قرارات المصادفة !

لا تخلو اية عملية سياسية او اداء سياسي من اخطاء ..واذا كانت السياسة علما قائما بذاته قائم على فن الممكن والبحث عن افضل الاليات والحلول للقضايا والمشكلات فان اي نشاط سياسي في خاتمة المطاف محكوم بالفشل او النجاح ولكن في الوقت نفسه هناك فرق بين عمل يأتي بعلمية ومهنية وتخطيط وبصيرة وبين عمل مرتجل تحكمه الاهواء وتتداعى فيه الاجتهادات من دون دراية او معرفة وتخضع مقاييسه للمصادفة وتفتقد الوعي والرصانة …وفي بلدان تجتاحها الفوضى وتتحكم بها مجموعات متنفذة وتتقاسم فيها السلطة احزاب وقوى تعاهدت على اقتسام المناصب والمصالح من دون الالتفات لكفاءة او نزاهة يصح ان نطلق على السياسيين فيها بانهم (سياسيو المصادفة ) مثل هؤلاء الذين تسيدوا وتحكموا بزمام الامور في بلادنا وسلمنا لهم مقاليد امورنا مجبرين لا مخيرين لا غرابة ان نجدهم يخوضون في المجهول ويتخطون العقلانية ويتبعون اللا مألوف في قراراتهم وخطواتهم لا لشيء سوى لجذب الانتباه اليهم وتأكيد حضورهم في المشهد السياسي مهما كان الثمن ..اكثر من خمسة عشر عاما مر على التجربة السياسية الجديدة في العراق لم يثمر فيها النظام الديمقراطي سوى المغامرات ولم تنتج لنا سوى المغامرين الذين لا يعلمون اين يضعون اقدامهم واين يختارون اماكنهم في كل نازلة او معضلة مر بها العراق يغطون في سبات ثم يصحون على مصيبة او كارثة قد حلت بالبلاد ولا يعون او يعدون من الدروس الماضية ولا يستجيبون للنصائح ولا يتحذرون من التهديدات التي يطلقها اعداؤنا والمطامع التي يلوح بها جيراننا…والا بربكم ماذا يعني ان يقول اردوغان او المسؤولون الاتراك انهم ابلغوا العراق قبل سنوات بان عليهم ان يستعدوا لافتتاح سد اليسو وان ينظموا امورهم المائية تبعا لتداعيات انشاء هذا السد ؟؟ ومامعنى ان تخطط الكويت منذ سنوات لاقتسام غير منصف وعادل لممر مائي مهم للملاحة البحرية في خور عبد الله بقي لقرون ضمن السيادة العراقية ؟؟ ومامعنى ان يجري تقديم مقترحات معقولة كي تتولى السلطة القضائية مهمة الاشراف على مفوضية الانتخابات يرفضها مجلس النواب لسنوات ثم يعود للموافقة عليها ؟؟ ومامعنى ان تصدر عشرات القرارات التي تؤكد على اهمية تطبيق قوانين نزع السلاح من الميليشيات والفصائل المسلحة وعدم السماح بتداوله خارج سلطة الدولة ثم نفز على عشرات الشهداء والجرحى الابرياء بسبب خزن السلاح في احد المساجد ؟؟ ومامعنى ان يتظاهر اهالي داقوق لايام ويعتصمون امام المراكز الانتخابية في كركوك احتجاجا على تزوير الانتخابات ولا يلتفت لهم احد ؟؟ وحينما يخسر الفاشلون ويفوز المزورون تتدارك السلطة الامر وتقرر اعادة الفرز اليدوي ..ولايسع المجال هنا لتعداد قرارات المصادفة وممارسات سياسي المصادفة الذين بسببهم تهدر ملايين الدولارات من ميزانية العراق ومامن احد يوقفهم ويحاسبهم على هذا التبديد المريع لثروات العراق .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة