استشراف الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة : لمن ستكون الغلبة؟

خالفت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي جرت السبت الماضي، دراسة حديثة صدرت عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره العاصمة الأمريكية واشنطن، وتوقعت الدراسة جملة من النتائج مستندة الى استطلاع اجري قبل اكثر من شهرين من موعد الانتخابات، وتجد الصباح الجديد ان من المفيد نشر هذه الدراسة بالتزامن مع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، سيما وانها تتيح هامشا مريحا للقاريء في مجال المقارنة، وتمكنه من معرفة ما يدور حوله، فيما تمكن الدارسين من معرفة ان متغيرات الشارع السياسي في العراق، تختلف عنها في دول أخرى جراء التنوع القومي والديني والاثني والاجتماعي في المجتمع العراقي

 

بقلم : لهب عطا عبد الوهاب إقتصادي عراقي

اقترع ملايين العراقيين من الناخبين الذين يتوزعون على 18 محافظة تمثل كل واحدة منها دائرة إنتخابية على نحو 7 آلاف مرشح يتنافسون على 329 مقعداُ برلمانياُ , بينهم نحو ألفين يخوضون السباق لنيل 69 مقعداً في العاصمة بغداد وحدها في الإنتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 أيار مايس الجاري . وأفادت الأرقام بأن المرشحين يمثلون 205 كيانات سياسية ممثلة في مايقارب 25 تحالفاً سياسياً وامكن للعراقيين المقيمين في الخارج ( عراقيو المهجر ) الإدلاء بأصواتهم في مراكز إنتخابية توزعت بين دول عربية وأجنبية عديدة ( لبنان , مصر , الإمارات , الولايات المتحدة , كندا , بريطانيا , ألمانيا , السويد , الدنمارك , إستراليا ) . وفي الأردن حيث تتراوح أعداد الجالية العراقية بين 130 إلى 160 ألف نسمة امكنهم الإدلاء بأصواتهم في 13 مركز إنتخابي في المملكة منها 11 مركز في العاصمة عمان , ومركز واحد في كل من إربد و الزرقاء .
وقد وجدت دراسة حديثة صادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن حدوث تحولات عديدة في المشهد السياسي العراقي يمكن إيجازه على النحو التالي :
• التحول من الإستقطابات الإثنية الطائفية لصالح تحالفات جديدة ومختلفة .
• الإنتقال من الأيديولوجية إلى البراغماتية .
• التحول نحو الهوية الوطنية .
• الإنتقال نحو هموم الناخب المحلية .
• بروز الأحزاب والتحالفات العابرة للطوائف .
والدراسة الإستشرافية المذكورة قائمة على عينة تزيد على 7 آلاف شخص تمت مقابلتهم مابين 22 / شباط – 22 / آذار / 2018 وأن نسبة الخطأ والصواب فيها تتراوح بين + و – 2% .
وقامت الدراسة بتوجيه إستبيان Questionnaire للعينة المذكورة وعلى النحو التالي :
1 هل تنوي المشاركة في الإنتخابات القادمة ؟
أجاب 60% من العرب السنة و 51% من العرب الشيعة و 60% من الأكراد المستطلعة أراءهم نيتهم المشاركة وبلغ متوسط نسبة المشاركة المتوقع حسب الإستطلاع 55% .
2 أسباب مقاطعة الإنتخابات ؟
أجاب 66% من العرب السنة و 58% من العرب الشيعة و 56% من الأكراد المستطلعة آراءهم إنهم لايجدون طائلا من المشاركة في الإنتخابات . في حين أجاب 28% من العرب السنة و 30% من العرب الشيعة و 21% من الأكراد إن المرشحين يلهثون وراء مصالحهم الخاصة . في المقابل يرى 4.4% من العرب السنة و6.1% من العرب الشيعة و6.3% من الأكراد المستطلعة آراءهم إن نتائج الإنتخابات معروفة سلفاً .
3 من سيفوز بالعدد الأكبر من المقاعد البرلمانية ؟
تشير الدراسة الإستشرافية إلى أن الخارطة السياسية الجديدة ستأخذ الشكل التالي :
• تحالف النصر ( حيدر العبادي ) : 78 مقعداً
• تحالف الفاتح ( هادي العامري ) : 37 مقعد اً
• تحالف سائرون ( التيار الصدري ) : 29 مقعد اً
• دولة القانون ( نوري المالكي ) : 19 مقعد اً
• التحالف الوطني ( إياد علاوي ) : 14 مقعداً
• تيار الحكمة ( عمار الحكيم ) : 5 مقاعد
• القرار ( أسامة النجيفي ) : 2 مقعد
• تحالف العربي ( خميس الخنجر ) : 2 مقعد
• الأكراد ( السلام ) : 21 مقعداً
• غوران ( برهم صالح ) : 8 مقاعد
• الجيل الجديد : 4 مقاعد
4 من هو رئيس الوزراء القادم ؟
ترسم الدراسة السيناريوهات المحتملة التالية , علماً بأن الدستود العراقي يوجب على كتلة رئيس الوزراء القادم الحصول على ثلثي عدد الأصوات البالغ عددها 329 مقعد داخل مجلس النواب :
التحالف الأول = 154 مقعداً ( ويضم النصر , الوطنية , القرار , سائرون , الحكمة , التحالف العربي , الجيل الجديد , كوران
التحالف الثاني = 77 مقعداً ( دولة القانون , الفاتح , السلام , الإتحاد الوطني الكردستاني )
5 . حيدر العبادي الأوفر حظاً
تشير أغلب المؤشرات وإستطلاعات الرأي إلى أن الدكتور حيدر العبادي هو الأوفر حظاً بالفوز بدورة إنتخابية ثانية – إسوةً بسلفه نوري المالكي ( 2006-2014 ) – لإكمال ماتم من إنجازات .
ويحظى العبادي بدعم إقليمي ودولي كبيرين .
ويحسب للدكتور العبادي إنجازه الأكبر في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي . وسينصب التوجه القادم لرئيس الحكومة على تنفيذ برنامج يأتي في سلم أولوياته « الحرب على الفساد « وهي المهمة التي أوكلت إلى « هيئة النزاهة « .
6 . النظام الإنتخابي :
يجمع العديد من المراقبين إلى حدوث تغير نوعي في التركيبة القادمة لمجلس النواب , مع حضور لافت للأحزاب المدنية , بعد ان سأم المواطن العراقي من « المحاصصة الطائفية « التي طبعت الإنتخابات الأربع السابقة . بيد أن إعتماد نظام إنتخابي هو نظام سانت ليغو المعدل سيصب لصالح الأحزاب الكبيرة والمتوسطة , يبقي الغلبة للاحزاب الكبيرة المعروفة : ( بموجب نظام سانت ليغو المعدل يتم تقسيم أصوات الناخبين على 1.7 للحصول على المقعد النيابي ويتم تقسيم الأصوات المتبقية على الأعداد 3 , 5 , 7 لحين الإنتهاء من توزيع الأصوات على المقاعد البالغ عددها 329 مقعداً ) .
7 التحالفات الجديدة :
تشارك في الإنتخابات القادمة قوائم وتحالفات جديدة غير معروفه سابقاً شعارها « المواطنة أولاً « .
وبرز على الساحة مؤخراً تنظيم يحظى بدعم رجل الدين مقتدى الصدر , هو « تحالف سائرون « الذي يضم خليطاً من الأحزاب والتيارات العلمانية منها :
الحزب الشيوعي ( بزعامة رائد فهمي)
التجمع الجمهوري ( بزعامة سعد عاصم الجنابي )
ورجل الأعمال مضر شوكت الذي يحظى بدعم مجلس رجال الأعمال العراقي في الأردن .
وقد إنضم لهذا التحالف مؤخراً مرشحين عن الحركة الملكية الدستورية .
ومن الأحزاب العلمانية التي تخوض الإنتخابات للمرة الأولى « التحالف المدني الديمقراطي « بزعامة السياسي المخضرم دكتور غسان العطية و تحالف تمدن بزعامة فايق الشيخ علي .

8 توزيع الرئاسات الثلاث :
يرجح البعض أن يعاد رسم هيكلة الرئاسات الثلاث في العراق , إذ سيعود بمقتضاه منصب رئيس الجمهورية الذي إحتله الزعماء الكرد سابقاً ( جلال الطالباني و فؤاد معصوم على التوالي ) إلى العرب السنة . الجدير بالذكر أن الشيخ غازي الياور من قبيلة شمر العربية شغل منصب أول رئيس للجمهورية في عراق مابعد 2003.
وتفيد الأنباء التي تسربت في الآونة الأخيرة إلى وجود صفقة سياسية يعين بموجبها الشريف على بن الحسين , راعي الحركة الملكية الدستورية , رئيساً للجمهورية . والشريف على هو سليل الدوحة الهاشمية والدته الاميرة بديعة كريمة الملك علي , آخر ملوك الحجاز وخاله الأمير عبد الاله الوصي على عرش العراق . وهو إبن خالة الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق .
ومن المرشحين لشغل المنصب الرئاسي مرشح الحزب الإسلامي الدكتور إياد السامرائي رئيس مجلس النواب الأسبق .
ومن التسريبات الأخرى للصفقة المذكورة منح المكون الكردي رئاسة البرلمان مع الإبقاء على منصب رئيس الوزراء حكراً للعرب الشيعة .
9 تشرذم الكيانات السياسية :
تسود حالة من التشرذم الكيانات السياسية العرقية والطائفية على حد سواء إذ تشظى المكون الشيعي ضمن مكونات 5 بعد أن كان يشارك في الإنتخابات السابقة ضمن قائمة الإئتلاف الوطني المظلة التي كانت تضم الأحزاب الشيعية الرئيسة في البلاد . كما شهدت الأحزاب الكردستانية التي تتنافس في مابينها بعد أن شاركت سابقاً تحت مظلة التحالف الوطني الكردستاني . وقد ظهر لاعب سياسي جديد في المشهد السياسي هو نائب رئيس الوزراء السابق د . برهم صالح الذي أسس تحالفاً جديداً لخوض الإنتخابات تحت مسمى إئتلاف العدالة والديمقراطية .
10 حجم المقترعين المتوقع :
ستوفر نسبة الإقتراع مؤشراً على رغبة العراقيين في التغيير , إذ بخلاف الإنتخابات التشريعية اللبنانية التي جرت يوم 6 أيار / مايس الحالي والتي لم يتجاوز نسبة المقترعين فيها 49.2% هناك حماس لدى العراقيين للمشاركة في الإنتخابات زرافات و فرادى إذ قد تتجاوز نسبة المقترعين عتبة الـ 60% حسب الكثير من المراقبين.
في المقابل , هناك عزوف كبير لدى جمهرة العراقيين , ماقد يجعل نسبة الإقتراع خجولة أسوةً بالإنتخابات اللبنانية .
ولحين إعلان المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات النتائج الرسمية المتوقعة خلال الـ 48 ساعة القادمة بعد غلق مراكز الإقتراع الساعة السادسة مساءً من يوم السبت الموافق 12 أيار مايس الجاري , سيحبس الجميع أنفاسه إنتظاراً بما ستؤول إليه نتائج الإنتخابات . فهل ستؤطر العملية الإنتخابية لتغيير حقيقي أم أن الجمود وإعادة الوجوه القديمة ذاتهاستكون سيدة الموقف .
الخلاصة والإستنتاجات .
يمكن القول إن التغييرات الرئسية في المشهد العراقي لازالت قيد التطور وإن كانت تسير نحو وجهة براغماتية .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة