جديد الانتخابات التشريعية العراقية

لهب عطا عبد الوهاب

برغم ما شاب الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 12/أيار مايو الماضي من عزوف الناخب العراقي عن المشاركة الفاعلة إذ لم تزد نسبتها عن 44.5 % مقابل أكثر من 60 % في الإنتخابات السابقة . بيد أن الإنتخابات الأخيرة أفرزت الكثير من المستجدات لعل من أبرزها السقوط المدوي لرؤوس كبيرة منها الهزيمة التي لحقت برئيس مجلس النواب الحالي د. سليم الجبوري , كما فشل رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني من بلوغ العتبة الإنتخابية المطلوبة . وتضم قائمة الخاسرين الطويلة أسماء معروفة منها : مشعان الجبوري , موفق الربيعي ( مستشار الأمن القومي السابق ) , الشيخ همام حمودي ( النائب الأول لرئيس مجلس النواب ) , عباس البياتي النائب التركماني المخضرم , حسن العلوي الإعلامي المعروف ( رئيس التحرير السابق لمجلة ألف باء ) . ووزير التخطيط الحالي سلمان الجميلي . وضمت قائمة الخاسرين كذلك السيدة حنان الفتلاوي والآنسة ميسون الدملوجي مقررة لجنة الثقافة في المجلس .
ومن المحطات البارزة التي شهدتها الانتخابات التشريعية الحالية فوز مرشح التكنوقراط د. محمد على زيني بمقعد عن التحالف المدني الديمقراطي وبميزانية متواضعة مقابل الملايين التي أنفقها البعض دون طائل د. زيني الحاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة من الجامعات البريطانية والذي عاش جل حياته في الخارج ( المملكة المتحدة ) كان قد بدأ حياته العملية موظفاً في شركة النفط الوطنية العراقية وتوج مسيرته المهنية مستشاراً في مركز دراسات الطاقة الدولية CGES في لندن ( 1991 – 2016 ) والذي كان يدير في حينها وزير البترول السعودي السابق الشيخ أحمد زكي اليماني الذي طبقت شهرته الآفاق . ويعد د. زيني اليوم احد ابرز المرشحين لشغل منصب وزارة النفط في الحكومة القادمة .
بيد ان المفارقة الأبرز في الانتخابات التشريعية العراقية تجلت بفوز رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ( 2006 – 2014 ) بالعدد الأكبر من أصوات الناخبين بعد ان حصل على 102ألف صوت , يليه في المرتبة الثانية هادي العامري مسؤول تنظيم بدر ورئيس تحالف الفتح المقرب من إيران عند 58 ألف صوت . وحصل رئيس الوزراء الحالي د. العبادي على 43 ألف صوت أما رئيس الوزراء السابق د. إياد علاوي ( 2004 – 2005 ) رئيس تحالف القائمة الوطنية العراقية فلم تتجاوز عدد أصواته 19 ألف صوت وهو عدد قليل جداً مقارنة بالأصوات التي حصدها في انتخابات عام 2010 والتي تجاوزت 400 ألف صوت .
وفي المحصلة النهائية تم التجديد لــ 95 نائباً فقط من مجموع 329 نائب هم عدد أعضاء مجلس النواب العراقي مع دخول 234 نائبا جديدا قبة البرلمان .
وتمثل هذه الأرقام مؤشراً على أن الناخب العراقي سأم الوجوه القديمة الغارقة في الفساد أولاً , وأن باستطاعته ثانياً التغيير من خلال صناديق الإقتراع برغم ماشابها من خروقات في العديد من المحطات الإنتخابية سواء داخل العراق أو خارجها .
ويتطلع المراقبون إلى الإنتهاء من المصادقة النهائية للنتائج من قبل المحكمة القضائية العليا لتبدأ بعدها العملية الدستورية الماروثونية بالدوران , إذ على مجلس النواب الجديد إختيار رئيس الجمهورية خلال 15 يوما من إنعقاده , على أن يكلف رئيس الجمهورية حسب الدستور ( المادة 76 ) الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً تشكيل الحكومة . وتفيد آخر التسريبات إلى ولادة تحالف داخل البرلمان يحظى بدعم رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر ( تحالف سائرون ) , وتحالف النصر ( العبادي ) , والحكمة ( عمار الحكيم ) , والقرار ( أسامة النجيفي ) والحزبين الكرديين الرئيسيين بالإضافة إلى احزاب أخرى صغيرة يمكنها جمع أكثر من 166 مقعداً ( 50 % + 1 ) المطلوبة لتشكيل الحكومة .
هذا وتميل الكفة بشكل كبير لإعادة تكليف الدكتور العبادي تشكيل الحكومة القادمة , ولا غرو في ذلك , إذ يحسب له إنجازه الأكبر في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي . كما يتمتع الرجل بتأييد اقليمي و دولي كبيرين مايجعله مقبولاً للجميع .
إلا أن ولادة الحكومة العتيدة ستستغرق بعض الوقت إذ لن ترى النور قبل نهاية شهر تموز أو مطلع شهر آب في أحسن الأحوال .

* اقتصادي عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة