الأخبار الواردة من بلاد العم سام تقول أن صاحبة مطعم بولاية فرجينيا الأميركية طرد المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، لأنها تعمل مع دونالد ترمب.
وهذا الحادث هو الثاني، في ظرف أسبوع، حيث واجهت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، كيرستين نيلسن، احتجاجات في مطعم مكسيكي ذهبت إليه بواشنطن.
ومع أنني أجد هذا التصرف لا يليق مع الزبائن مهما كانت عناوينهم، لكنني أدرك مدى الاستياء الذي خلفه قرار الرئيس الأمريكي بفصل أبناء المهاجرين غير الشرعيين عن أسرهم، ووضعهم في مراكز احتجاز على الحدود.
ورغم تدارك الأمر بقرار تنفيدي آخر يوقف عمليات الفصل إلا أن الإدارة الأميركية واجهت وتواجه سيلاً من الانتقادات اللاذعة على خلفية قرار الفصل التعسفي، ولا يزال الجدل وردود الأفعال مستمرة حول هذه القضية التي أثارت مستوى جديداً من الإدانة والرفض والغضب الاجتماعي.
ولعل أكثر الانتقادات حدة جاءت على لسان جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق والذي عبر عن شعوره بالخجل والاشمئزاز والاحراج من الطريقة التي تصرف بها ترامب فيما يتعلق بهؤلاء الأطفال.
كأم، وإنسانة قبل كل شيء، لا استطيع كتم عواطفي عندما أحدق في وجوه أطفال وهم يبكون، ويؤخذون بعيداً عن أحضان أمهاتهم، فمثل هذه الصور المأساوية تلهب مشاعري، وتجعلني اتساءل: أي نوع من الناس هؤلاء الذين يقدمون على اتخاذ قرارات تتعارض مع أبسط القيم الانسانية والأخلاقية سواء باسم الدين أو باسم القانون؟
لقد فعلها هتلر مع اليهود، وفعلها ستالين بإرسال الملايين من الروس الى الموت بالسخرة والتجويع، وفعلها بول بوت حين مارس شتى أنواع التعذيب والقتل بحق الكمبوديين، وفعلها صدام بشنه حرب الابادة على الأكراد. ويبدو أن الرئيس الأمريكي في الطريق للسقوط في هذا المستنقع وهو يبني على سابقة تاريخية حين قامت الولايات المتحدة، خلال الحرب العالمية الثانية، باحتجاز جميع اليابانيين المقيمين على أراضيها في مراكز اعتقال..
في التاريخ الأمريكي الكثير من الحكايات عن عمليات فصل الأطفال عن ذويهم لصوغ نوع معين من المواطنين، كما حصل مع السود، وقبلهم مع الهنود الحمر.
وكان الأطفال، عند نمو حركة الاتجار بالبشر أوائل القرن التاسع عشر، يباعون بانتظام بعيداً عن أسرهم، وقد رفض مؤيدو العبودية الأمريكيون الحجج الأخلاقية ضد هذا الفصل، مؤكدين أن السود يفتقرون إلى القدرة العاطفية على الشعور بالألم الحقيقي لفقدان طفل أو أحد الوالدين!!
وما أقدم عليه ترامب يشير إلى أن مثل هذه السياسات كانت محورية دائماً في نظام ظل يسمح، حتى وقت قريب، بالاسترقاق الوراثي.
في الطريق إلى المستنقع
التعليقات مغلقة