نينوى ـ خدر خلات:
في مشهد قد يعود بالذاكرة الى بضعة عقود مضت، تجوب سيارات تابعة لبلدية نينوى الشوارع والازقة بجانبي مدينة الموصل وتنفث دخانا ابيض لطرد الحشرات وخاصة البعوض، يتراكض حولها بعض الاطفال وهم يرون هذا المشهد الذي ربما شاهده أباءهم وربما جدهم الأول.
يقول الناشط المدني الموصلي محمد حسين الحيالي في حديث له الى “الصباح الجديد” ان “هذا الاسلوب البدائي في مكافحة الحشرات يثير السخرية مثلما يثير الحزن والمرارة في نفوسنا، ولا نعرف حقا كم سبقتنا الدول المجاورة في عدة مضامير، حيث اننا ما زلنا نكافح الحشرات بالدخان الابيض، علما اننا لا نعرف هل هذا الدخان يقتلها ام يهيجها اكثر كي تهرب الى منازلنا”.
واضاف “ونحن لا نعلم ما هو تأثيره على صحة المصابين بالامراض التنفسية كالربو وغيرها وخطره على الاطفال الرضع، فضلا عن تأثيراته على الصحة العامة لعموم الاهالي من الذين تجوب هذه العجلات مناطقهم”.
ويرى الحيالي ان “المفروض هو معالجة اسباب تجمع الحشرات وليس رشها بالدخان الابيض، مثلا ينبغي رفع النفايات بشكل مستمر، علما انها تتكدس في الكثير من شوارع المدينة، وينبغي تجفيف المستنقعات التي تكونت في اطراف الاحياء السكنية والتي نتجت عن تراكم المياه الاسنة ومياه الامطار ايضا”.
وتابع بالقول “في هذا الصيف اللاهب، وفي القرن الواحد والعشرين يتم مكافحة الحشرات في الموصل، ثاني اكبر مدن العراق، بطريقة ربما تعود الى زمن الحرب العالمية الاولى، وانا هنا انقل ردود فعل مواطنين موصليين واتفق معهم في ذلك”.
مسؤول بلدي: لا نملك خيارا اخر.. ونحن نحتاج الى 8 آلاف عامل وفني
من جانبه قال السيد رافع نافع داؤود مدير خدمات البلدية في قطاع التحرير الذي يشمل 34 حيا سكنيا، في حديث الى “الصباح الجديد” “نحن نعلم ان هذا الاجراء قديم جدا واكل عليه الزمن وشرب، لكن هذه الامكانية المتوفرة لدينا حاليا وهذا ما لدينا، علما ان هذا العمل اضافي وفوق واجبات كوادرنا التي لا تملك تلك الامكانية التي يمكن ان نأتي من خلالها بشيء جديد للاسف”.
واضاف “على الرغم من ذلك فان هذه الطريقة فعالة وتسهم في القضاء على الحشرات، إضافة الى ان هنالك دائرة في صحة نينوى هي التي تقيم العمل ولسنا الوحيدين بانجاز هذا العمل حيث هنالك دائرة الصحة ودائرة البيئة والبلدية ايضا، حيث ان المواد التي يتم ضخها هي من صحة نينوى بينما العجلات عائدة للبلدية”.
وحول تأثيرها على الصحة العامة والمصابين بالامراض التنفسية، افاد داؤود بالقول “حسب اعتقادنا انه ليس لها تأثير كبير، وهناك مختصون يمكنهم تقييم ذلك لكن دائرة صحة نينوى تتواجد مع كوادرنا، اعتقد ايضا اننا سنستمر بهذه الطريقة طوال الصيف لانه لا بديل اخر امامنا لمكافحة الحشرات التي تقلق راحة المواطنين وقد تنشر الامراض بينهم”.
وبخصوص اسبقية تجفيف المستنقعات ورفع النفايات التي هي بؤر لتجمع الحشرات، عوضا عن رش الدخان الابيض، اوضح “البلدية الان لا تعمل فوق طاقتها فقط بل فوق ذلك باضعاف مضاعفة، والعمل مستمر من جميع الدرجات الوظيفية من المدير الى مدراء القطاعات الى اصغر عامل لكن العمل كثير والكوادر قليلة جدا قياسا بذلك، حيث ليس لدينا اليات كافية، والمواطن ربما لا يعلم انه كان لدينا نحو 900 الية ولكن عقب طرد داعش بات لدينا اقل من 200 آلية فقط”.
ومضى بالقول “الاهم هو انه لا عمال لدينا، فنحن في الظروف الاعتيادية بحاجة الى 8 الاف عامل وفني، لكن في وضع مثل وضعية مدينة الموصل حيث الخراب والانقاض فاننا بحاجة الى اكثر من ذلك بكثير، بينما لدينا الان اقل من 2000 عامل حاليا، فضلا عن انه لا يوجد تخصيصات ولا عقود”.
ولفت داؤود الى انه “من حق الاهالي ان يشكون من قلة الخدمات ومن حقهم ان يعاتبون لانهم لا يعرفون معاناتنا ايضا، ونحن نتقبل كل النقد لاننا نسعى لخدمة اهالينا على وفق الامكانيات المتاحة لنا، مع الاشارة الى ان المواطن ايضا غير متعاون معنا بالشكل المطلوب، ونطلب منه ان يزيد من تعاونه معنا من اجل مدينتا الغالية علينا جميعا”.