراتها الفكرية والعلمية المختلفة . وقد بلغ عدد الذين أرسلتهم الدولة الى الخارج في بعض السنين ما لايقل عن 3 – 4 الاف طالب بعثة من مختلف فئات المجتمع ولمختلف الاختصاصات . وقد سعت هذه الطبقة لاثبات وجودها وكفاءتها وتوفير ما تتطلبه من الاستقرار والازدهار وهذا ما رفع من المستوى الثقافي والفكري لقطاعات واسعة من المجتمع .
غير ان ما شهده العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 من تفاقم الصراعات السياسية والحزبية والعسكرية ادى الى بروز ظاهرة هجرة الطبقة الوسطى ، لما عكسته تلك الصراعات على الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل واضح ، ووافق ذلك هجرة العوائل العراقية العريقة واستثمار امكانياتها خارج العراق.
بعد ثورة 1958 هاجر الكثير من الطبقة السياسية التي كان نشاطها مرتبطاً بواقع الحياة في العهد الملكي ، ثم بدأت الهجرة عقب الانقلابات العسكرية العديدة وما تخللها من ملاحقة الكثير من العاملين في النشاط العام وأضطهادهم او عزلهم . و زدادت هجرات بعض الاقليات منذ بداية اندلاع الحرب العراقية الايرانية ، حتى كانت الهجرة الواسعة للعراقيين لاسباب عديدة في مقدمتها السعي لطلب الرزق بعد فرض الحصار الدولي على العراق والعقوبات الدولية جراء احداث الكويت (1990 – 1991) . وحدثت الهجرة الكبرى بعد عام 2003 بسبب تردي الأوضاع الأمنية وضعف الاجهزة الحكومية من السيطرة على الانفلات الامني والقانوني ، فضلاً عن العامل الطائفي الذي كرسته الاحزاب الدينية الحاكمة ضد مكون عراقي كبير.
وخلال السنوات الاخيرة هاجرت اغلبية العوائل المسيحية والصابئية وغيرها الى خارج العراق بحثاً عن ملاذ آمن ، فضلاً عن هجرة واسعة للمسلمين السنة داخل العراق وخارجه بسبب الصراع الطائفي المتأجج .. وكل هذه المتغيرات ادت الى انتهاء دور الطبقة الوسطى ، ويالها من خسارة كبيرة ..
الانفلات الامني وتوقف العديد من المصالح الاقتصادية ، بدأ مع احداث السقوط سنة 2003 ، غير ان التطرف الطائفي الذي بدأت ملامحه سنة 2004 ثم تفاقم أمره سنة بعد سنة كان السبب الاول في هجرة العراقيين افراداً وأسراً ومجموعات . هاجر الكثير من الاختصاصات العلمية والطبية والهندسية الى مختلف انجاء العالم وفي حالات كثيرة لحقت أسر بمن هاجر من افرادها.
هاجرت اختي ميادة وهاجر شقيقي عصام الى العاصمة الاردنية ، كما ترك العراق شباب العائلة وطلبوا اللجوء في دول المهجر ليستقروا فيها . وقبل هذا سافر ابنائي كميت وغادة الى انكلترا في التسعينات ، وهاجر الى تركيا ابن عمي نبيل محمد صالح ، كما توفي احد افراد عائلتي بسبب سوء الخدمات الصحية في مستشفيات بغداد ، وهو المرحوم حازم فضلي العزي ، وقد بقيت لوحدي ببغداد بسبب عملي الاستشاري ، وهذا ما يزيد من حزني وخشيتي من المستقبل المجهول لبلدي الذي خدمته خدمة نبيلة كما اعتقد .
الطبقية وتباين دخل الفرد
من ظواهر المجتمع في سنوات تكوين العملية السياسية في العراق لبناء عراق جديد , حدوث الطبقية في دخل الفرد العراقي . ففي الوقت الذي يبلغ معدل دخل العامل غير المتخصص في 2014 حالياً (450000) الف دينار شهرياً ومعدل دخل المهندس ذو خبرة 20 سنة هو (2)مليون دينار شهرياً ، والتقاعد الاعلى للموظف لا يتجاوز (1) مليون دينار شهرياً ، قرر مجلس النواب منح أعضائه رواتب قياسية في المجتمع العراقي , بلغت 18 مليون شهريا تضاف اليها مخصصات شهرية ل 30 حارساً امنياً خاصاً(30) مليون يستولي عليها النائب لعدم حاجته الى ذلك العدد . هذا التفاوت خلق مفهوماً لدي المجتمع عبر عن استيائه من ذلك في مظاهرات عديدة باتهام النواب بال « حرامية «. لم يحدث هذا في اي مجلس نواب سابق ولكن يتضح ان المجتمع ادرك حقيقة شخصيات هذا المجلس الذي لم يقدم شيئاً لمن انتخبه ولم ارغب في التحدث عن رواتب ومخصصات الرؤساء الثلاثة ومعاونيهم ، اذ انها تعتبر خيالية وغير منطقية وغير متزنة رفضها الشعب لاحقاً.
تأثير المرجعيات الدينية
والملاحظ على المتغيرات التي طرأت على المشهد العراقي بعد سنة 2003 البروز المتعاظم للمرجعيات الدينية الشيعية وتدخلها في الشؤون العامة (ومنها السياسية) بشكل اكبر من المتعارف عليه خلال العقود السابقة . وكان آخرها تأييدها لحركة الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد الحكومي ، وقبلها دعوتها الى التطوع للقتال ضد تمدد ما يسمى بتنظيم داعش بعد احتلال الاخير لثاني اكبر محافظة في العراق وهي الموصل .
ولاشك ان الكثير من توجيهات المرجعيات الدينية ودعواتها تتفق وطموح المواطنين ومطالبهم ومؤشر على الفشل الذريع للاداء الحكومي بعد 2003 . وهنا اود ان أشير الى ظاهرة لافتة للنظر ، برزت بشكل متعاظم في السنوات الاخيرة ، وهي الزيارات الدينية المليونية الى العتبات المقدسة في مناسبات محددة ، والظاهرة – كما لايخفى على اللبيب – لم تحدث الى لسببين هما البطالة التي انتشرت في العراق منذ عام 2003 ، والامر السياسي الذي التزمت بتنفيذه الاحزاب السياسية للسيطرة على الشارع من خلال هذه المناسبات الكبيرة التي تؤثر بلا شك على اقتصاديات البلد – وهي اقتصاديات ضعيفة اصلاً – وكفاءة إنتاج الفرد بسبب توقف الاعمال والمصالح لفترات غير قصيرة . صحيح ان الالتزام بالواجبات الدينية والعقيدة من شانه بناء الشخصية القوية ، الا ان الالتزام بمبادئ الاخلاص للعمل امر حيوي يرفع من مستوى الفرد واسرته ، كما يضيف شيئاً فاعلاً للالتزام الديني .. لقد حدثني العديد من الاصدقاء في بغداد وكربلاء والنجف وغيرها عن تذمرهم من هذا الشيء وعدم امكانهم الجهر به آملين ان يقوم رجال الدين بإصلاح الامر وتداركه.
وفجأة سقطت الموصل بيد «داعش «
وانا في عمان في 10 حزيران2014 ، اٌهيئ نفسي لمؤتمر في أربيل ، لعقد ندون التجديد الحضري لمدينة الكوفة ، في 16 حزيران ، خرجت علينا الأخبار العالمية بدخول ما يطلق عليه « داعش – الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام « الى الموصل واحتلالها . لم أفهم من هم داعش ولم يفهم العديد من الآخرين كذلك . اعتبرت هذا إهانة للجيش العراقي . الجيش العراقي مع قياداته العسكرية لأربعة فرق عسكرية ، هربت الى اربيل وتفرقت هناك .
تضاربت الأنباء وفسرت بمختلف الاتجاهات والشبهات . إلا ان الندوة التي حضرنا لأجلها الى اربيل قد عقدت بكامل ممثلي الدوائر من وزارة البلديات ومجلس مدينة الكوفة والاستشاري الانجليزي من لندن « ديريك « وزملائي من دار العمارة .
سياسة الحكومة والصراع لبناء العراق الجديد
لم يبق من العراقيين خلال السنوات الماضية من لم يبحث في السياسة لتعاظم الصراع الطائفي والانحراف الاقتصادي بين السياسيين وتعاظم مشاكل المجتمع كما بينت سابقا ، ومن هذا اصبح حديث المجتمعات دائما في السياسة ومتغيراتها ، ولذا وللتأريخ اكتب بسطور انطباعاتي عن ما يحدث في العراق لأن كل هذا دفع العراق الى الانحراف عن خط الاعمار وتوقفت مسيرة التطور.
ومن هذه الاحداث الجلل ، أقول فشلت العملية السياسية ولا عجب ، بمفاجأة دخول ألوف المقاتلين الى العراق . سلمت في الموصل فرق الجيش اسلحتها ، ويتجول الداعشيون احتلالا لثاني اكبر مدينة في العراق ، كما واصلوا مسيرتهم الى تكريت ، ولم نسمع بياناً من الحكومة يفسر ويوضح ما حدث واسباب ذلك ، عدا قول المالكي انها مؤامرة . يا لها من مفاجأة وفاجعة ، في 10 حزيران 2014 وبدون علم أحد ، دخلت داعش الى الموصل !
كل ما حدث بنظري وتفسيري هو نتيجة سياسة المالكي الخاطئة في المنطقة الوسطى من العراق حيث أهمل احتجاجات الناس التي عبروا عنها في اعتصامات المحافظات الست ، مما أجبر المواطنين على اتخاذ مواقف مناوئة لسياسات الدولة واصبحت المجتمعات حاضنة للمتطرفين .
اختلطت الامور ولا يعلم من هو المعارض وما هي داعش ؟؟؟ يقال ان داعش مكونة من الارهابيين وهم لملوم شباب من دول العالم الفرنسي والانجليزي والافغان والليبيين والجزائريين ، مع البعث القديم بقيادة عزت الدوري ، النقشبندية ، الاسلاميين المتطرفين ، وثوار ثورة العشرين وبعض الضباط القدامى .
المتطرفون الأكراد استغلوا الموقف وبدأوا يدعون ان ما حدث حسم موضوع المادة ( 140 ) من الدستور حول المناطق المتنازع عليها وان كل ما احتلوه هو كوردستان . لاحظ الخارطة في جريدة خبات الكردية حول تقسيم العراق .
ومن ناحية اخرى ، امريكا تشترط ان يتفق الساسة العراقيون على ادارة العراق من قبل حكومة « تمثل السنة والشيعة والكرد « الا ان المالكي لا يرغب بذلك … وذلك واضح من تعليقات اتباع المالكي (النائبة المتطرفة الفتلاوي) . و مقتدى الصدر … يهدد بعدم موافقته على مساعدات امريكا للعراق وان بامكانه تحرير العراق …. !!!!! استعراض العضلات عن طريق التطوع وجيش المهدي . كيف يفيد التطوع تجاه الاسلحة المتطورة والتدريب الكثيف لداعش؟؟
السياسيون من الكتل الشيعية ركزوا على رغبتهم بالانفراد بالحكم …. وآزرهم مسعود البارزاني كما قال صالح المطلك في مراحل كتابة الدستور وبمناسبة مقاطعة السنة لجلسات كتابة الدستور وغيابهم عن الحكومة قال : « اعطى الشيعة للاكراد صلاحية كتابة الدستور ، وسلم الاكراد الحكم الى الشيعة « .
وصلت قوات داعش الى تكريت واحتلتها كما سيطرت على قاعدة جوية قرب بلد .الآن الجيوش تتوجه محاولة تحرير المناطق المحتلة من قبل «داعش» ، ان رأيي حول كل هذه العملية ان «داعش « لا يمكن ان تدحر الجيش العراقي … مهما كانت قواهم ، ولا يمكنها بالأخيران تكون دولة اسلامية في هذه المنطقة ، وأن جيش العراق سينتصر حتما . أما اذا لم يتفقوا على تكوين « حكومة تمثل الجميع « تعمل على بناء العراق الجديد الذي نريد ، فان العراق قد يتعرض الى مخاطر تدخلات خارجية . اني اشك في قبول الكتل الشيعية الدينية تكوين حكومة انقاذ وطني.
من كل هذا ومع الاسف تأجل هدفي بعد الآن في تكوين « مجلس الإعمار « لبناء العراق الجديد. هذه نتيجة العملية السياسية ونهايتها التي عمل عليها من ادعوا انهم قادة العراق . ولكن ثبت لي ولكل العراقيين ان معظمهم مهما كانت خلفيتهم سياسية ، لم يكونوا سياسيين بل محترفون ومنتفعون لمصالحهم الخاصة . لم يدرك السياسيون انهم خسروا العراق ، وخسروا الى الأبد العراق الذي ائتمنهم ورباهم وكونهم واحترمهم …. الاغلبية منهم لم يكونوا مؤتمنين وخسروا وطناً عزيزاً قدم الى العالم دروساً في الفكر والمعرفة.
أمريكا وبريطانيا والعراقيون معظمهم يريدون حكومة تمثل الجميع ، لكن المالكي مصر بقوة انه الرئيس للمرة الثالثة … لا أقول نحتاج الى معجزة لإنقاذ الموقف ولكن هل تتكون حكومة تنقذ العراق ؟