نحو عراق جديد سبعون عاماً من البناء والإعمار

هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 64
مع قناة الديار الفضائية في تطوير مدينة بغداد :
كانت الحوارات حول الخبرات التي استفدنا منها من السياسيين العائدين الى بغداد والذين تسلموا مهام الدولة في تطوير مدينة بغداد ، وما هي تطلعاتي لتطوير المدينة ؟ أجبت بأننا لم نستفد ولا يوجد اي شيء ملموس من خبرات اي من المختصين السياسيين كالمهندسين من العائدين السياسيين وبحكم ما نلاحظ تركيز سكنهم وعملهم في المنطقة الخضراء ، الاغلبية العظمى منهم انفسهم داخل المنطقة الخضراء وكأنهم خائفون من شيء ولم تستفد مدينة بغداد ولا حتى المدن الاخرى من خبرهم أبدا . قد يكون ذلك بجهلهم بالعراق ومكوناته وبالمجتمعات العراقية لتركهم العراق لفترات طويلة ، أو لتفرغهم لمصالحهم الخاصة والاستفادة من مكاسب المناصب التي يشغلونها .

التصميم الاساس لمدينة بغداد
أما عن تطوير مدينة بغداد فلدي مقترحان أود طرحهما الى المسؤولين في امانة بغداد ، الاول هو ضرورة اعادة النظر بالتخطيط الجديد لمدينة بغداد لإعطائها ، تخطيطيا بمفاهيم كونها عاصمة تمثل الحضارات العراقية القديمة ، السومرية والبابلية والآشورية والاسلامية وعاصمة لدولة كونت الحضارة العباسية التي شغلت العالم عبر قرون من الزمن والتي نفتخر بها كرمز لحضارتنا ، تدرس علومها وفنونها ومفاهيم حضارتها في انحاء العالم والمطلوب ان يتوفر في تخطيط بغداد بساحاتها ومبانيها ما يعبر عن روحية الحضارات في العراق ، على غرار ما نلمسه عند زيارتنا الى طهران مثلاً التي تمثل عظمة وشموخ الامبراطورية الفارسية واسطنبول ممثلة لعظمة وشموخ الامبراطورية العثمانية ، وكذلك أثينا وروما الخ..
ليس في بغداد بوضوح مع الأسف ما يدلل على علاقة بغداد بحضاراتها السابقة الا ما ندر من ابنية وما موجود في ذاكرتنا . لذا اقترح وضع تخطيط جديد لخلق مدينة تمثل بغداد بكل ابهتها وعظمتها وشموخها ولا نتمسك بالمبادئ الاولية لتخطط المدن بدون توضيح روح المدينة و روح الحضارات العراقية التي نفتخر بها جميعا .

مستوى ثابت للماء في نهر دجلة:
كان المقترح الثاني عن تطوير بغداد ، هو رفع مستوى الماء في نهر دجلة ليكون ثابتا بمستوى واحد على مدار السنة . هذا المنسوب الثابت يسهل لنا استغلال النهر في مجالات النقل النهري والسياحة النهرية والرياضات النهرية بالإضافة الى ان مقترحي الذي يمتد الى منطقة الراشدية شمالا ونهر ديالى غربا ، سيعطي وسيسهل لبغداد ان تتوسع سياحيا في منطقة الراشدية كون مستوى النهر المرتفع يساعد في تكوين خلجان لمنتجعات سياحية تحتوي على فنادق ومنتجعات سياحية ومناطق الرياضات المائية ، تدخل شيئا ما في بساتين الراشدية والتي ستكون هي المنتجعات الرئيسية لسكان مدينة بغداد الذين حاصرتهم الاحياء السكنية وحجبت عنهم الطبيعة التي يحتاج الفرد الى التمتع بها بين فترة واخرى . أما كيف ننفذ هذة الافكار ، اقول يمكن ذلك هو ان نشيد عدداً من النواظم على نهر دجلة وهي سهلة التنفيذ في اختصاص الهندسة ، لرفع مستوى الماء الى الحد الذي نقرر، ويكون واحد منها في جنوب بغداد في الرستمية اسفل تقاطع نهر ديالى مع دجلة والثاني بالقرب من جسر المثنى لرفع مستوى الماء في منطقة الراشدية والثالث على نهر ديالى عند مصب ديالى في دجلة لرفع مستوى الماء لامتداد عدد من الكيلومترات من مصب نهر ديالى. هذا المشروع سيغير مفاهيم بغداد البيئية والسياحية والرياضية . بغداد التي درجات حرارة جوها صيفا يمقارب الخمسينات في اشهر تموز وآب من السنة ، يتطلب منا ان نوفر الماء في نهر دجلة العظيم لراحة الفرد ، اضافة الى ان هذا الخزين الكبير من الماء يعتبر رصيداً استراتيجياً من الماء لمدينة بغداد.

مع تلفزيون الفيحاء حول مجلس الاعمار
سنحت لي الفرصة لإجابة الاعلامية المتميزة انعام عبدالمجيد من قناة الفيحاء بما يلي حول متطلباتي للحكومة العراقية منذ سنين لإعمار العراق :-
من متابعة نشاطات الوزارات التنفيذية كوزارة الاسكان مثلا ، نلاحظ أن الوزارة تقوم بجهود كبيرة لتنفيذ واجبها ، إلا اننا نرى من المفضل أن تكون هذه الوزارة « مخططة وموجهة» لنشاطات الاسكان والطرق في المحافظات وترك امور تنفيذ المشاريع على مختلف المحافظات الى القطاع الخاص .وعلى نفس الغرار وزارة البلديات والوزارات الاخرى في هذا القطاع .ولذا فإني أرى أن الخيار الأمثل لأخذ هذه المهام وتحقيقها لإنقاذ العراق من الغرق اكثر من ما موجود حالياً من تردي في بيئة المدن العراقية ، هو تشكيل مجلس الإعمار الفدرالي لتنظيم اعمال الوزارات ورسم الاستراتيجيات الرئيسية لإعمار العراق .
مجلس الاعمار الفدرالي هو المجلس الذي يأخذ على عاتقه مسؤولية الحكومة المركزية لإعمار العراق ومحاولة اللحاق بالركب الحضاري العالمي ودراسة جميع الامور الاستراتيجية الاساسية في التطور الحضري المستقبلي للعراق .أنا أؤمن بأهمية تكوين هذا المجلس ليأخذ على عاتقه المهام التنفيذية الاستراتيجية الفدرالية ويأخذ على عاتقه بهيئاته ومكوناته تنفيذ المشاريع التي توفر للعراق قاعدة البيانات للمباشرة بالاعمار كالطرق السريعة المستقبلية وتنظيم خزن واستغلال المياه في الأنهر العراقية ، وربط سكك حديد العراق بأوروبا والمشاريع العملاقة الاستراتيجية الخ …..
من الامور الاستراتيجية التي أرى أنها تخرج عن اختصاص الوزارات القطاعية هي المبينة ادناه ، والتي يتطلب التفرغ اليها من قبل هيئات خاصة في مجلس الاعمار:

