مصارف .. ومشاريع

هل يمكننا القول ان القطاع المصرفي العراقي بات يشغل مساحة مناسبة تتناسب وقدراته المالية والاقتصادية في تحقيق التنمية في البلاد ، ام انه مازال ينظر من خلف ستار لما يجري من تخطيط وتنمية من دون ان يقوى على تحريك اذرعه ليكون شريكا مناسبا في هذا المجال ؟
اعتقد ان الاجابة على السؤالين ستكون نعم ولا في الوقت ذاته!! .. ولكن كيف يمكن لإجابتين تقفان على طرفي نقيض ان تجتمعا تحت سقف واحد ؟ .. ودعونا نقف عند اجابة السؤال الاول ، الذي ستكون اجابته ، نعم ، وهذه النعم متأتية من خلال شواهد واضحة تشهدها الساحة العراقية وعلى وجه التحديد في العاصمة بغداد ، التي باتت مسرحا لفعاليات تنموية وعمرانية مهمة تقف خلفها مؤسسات مصرفية فاعلة حكومية وخاصة ، وهنا نشير إلى مشروع « الق بغداد « الذي تبنته رابطة المصارف العراقية الخاصة التي تضم بين ظهرانيها مجموعة من المصارف الفاعلة وبتعاون وتنسيق مع البنك المركزي العراقي ومصارف حكومية اخرى ، بمشاركة منظمات مجتمع مدني ، وتتضمن المبادرة تطوير وتأهيل الساحات الرئيسة في بغداد وينوف عددها على العشرين ساحة ، ومن المؤمل ان يتم انجاز هذه الساحات برؤية فنية وجمالية ، ما يعني اننا سنكون امام صفحة جديدة ستمنح بغداد القا وجمالا فنيا وعمرانيا رائعا وقبل نهاية هذا العام ، ومثل هذه المبادرة الرائعة تؤكد بما لا يقبل الشك ان خطوات ومبادرات اخرى مهمة سيكون لها اثر واضح في الخريطة التنموية لعموم البلاد ، كما ان من شأنها ان تشجع المترددين الذين يخشون الخوض في غمار التنمية ، .. ومن المؤكد ان اي تنمية ستبقى عرجاء وغير قادرة على تخطي العقبات التي تواجهها ان لم يكن لدينا قطاع مصرفي فاعل ، لان عملية تمويل المشاريع التنموية مهمة جدا ،.. وقد اثبتت تجربة مشروع «الق بغداد « انه في حال توفر التمويل المطلوب مع وجود النية الصادقة للعمل تمضي المشاريع نحو الانجاز بنحو ينسجم تماما مع توقيتاتها الزمنية والكمية .
اما اذا انتقلنا إلى السؤال الثاني الذي بدأنا به الحديث ، والذي هو الاخر يمكن ان تكون اجابته نعم ، او لا ، فبعض المصارف مازالت تراقب عن كثب من دون محاولة النزول إلى الساحة لتكون شريكة في العملية التنموية ، وأتصور ان موقفا مثل هذا لا يعد ايجابيا لان العربة ستمضي بمن فيها ، وان الزمن لم يعد يسمح بمزيد من الانتظار لمن يتخلف عن الصعود .. ، وأنا متأكد ان مبادرة «الق بغداد « لن تكون الاخيرة ، بل ستتبعها المزيد من المبادرات هي ايضا ستكون متألقة ، ولكن الاهم من هذا كله هو اننا نريد ان يكون لنا قطاع مصرفي فاعل وقادر على تغيير مسارات التنمية بنحو واضح ، وقد بدأت ملامح مثل هذا الدور تظهر في الافق التنموي ، من خلال العديد من الممارسات والفعاليات والخطوات الجادة ، ومثل هذه الخطوات دفعت مؤسسات مصرفية عربية ودولية مرموقة ، لان تنظر بإكبار واحترام لمؤسساتنا المصرفية ، سواء كانت الحكومية او الخاصة ، وان كان العديد من هذه المؤسسات المصرفية مازالت بحاجة إلى الكثير من العمل لتطوير واقعها بنحو افضل يجعلها قادرة على تقديم المزيد من الخدمات المصرفية المهمة للعملاء ، فضلا عن دورها في تمويل مشاريع التنمية ، بمعنى يجب ان يكون العمل بمسارين ، المسار الاول يتمثل بعملية التصحيح والتطوير وأتمتة العمل ومواكبة الانظمة المصرفية العالمية في هذا المجال ، والمسار الثاني يتمثل بفتح افاق واسعة والدخول بقوة في الساحة الاستثمارية وفي شتى القطاعات التنموية ، ومن المؤكد ان النتائج ستكون ايجابية بقطع النظر عن التحديات المتوقع ان تواجه مسيرة العمل المصرفي في العراق بنحو عام
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة