مصارفها مهدّدة بعقوبات واشنطن
متابعة الصباح الجديد:
قال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أمس الاثنين إن ألمانيا تسعى لإنهاء الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم مرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم.
وقال إنه سيناقش القضية مع مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم ووزير التجارة الأمريكي ويلبر روس خلال اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس الأسبوع الجاري.
وقال ألتماير ”علينا محاولة تفادي زيادة الرسوم“.
كان ترامب فرض رسوما 25 بالمئة علي واردات الصلب وعشرة بالمئة علي الألومنيوم في آذار لكن الاتحاد الأوروبي حصل على استثناء حتى أول حزيران.
وباشرت مصارف ألمانية التعامل مع إيران خلال السنوات الماضية، مغتنمة الانفراج في برنامج طهران النووي، لكن هذه المغامرة قد تتعثر وسط التهديدات الأميركية بفرض العقوبات مجدداً على هذا البلد.
وأمهلت واشنطن الشركات الأجنبية حتى مطلع تشرين الثاني المقبل لوقف تعاملها مع إيران، ملوحة بعقوبات غير مسبوقة قد تطاولها.
وينعكس التبدّل في الموقف الأميركي حيال البرنامج النووي الإيراني تحديداً على ألمانيا، التي استثمرت مبالغ كبيرة منذ العام 2015، لمعاودة العلاقات الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية.
والتزم «دويتشه بنك» و «كومرتز بنك» الألمانيان الحذر، وبقيا خارج اللعبة بعدما فرضت عليهما واشنطن عقوبات صارمة عام 2015، لاتهامهما بانتهاك الحظر المفروض على إيران.
في المقابل، رأت بعض المصارف الألمانية الصغيرة فرصاً في إيران لتطوير أعمالها، ومن بينها «المركز الدولي للكفاءة» الذي تأسس عام 2008، ويضم ستة صناديق تعاونية في توتلينغن في ولاية بادن فورتمبرغ، لمساعدة الزبائن في الأسواق الحساسة مثل إيران والسودان.
وسجلت ألمانيا زيادة في مبادلاتها مع إيران منذ توقيع الاتفاق بشأن الملف النووي عام 2015، فبلغت قيمة صادراتها من السلع 2.57 مليار يورو عام 2016 بزيادة 22 في المئة عن 2015، ثم 2.97 مليار يورو العام الماضي بزيادة 5.15 في المئة عن 2016.
وأكدت مديرة الأعمال الدولية في المركز باتريزيا ملفي في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، مواصلة «خدمة زبائننا برغم التهديدات الأميركية». وقالت «لا بد من انتظار ما ستكون عليه العقوبات المقبلة» قبل اتخاذ أي قرار.
ولا يعتزم المعهد الاستسلام، بعدما سجل الطلب وفق المسؤولة «زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، صادرة عن شركات مدرجة في مؤشر «داكس» (لأكبر ثلاثين شركة ألمانية) ومن أنحاء ألمانيا، كما من سويسرا.
لكن التعامل مع إيران يلفّه مزيد من الحذر، إذ لا تجري عمليات التمويل إلا باليورو، ولا يتعامل المركز مع شركات تضم بين مجالس إدارتها أميركياً أو شخصاً يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة. كما لا يجب تخطي نسبة القطع الأميركية الصنع في المنتجات المصدرة إلى إيران نسبة 10 في المئة من مكوناتها. وشددت ملفي على أن الظروف «حتمت على إدارتنا التحلي بالشجاعة».
في المقابل، فضّل مصرف «دي زد بنك» الذي يعتبر مثابة مصرف مركزي لأكثر من ألف صندوق تعاوني محلي في فرانكفورت، الانسحاب كلياً من إيران.
وأوضح ناطق باسمه لـ «فرانس برس»، أن «إدارتنا قررت وقف كل خدمات الدفع مع إيران».
ويتجه «المركز الدولي للكفاءة» بالتالي إلى الاستناد إلى شريك مالي آخر، هو الفرع الألماني لبنك «ملي» الوطني الإيراني ومقره في هامبورغ، لكن ربما لن يعود قادراً على القيام بذلك في حال أدرج أكبر مصارف إيران التجارية على القائمة الأميركية للشركات المحظور التعامل معها، مثلما سبق وحصل في الماضي.
وتقضي النشاطات مع إيران بالنسبة إلى نحو 390 صندوق توفير ألمانياً، بتحرير وثائق تتناول عقود تصدير.
وقال مصدر قريب من الملف «سندرس المسألة بمزيد من الانتباه».
وثمة معبر آخر للتعامل مع إيران هو المرور عبر «البنك التجاري الأوروبي الإيراني»، وهو مصرف ألماني في هامبورغ متخصص منذ العام 1971 في التعامل مع إيران. وأكد المصرف في بيان على موقعه الإلكتروني، «البقاء في التصرف بالكامل» لخدمة زبائنه.
أما البنك المركزي الألماني «بوندسبنك» المخول التدخل في حال فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مالية، فيرى أن «الوضع لم يشهد أي تغيير». وأكد لـ «فرانس برس»، أن «وحده نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي (على إيران) سيكون حاسماً»، مشيراً إلى أن «شيئاً لم يتغير حتى إشعار آخر».
وفي حال أُعيد فرض سقف للتحويلات المالية إلى إيران كما كان الوضع قبل كانون الثاني 2016، عندئذ يتحتم على البنك المركزي الألماني، الموافقة على أي مدفوعات تشمل شريكاً إيرانياً.
ويدعو لوبي المصارف الألماني «كريديت فيرتشافت» برلين وشركاءها الأوروبيين، إلى الوضوح كي تحظى المصارف والشركات بـ «حماية فعلية من أي عقوبات أميركية محتملة».
وخلُصت ملفي إلى أن الوقت داهم، لأن «شركات كثيرة تريد وقف أي تعامل مع إيران، لعجزها عن تقويم أخطار البقاء فيها».