وكالات ـ الصباح الجديد:
تواجه إيطاليا احتمال العودة مجددا إلى صناديق الاقتراع بعد تخلي جوزيبي كونتي عن تكليفه تشكيل الحكومة إثر انهيار المحادثات مع الرئيس سيرجيو ماتاريلا بسبب رفض ضم وزير اقتصاد مشكك في الاتحاد الأوروبي. ويضع كونتي، بقراره التنحي، البلاد في أزمة سياسية بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات عامة لم تسفر عن أغلبية واضحة في البرلمان.
ودخلت إيطاليا أمس الاثنين في أزمة سياسية عميقة إثر تخلي المحامي جوزيبي كونتي عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد رفض الرئيس الإيطالي سيرجيو مارتيلا تمرير التشكيلة الجديدة للحكومة بعد ضمها وزير اقتصاد مشكك في الاتحاد الأوروبي.
ومن المحتمل أن تعود البلاد مجددا إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع بعد ثلاثة أشهر من انتخابات لم يحظ فيها أي حزب بأغلبية مريحة في البرلمان تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.
وكان كونتي (53 عاما) المحامي والسياسي غير المتمرس الذي اختارته حركة “خمس نجوم” المناهضة للمؤسسات وحزب الرابطة اليميني المتطرف لمنصب رئيس الوزراء يسعى لتشكيل ائتلاف حكومي، وكان يتعين عليه تقديم تشكيلته التي يجب أن تحظى بموافقة رئيس البلاد قبل عرضها على البرلمان لنيل الثقة. وقال كونتي للصحافيين بعد خروجه من اجتماع مع الرئيس الإيطالي “تخليت عن تكليفي تشكيل حكومة التغيير”.
وبعد انهيار المحادثات، استدعى الرئيس الإيطالي المدير السابق في إدارة الميزانيات في “صندوق النقد الدولي” كارلو كوتاريلي (64 عاما) لاجتماع في وقت يبدو أن تشكيل حكومة تقنية (تكنوقراط) بات مطروحا مع احتمال أن تشهد البلاد انتخابات جديدة في الخريف.
وعمل كوتاريلي في “صندوق النقد الدولي” بين 2008 و2013 وأصبح يعرف بـ”السيد مقص” بسبب خفضه الانفاق العام في إيطاليا. لكن نيله موافقة البرلمان حيث تحظى حركة خمس نجوم وحزب الرابطة بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ لن يكون سهلا. وقال زعيم حركة خمس نجوم لويدجي دي مايو أمام تجمع لمناصريه في روما “لقد استبدلوا حكومة تتمتع بالأغلبية بأخرى لن تنالها”.
وأكد ماتاريلا أن حركة “خمس نجوم” وحزب الرابطة بتسميتهما باولو سافونا وزيرا للاقتصاد نسفتا تكليف كونتي تشكيل الحكومة. ويصف سافونا (81 عاما) في كتابه الأخير “مثل كابوس وحلم” اليورو بأنه “قفص ألماني” ويقول إن إيطاليا تحتاج إلى خطة للخروج من العملة الأوروبية الموحدة “إذا اقتضى الأمر”.
وقال ماتاريلا للصحافيين “قبلت بكل الوزراء الذين تم اقتراحهم باستثناء وزير الاقتصاد”. ورفض ماتاريلا وهو قاض سابق في المحكمة الدستورية الخضوع لما اعتبره “إملاءات” من قبل الحزبين تخالف مصالح البلاد. وكانت الحركة والحزب انخرطتا في مفاوضات استمرت لأسابيع لمحاولة تشكيل ائتلاف يحظى بغالبية في البرلمان.
وقال ماتاريلا إنه قام “بكل ما بوسعه” للمساعدة في تشكيل الحكومة لكن تسمية وزير للاقتصاد يشكك علنا في الاتحاد الأوروبي يخالف تعهد الجانبين بـ”تغيير أوروبا إلى الأفضل من وجهة نظر إيطالية”. وقال الرئيس “طالبت بوزير للاقتصاد من الأغلبية البرلمانية تتوافق تطلعاته مع برنامج الحكومة… لا يعتبر مؤيدا لتوجه من المرجح، لا بل من المحتم، أن يؤدي إلى خروج إيطاليا من اليورو”. وقال ماتاريلا إن كونتي رفض “أي خيار آخر” وبعد إصرار الرئيس على رفض تسمية سافونا تخلى عن تكليفه تشكيل الحكومة.
وعبر زعيما حركة خمس نجوم وحزب الرابطة ماتيو سالفيني الأحد عن غضبهما لرفض ماتاريلا تسمية سافونا وزيرا للمال والاقتصاد. والأحد قال سالفيني وهو بدوره مشكك في الاتحاد الأوروبي وأكبر المدافعين عن سافونا إن إيطاليا ليست مستوطنة ولن نرض بأن تقول لنا ألمانيا وفرنسا ما علينا فعله”.
بدوره قال دي مايو في فيديو على فيس بوك “لنقلها صراحة بات من غير المفيد التوجه إلى مراكز الاقتراع لأن الحكومات هي وكالات التصنيف واللوبيات المالية والمصرفية. إنهم على ما هم عليه ولن يتغيروا”. ولاحقا طالب دي مايو بعزل الرئيس ماتاريلا. وقال دي مايو في برنامج تلفزيوني “آمل أن نعطي الكلمة للإيطاليين في أقرب وقت، لكن أولا علينا توضيح بعض الأمور. أولا عزل ماتاريلا… وبعدها الانتخابات”.