دجاجة القرن !

بعد يوم واحد فقط من دعوة المرجعية الدينية من خلال خطبة الجمعة الى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء حالة الغضب نتيجة فعل او سبب ما ، الامر الذي يؤدي الى نشوب مشكلات وخلافات بين ابناء العشائر ، وقد تكون بين ابناء العشيرة الواحدة ، اقول بعد يوم واحد من دعوة وتحذير المرجعية هذا، نقلت لنا الاخبار عن نشوب معركة حامية الوطيس في محافظة الديوانية وعندما. فتشنا عن السبب وجدناه يعود لدجاجة ، نعم دجاجة تتسبب باندلاع معركة بين عشيرتين استعملت فيها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة وتسببت بمقتل اثنين وإصابة اخرين !!..ومعركة دجاجة الديوانية هذه ليست الاولى في التاريخ القديم او الحديث ، كما انها لن تكون الاخيرة مادام بقي المجتمع يعيش في بيئة مغلقة غير متماه مع ما يشهده العالم من تطور هائل ، وتتميز هذه المعركة بتفاهة سبب اندلاعها بالمقارنة مع نظيراتها عبر التاريخ ، فإذا كانت حرب داحس والغبراء اندلعت بسبب داحس الحصان وغبراء الفرس ، وحرب البسوس التي دامت نحو ثلاثين عاماً وأكلت الاخضر واليابس بسبب مقتل ناقة ، تبدو اسبابها اكثر «مقبولية» ! اذا ما قارناها بالدجاجة التي كانت تعود لأحد اطفال الحي العسكري في الديوانية ، وقد حاول طفل اخر الامساك بالدجاجة ، فما كان من صاحبها إلا ان يحشم اهله وعشيرته ، لإنقاذ تاريخ العشيرة من الاساءة !!.. اما عشيرة الطفل الاخر الذي «اعتدى على الدجاجة ، هي ايضا لم تقف مكتوفة الايدي امام هذا التحشيد من العشيرة صاحبة صاحب الدجاجة !! ، فحزمت امرها وتوكلت على ابنائها المدججين بالبيكيسيات وشتى اصناف الاسلحة الخفيفة والمتوسطة !!، ووقفت ببسالة ! لمواجهة العشيرة المهاجمة ! ، وليتحول الحي العسكري في لحظات الى منطقة معارك طاحنة دامت عدة ساعات !!..
المصيبة ان مثل هذه الصراعات العشائرية كثيرة الحدوث وفي بعض الاحيان تستمر لعدة ايام ويذهب ضحيتها الكثير من الابرياء ، تعود لأسباب نجدها تافهة ، والمصيبة الاعظم ، ان المتسببين بمثل هذه النزاعات لا يلتزمون بقانون ولا دين ، وإلا لو كانوا يؤمنون بدين او يخشون القانون لما تمادوا في اثارة مثل هذه الصراعات التي دمرت النسيج الاجتماعي وتسببت بحدوث الكثير من المشكلات لعل من بينها تهديد السلم الاجتماعي ، ولم تفلح دعوات المرجعية الدينية ، ولا تلويح الحكومة بفرض القانون من الحد من هذه السلوكيات السلبية ، وكأن المجتمع منوم مغناطيسيا او كما يسميه علي الوردي بالتنويم الاجتماعي ، وفيه يبقى الانسان حبيس الماضي ، وأفكاره مقيدة بقوالب يصعب الخروج منها !!..
وهنا يأتي دور الدولة والحكومة ورجال الدين لتحطيم هذه القوالب وتحرير افكار الناس منها ، وعملية. التحطيم هذه ليست سهلة ، انما تحتاج الى خطط وأدوات تنفيذية ناجعة ، منها التعليم وتوفير الخدمات والعيش الكريم للمواطن وفرص العمل ، لكي ينشغل الناس بحياتهم بعيدا عن مثل هذه السلوكيات السلبية ، والاهم من هذا كله ، وأنا هنا اعده السبب الحقيقي والرئيس وراء حدوث مثل هذه المعارك والصراعات العشائرية ، انما يعود لانتشار السلاح بنحو واسع جدا خارج سيطرة الدولة ، وقد ذهبت جميع المحاولات والدعوات الى حصره بيد الدولة ادراج الرياح ، لان كل تلك الدعوات لم تقترن بإجراءات صارمة من شأنها دفع الناس الى تسليم اسلحتهم الى الحكومة ، ولهذا ، وبعد ان اثبت مثيرو هذه المشكلات والنزاعات انهم لا يلتزمون بفتوى دينية ولا يعيرون القانون ادنى اهتمام ، يتوجب على الحكومة التحرك بقوة لمعالجة ظاهرة انتشار الاسلحة سواء كانت تلك المخزونة في البيوت والتي تضاهي ما لدى القوات الامنية من اسلحة !، او تلك التي يتم بيعها وتداولها في الاسواق ، فإن لم تقم بمثل هذه الاجراءات التي ينبغي ان تكون رادعة وقوية ، فلا يمكن الحديث عن امكانية الحد من ظاهرة النزاعات العشائرية ، وعلينا ان نتوقع المزيد من المعارك ولأسباب اوهى من دجاجة الديوانية في وقت لم يعد الحال يحتمل المزيد من التوتر … ألا تتفقون معي ؟؟.
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة