لايمكن تقييم قدرات المسؤولين في الدول من خلال ادارتهم لمفصل واحد من مفاصل الدولة او تمتعهم بمؤهل علمي او اداري اجاز لهم استيزار وزارة او ادارة مؤسسة ما ولايمكن منحهم الثقة من دون التمحيص بقدراتهم في شتى المجالات ومن بين اهم المشكلات التي عانى ويعاني منها العراق هو هذا الدخول المريع لعشرات المسؤولين في شتى الوزارات العراقية من دون ان تنطبق عليهم صفة المسؤول او افتقدوا الحدود الدنيا التي تمكنهم من ادارة مؤسسة صغيرة وللاسف تمكن المئات من الانتهازيين في ظروف استثنائية سادتها الفوضى وتحكمت بها نظم المحاصصة سيئة الصيت واستطاع فيها ثلة من المنتفعين من التحكم بمقاليد الامور في اعلى هرم السلطة وتمكنوا من التسلل وتسلم مناصب مهمة يتطلب بعضها امتلاك خبرات سياسية وقدرات علمية وادارية ونضوج فكري لانها ترتبط بمصالح الامة وتتعلق بحماية البلاد من الاخطار والتهديدات الكبيرة ومنذ عام 2003 بانت عيوب هؤلاء الفاشلين امام مرأى عيون الشعب العراقي في اول مواجهة او اختبار بسيط وتكشفت ضحالة الكثيرين منهم وعدم قدرتهم على التعامل مع الملفات المختلف حولها ومع الازمات السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية التي عصفت وماتزال تعصف بالعراق وظهر واضحا ان هذه (المجاميع ) من المسؤولين كان كثيرا عليهم ان يقودوا او يديروا مدرسة او يتولون شؤون قرية من قرى العراق فكيف بهم الحال وقد وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها في اعلى درجات المسؤولية لمفصل من مفاصل دولة سبقهم فيها قادة ورموز ومبدعون في شتى الادوار التاريخية وتحدث عنهم التاريخ بوصفهم قادة صنعوا حضارات وخاضوا حروبا وتمتعت تحت سلطتهم البلاد بالامن والاستقرار وتشهد لهم الامم بتفوقهم وقدرتهم على وضع العراق في منازل عليا ..اليوم نشفق على حالنا جميعا ونحن نرى البلاد بين حين وحين اخر تتلاطم فيها امواج الصراعات وتلفها الازمات المتتالية من دون ان نعثر على حكيم وحصيف وثابت وشجاع تطمئن النفوس لحكمته وتتطابق مع شخصيته عناوين المسؤولية والقيادة ..وحتى لانبخس الحقوق ولانظلم ولانكذب نقول ان اغلب افراد الطبقة السياسية التي تعامل معها الشعب العراقي لم تكن قادرة ومؤهلة للتعامل مع الازمات من دون الانصات لصوت المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني والاستعانة بمكانته الروحية والدينية في الوقت الذي كان فيه السيستاني يريد من المسؤولين في العراق الذين يمثلون قادات الاحزاب والكيانات السياسية ان يتولوا هم بانفسهم ادارة البلاد وابعاد المرجعية الدينية عن ملفات الادارة والقيادة لشؤون شعبهم وبلادهم …ولابد من الاعتراف هنا بان الكثير من هؤلاء السياسيين لم يكن يملك من ثقافة القيادة او الادارة او ثقافة ادارة الازمات واكتفى بحمله عنوانا مهلهلا هو معارض للنظام السابق او تابع من اتباع الاحزاب وجزء من منظومة المحاصصة ..وهذه واحدة من كوارث العراق التي حلت به بعد سقوط النظام السابق .
د. علي شمخي
ثقافة إدارة الأزمة !
التعليقات مغلقة