المناهج المتخصصة لمجلس الإعمار
1. الارض: الارض مادة لا يمكن التفريط باستثمارها . في استعمال الارض ، علينا ان نفكر بالمستقبل ومتطلباته . يقوم مجلس الاعمار بوضع سياسة الارض وتخطيطها واستعمالاتها واستغلال معادنها وثرواتها ومواردها. كذلك يقوم بالدراسات الطوبوغرافية ونوعيات الصخور وطبقات التربة وما تحتويه من معادن وامكانات استغلالها . تستغل الارض حالياً من قبل الوزارات بطريقة غير مخططة مما يوجب اعادة النظر بذلك. وضعت وزارة البلديات دراسة جديدة حول ذلك .اوصي بتبني هذه الدراسة. كما يتطلب وضع دراسات محدثة حول طوبوغرافية الارض وجيولوجياتها ودراسة الترب والصخور واساليب استغلالها.
2. المياه : وضع استراتيجيات مصادر المياه واستغلالها وخزنها ودراسة احواض الانهر وتطويرها ودراسة استغلال المياه الجوفية . ودراسة نوعيات المياه وخواصها واستغلالها.
3. السكان : دراسة استراتيجيات راحة الانسان ونوعية الحياة وسياسة النمو السكاني والتوقعات المستقبلية وتوزيع المستوطنات الجديدة واقتصاديات الفرد والضمان الاجتماعي .
4. التخطيط : وضع استراتيجيات تخطيط بعيد المدى للعراق والتخطيطات الاقليمية والقطاعية والتخطيط الحضري.
5. الاقتصاد : وضع الاستراتيجيات المستقبلية والطاقات المتجددة والزراعة الحديثة والصناعات والمعادن وسياسة التصدير كأساس للمنافسة كمؤشرات تغذي الوزارات القطاعية .
6. البيئة : دراسة الاستراتيجيات العالمية في التعامل مع الهواء والماء والارض والمناخ المستقبلي وبيئتها وتعمل وزارة البيئة على ذلك .
7. التعليم : وضع الاستراتيجيات الحديثة في التعليم لمواكبة التطورات المستقبلية وتوجيه الوزارات القطاعية بذلك .
8. الصحة : استراتيجيات الحفاظ على صحة الانسان والدراسة التطويرية المستقبلية .
9. الاسكان : تغذية وزارة الاسكان بالمعلومات لتنفيذ ما تتطلبه الاستراتيجيات المستقبلية من وحدات سكنية على ضوء النمو السكاني من طرق ومدارس ومعاهد وجامعات ومستشفيات وابنية اخرى .

نطاق عمل مجلس الإعمار :
ويعمل مجلس الاعمار على تحقيق المناهج الاستراتيجية المتخصصة وتنفيذ المشاريع والمهام الكبرى ، متجاوزا الروتين الحكومي المعقد لتنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات وتنفيذ المشاريع وفق التوجيهات المركزية وكما يلي:
• نطاق عمل مجلس الاعمار الفدرالي هو تنفيذ المشاريع الكبرى التي تهم محافظات العراق جميعا.
•نطاق عمل الوزارات هي تنظيمية و توجيهية ، و لتنفيذ المشاريع في المحافظات إذا اعتذرت المحافظة عن ذلك .
• نطاق عمل المحافظات هو لتنفيذ جميع مشاريع البناء والخدمات والاعمال المتخصصة بالمحافظة كالسكن والمدارس والأبنية الصحية.

الهدف الاقتصادي المباشر
– التركيز على تنشيط الزراعة وتطوير القرية لتصل الى مرحلة التصدير .
– هدف تنشيط الزراعة هو سد حاجة السوق المحلية والتركيز على التصدير
– فتح الباب واسعاً للاستثمار في الزراعة وتربية الحيوان والصناعات الزراعية وتصدير المنتجات الزراعية .
– التركيز على التعليم لخلق الطبقة الوسطى .
– وضع مناهج السكن ، والعمل على تنفيذها على مستوى القطر وتوجيه النشاطات الاقتصادية الاخرى لدعم هذاالاتجاه.
العراق الى اين؟
العراق الى اين : وفي ندوة حوارية عقدت في فندق بغداد في منتصف 2014…حول العراق الى أين ؟ … بحثت مع مجموعة من رجال الأعمال وبينت رأيي « بأن العراق يغرق» . وبحثت في الأوضاع الاقتصادية بصورة عامة وقطاع التشييد بصورة خاصة . ان فرص اصلاح قطاع التشييد الذي يمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد العراقي بعيدة جدا . فعدم السيطرة على مواصفات صناعة المواد الانشائية بسبب توقف معظم معامل الصناعات العراقية , كبيرها وصغيرها وتسيب ضوابط العمالة وغياب مواصفات وضوابط ونظم البناء ، كل ذلك اضافة الى غياب سياسة سكنية تؤدي الى حلول لأزمة السكن المستعصية منذ سنين ، قد أدت الى صعوبة السيطرة على نمو المدن العراقية وانشطار الوحدة السكنية القياسية بموجب الضوابط الموضوعة الى عدد من الدور ، قد ادى الى زيادة الكثافة السكانية في المدن والضغط على شبكات الخدمات وتغيير ضوابط استعمال الأرض وبالتالي الى ارباك كبير في النسيج الحضري. هذه التسيبات تضاف الى ما نلاحظه من تدهور بالقطاعات الاقتصادية الاخرى يؤشر بوضوح غرق العراق في مستنقع التخلف وصعوبة النهوظ في المستقبل المنظور.
بعد اكثر من عشر سنوات من تغيير حكم صدام حسين ، لم الاحظ أياً من الكتل السياسية بالبلد قد وضحت أي اتجاه تسير ، الكل يدعو ان العراق يتجه نحو اقتصاد السوق ، الا ان مفاهيم مسؤولي الدولة أجمع لاتزال تسير نحو الخط الاشتراكي في التخطيط والمركزية.
لا أرغب في المقارنة ولكن أقول … حاولت الكتل السياسية الحاكمة حاليا والكتل السياسية المتدينة ، أن تعمل وهي التي حلت محل صدام حسين وعبر نحو عشر سنوات من الزمن … إلا أنها لم تستطع لحد هذا التأريخ من وضع مفهوم « أي عراق نريد ؟ « .
هذا سؤال مهم بالنسبة لي . كما أني الاحظ عدم مباشرة الوزارات المتخصصة بتطوير البلد أو إعمار العراق … أي أنها وبالاعتماد على الشخصيات الشابة التي ليست لها خبرة رغم عودة قسم منهم من دول متحضرة ، لا تعرف كيف تباشر» بإعمار العراق رغم هذه الفترة الطويلة التي مرت على تكوين الحكومات ، ورغم تشبثها ورغم ارتفاع واردات العراق من دولارات النفط لأضعاف ما توفر لأية حكومة سابقة.
أعود وأقول وحبا مني في إعمار العراق الذي كان طموحي عبر حياتي العملية ، وبعد أن تغير نظام صدام حسين ، ولقناعتي الشخصية في هذه الفترة بأن هدف السياسة الأمريكية العمل على بناء العراق ، بموجب تصريحات الرئيس « جورج بوش الابن « مرارا بأن يبني العراق ديمقراطيا ليكون نموذجاً بالمنطقة. كان طموحي أن ينهض العراق على غرارنهوض وانتعاش دول نمور آسيا خلال خمسينات القرن العشرين.
هل هناك أمل ؟
– مؤلم ان نسمع أنه لم تبقَ كلمة الوطن في قاموس السياسيين ، بل القومية والكتلة والطائفة
– الشعب يستجدي بالشوارع ويصرخ .
– امتيازات السياسيين غير الطبيعية وتوزيع الواردات على انفسهم خلقت طبقات متطرفة … فقر مدقع ورفاهية متطرفة وخلل في توازن المجتمع الذي عملنا لبنائه .
– لا حرية للكلمة الا للقوي … لا يمكن التحدث عن تأثير الزيارات الدينية المدعمة سياسيا على تردي الاقتصاد العراقي لكونها خط احمر.
– لا يمكن الاعتراض على رفع الاعلام السود أو إلباس بغداد الجميلة وجهاً أسود بسبب الدين .
– لا أمل في التطور كما يظهر والبطالة متفشية في وسط العراق.
– الكلام كثير وكبير حول إعمار العراق ومستقبله ….. ورغم توفر الامكانات المادية …. لكن لا توجد معرفة ببناء دولة .
الكثير من السياسيين لا يتفقون معي على ملاحظاتي هذه لأنهم الطبقة المنتفعة . الفقيرة تبكي في خرائبها والمشردون من 6 محافظات لا يحركون ساكناً في انفسنا أكثر من مشاعر الأسف . ويتناسى السياسون ان خلافاتهم حطمت الشعب العراقي وكأنهم ينتقمون من الشعب الذي هم من بطونه . السياسة الطائفية التي اتبعها المالكي ادت الى خراب العراق ودخول داعش .
معهد التقدم للسياسات الانمائية:أسس هذا المعهد الدكتور مهدي الحافظ منذ 2006 وهو «يعنى بقضايا التنمية وخيارات المستقبل» والذي هو المعهد الوحيد المتميز الذي اعلم بتكوينه بعد 2005 . يبحث هذا المعهد في السياسات الانمائية للعراق ويصدر مجلة باسم « الحوار» التي كنت احد مستشاريها .تبحث هذه المجلة في العديد من البحوث الاقتصادية المتعلقة بالعراق والعالم المحيط بنا . كان هذا المعهد من نوادر البيوتات التي عقدت فيها محاضرات اقتصادية وانمائية وتطويرية شهرية من قبل كبار المتخصصين او من قبل د. مهدي رئيس المعهد شخصيا تعالج المشاكل والأزمات التي يمر بها البلد ويحضرها العديد من الشخصيات الفكرية والسياسية الموجودة في بغداد. قدم المعهد كذلك عددا من الموسيقيين العراقيين في مناسبات عزفوا فيها على الآلات الموسيقية « الجلو» و»العود» كم كنت ارغب ان يتفق المتحدثون على بعض الحلول للتحديات الاقتصادية والتنموية التي يمر بها العراق.

الحروب لوثت ارض العراق والجو والمياه
التحدث عن الوضع البيئي في العراق موضوع مؤسف ومؤلم جدا ، نتيجة الحروب التي عشناها منذ 1980 . فالحرب الايرانية تركت معظم شرق العراق من البصرة وحتى حدود كردستان الشمالية المجاور الى ايران ملوثا بما تحمله الأرض من الغام واسلحة محطمة وقذائف مفجرة ومن مواد مشعة وملوثة . وحرب الكويت في 1992 تركت جنوب العراق وغربه ملوثا . فحرب الكويت تركت مساحات هائلة من صحارى العراق الغربية من النجف جنوبا ملوث باليورانيوم نتيجة القذائف غير المنفجرة والمنفلقة في معارك صحاري العراق. والمعدات العسكرية المصابة بالقنابل كالدبابات والعجلات التي اصبحت تكون خطرا بيئيا نتيجة ما اصابها من إنفلاقات القذائف الملوثة. وبعد ذلك أحدثت حرب احتلال امريكا للعراق ، تلوثاً كبيراً يغطي العراق اجمع . علق د. نوري مصطفى بهجت عند لقائي به في منتصف العام 2003 قائلا : لم تبق قنبلة في مخازن العالم لم تفجر فوق العراق . هذا أضافه الى ما تركه التلوث البيئي نتيجة تفجيرات المفاعل النووي في التويثة جنوب بغداد سنة 1983 وسوء استعمال المواد الملوثة المخزونة. لا ادري كيف ومتى يمكن التخلص من التلوث البيئي في مياه العراق وتربته وأجوائه والالغام التي تركتها الحروب , وارى ان التخلص من كل هذه الملوثات امر ليس بالأمر السهل عراقياً ويحتاج الى مجهود دولي مشترك وسنين طويلة من الزمن.
أما تلوث منطقة الفاو وشط العرب فهذا أمر مخيف بالنسبة لمجتمعات المنطقة . وان كانت معارك تحرير الفاو في ثمانينات القرن العشرين تركت اجواء وأراضي منطقة الفاو ملوثة بيئيا الى درجة كبيرة . لكن في سنوات 2007 حتى 2009 ادى انحسار المياه عن نهر الفرات من قبل تركيا وسوريا بالاضافة الى حجز مياه نهر كارون عن العراق وتسريب مياه البزل المالحة من الجارة الصديقة ايران الى نهر شط العرب ، كل ذلك ادى الى انحسار المياه الحلوة عن شط العرب وزيادة ملوحة مياهه مما ادى الى عدم ملائمة مياه الشط للشرب او للزراعة وبالتالي ادت تلك الظروف

الى هجرة الفلاحين لقراهم من منطقة الفاو وجنوب
شط العرب حتى ناحية السيبة بسبب توقف الزراعة وتلوث البيئة . لا يمكن حل هذه المعضلة الا بالتدخل الحكومي المركزي سياسيا والاتفاق دوليا على زيادة حصة العراق من كميات المياه في نهري الفرات ودجلة وايقاف تسرب مياه البزل من ايران .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة