عدنان الفضلي
منذ أكثر من خمسة أشهر، ونحن نتجهز لحدث ثقافي مهم يتمثل باحتضان بغداد لمؤتمر الأدباء والكتاب العرب بعد قطيعة دامت خمسة عشر عاماً، ومع تلك الاستعدادات كانت هناك مواقف عديدة لكثير من الأدباء بشأن المؤتمر، وتلك المواقف كانت متباينة في الطرح فكانوا ما بين مؤيد ومساند للمشروع وآخر يقف بالضد منه حتى قبل انطلاقته ومعرفة تفاصيل فعالياته، كانت المواقف تتناثر هنا وهناك عبر وسائل الإعلام بتنوع منظومات بثها المرئية والمسموعة والمقروءة، فوجدنا من يتهجم على اتحاد الأدباء والكتاب في العراق حتى قبل أن يطلع على تفاصيل المؤتمر، وكأن لا شيء يهمه سوى التشهير وتقديم نفسه على انه معارض لإقامة هذا المؤتمر خوفاً من الفشل، ثم جاء من يؤكد على ضرورة إقامة المؤتمر كونه سيكون المرآة الحقيقية التي ستعكس وجه المشهد الثقافي العراقي، وسيكون أداة نفي ضد كل من ينقل عبر الإعلام صوراً غير حقيقية لذلك المشهد ويصوّر للعالم على ان مدينة بغداد ميتة ثقافياً، وهو رأي يطلقه مثقفو المصادفة وذيول البعث المقبور وبعض الذين فقدوا الفرصة في العودة الى واجهة الثقافة، بعدما تسيّد تلك الواجهة المثقفون الحقيقيون ممن لم تتلطخ أقلامهم بسطور المديح بسلطة القمع البعثي.
هؤلاء الحاقدون ليسوا سوى مثقفين تآكلت دواخلهم فصاروا لا يستطيعون تقديم فعل يوازي ما تقدمه المؤسسات الثقافية التي يديرها الذين تحصلوا على (بياض الوجه) عبر ما يسطرون من كلمات تليق بعراقهم الجديد، ويقدمون الفعاليات الثقافية التي تنسجم وتضامن المثقف العراقي مع التغيير الذي جاء ليزيح أعتى منظومة قمع ثقافي عرفها العراقيون، وهي المنظومة البعثية التي تشتغل على وفق معطيات مرتكزة على الهدم والتدمير وتخريب الذائقة، فهم ليسوا سوى مجموعة منافقين يبثون سمومهم في وسائل الإعلام ثم يطرحون أنفسهم كجزء من المشهد الثقافي العراقي، وكلنا يتذكر كيف ان مجموعة من (أشباه الأدباء) هاجموا الثقافة العراقية برمتها في أثناء اقامة أحد المهرجانات في العاصمة بغداد، ثم جاؤوا مساء مع وفود المهرجان ليتناولوا طعام العشاء في المكان الذي هاجموا الفعالية المقامة به، فتعرضوا حينها للسخرية من قبل المشاركين بذلك المهرجان، حين حاصروهم بالأسئلة عن سبب مهاجمتهم للمهرجان ومن ثم الحضور لمكان الفعالية، فلم يجدوا رداً سوى قولهم انهم حضروا للسلام على بعض زملائهم، فأخبرهم المشاركون بأن ذلك كان يمكن ان يكون في مكان آخر لا علاقة له بالفعالية، وأعتقد أنهم فعلوا مثل مافعلوا بذلك المهرجان وحضروا الفعاليات وتناولوا الطعام على حساب المؤتمر الذي كانوا يهاجمونه قبل أيام وتوسلوا كي يلتقط لهم مصور الإتحاد لقطات مع الأدباء العرب الذين حضروا المؤتمر ومهرجان الجواهري.
حقيقة اني أسخر من هؤلاء بشكل كبير وأضحك من أفعالهم التي تجعلني أشفق عليهم وهم يتخبطون في مهاجمتهم للمؤسسات الثقافية الجادة العاملة على تأسيس خطاب ثقافي فعلياً وخصوصاً اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، ومنهم الممسكون بثقافة (ان لم تشركوني معكم فسأكون ضدكم) .. وما أكثر هؤلاء الذين تآكلوا لدرجة فقدانهم الإحساس بكل ما يدور حولهم..!!.