خرائط الملح

يونس عطاري

1
الجنائزُ التي ترصفُ شارعَ المقبرةِ كلَّ يومٍ
هي مسيراتٌ سلمية
ضجَّ الأقحوان في نوفمبر
عندما أكلتكَ النارُ … وفرَّ الفراشُ إليكَ
فلم تكن مثالا جيدا للجيران
علَّبتَ صهيلَ الجيادِ
بالعتادِ
ورحتَ تبحثُ عمّن يقطنُ قربَ التلةِ
تريدُ تفسيرا غيرَ جائرٍ للبقع المالحة التي على ساعديكَ
فتُقسمُ للغريبِ بالوردةِ
أن السرَّ الذي عرفتَه عن شجرةِ الدّفلى
ما زال طيَ الريحِ التي تمرُّ في الوادي

2
أخذتُ ظليَ معي واشتريتُ له كرسيا متحركا
فلم يبكِ عليَّ إنما اقترحَ أنْ أركبَ خلفهُ ونذهب للبحيرة
أخذتُ دفاتري معي
حتى الأغاني حزمتُها
عدّدتُ له خسارتي ونمتُ لأرى في الليل كلَّ الذين فرّوا
مثلي
فجالستُ الكبرياء على وجه التحديد
ولم يكن غيرُ الهواءِ وظلي ثالثنا
مرر كفه اليمنى دون استعلاء على كتفي
وقال: أنت صورتي

3
سربُ الإوزِ الذي أخذَ من قميصيَ وضلعيَّ السائبتينِ شراعاً
يمخر خرائط الملح
يعدد مدنا سريعة لا يجتمع فيها الأهل
كل العالم ليس لك
فأنتَ مرتبك وغير منتم
الجاهل
يقتني
الشمعدان
ويخسر كل يوم إصبعاً

4
بعد العاشرة ليلا
كمن يتدرب على فعل واحد كل يوم
هنا قرب الماء المحاصر بالغابات
أتفقد المقاعد الحجرية وبقايا نصل القمر
هنا في لب ليلة الأحد من كل أسبوع
أجتاز غرفة حارس مشغول بالألعاب الحديثة
أفترش ظهري وراحتي
وذكرياتي

5
علقّتُ قنديلي على شجرة
دخلتُ كهف مسراتي
أحنّي يديّ بالمطر والتراب
استجرتُ بصخرة بابه
كطفل تركته أمه وقت الغارة
فجرا نامت بنات آوى
عند سدرة المنتهى
وعتبة مرآتكْ

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة