نحو عراق جديد سبعون عاماً من البناء والإعمار

هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 56

مكاتب تخطيط المدن المستحدثة
بدأت المنافسة تشتد بين الاستشاريين على هذه الاعمال في سنة 2009 . وظهر عدد من المهندسين العائدين من الخارج وسجلوا بشكل أو آخر المكاتب الهندسية الاستشارية العائدة من الخارج .منهم من يدعى الابعاد السياسي ومنهم من يدعي التهجير القسري ومنهم من يدعي الهروب من البلد ، ولكن أقول إن معظمهم لم يمارسوا المهنة طيلة فترة غيابهم عن العراق ولكنهم أدعو ان حقوقهم كسياسيين مبعدين وهو ما اطلق عليه سياسيا مؤخرا ( الخدمة الجهادية) . أربكت المكاتب الاستشارية هذه الممارسات وموازنة كفاءاتها وخبرها بالمهنة . وأرى نفسي ملزما أن اسجل واقع الاعمال الاستشارية في كلمات قصيرة لبيان واقع تلك المكاتب في بغداد خلال تلك الفترة لفائدة المهندسين ومهنة الهندسة الاستشارية مستقبلا.
أسرني بكلمات قليلة الاستاذ خالد ولي ، وهو من المخططين الرئيسيين في دائرة التخطيط العمراني ، بان وزير البلديات في سنة 2011 طلب تقييم وضع المكاتب الاستشارية العراقية العاملة معهم في بغداد في تلك الفترة ، حيث قام بدراسة الواقع الموجود من الاستشاريين والمكاتب الاستشارية التي تعمل في مجال التخطيط العمراني .
وبعد بحث واقع المكاتب العاملة معهم على المشاريع اتضحت له حقيقة غير مريحة بينها الى وزير البلديات ، وهي أنه بعد التحقق من تواجد المكاتب في بغداد وخواص وخبرة المكاتب والمهندسين العاملين فيها واعطاء نقاط للمكاتب لتوضيح الواقع بأرقام ونسب ، اتضح له بأن أفضل مكتب في بغداد هو مكتبنا « مكتب دار العمارة « وحصل على درجة 65% حيث انه المكتب الوحيد الذي له تواجد في بغداد وعنوان ولديه مهندسون ذوو اختصاص وله شركاء اوربيون ويعمل كمكتب هندسي استشاري بموجب متطلبات المهنة . ومن الغريب ان جميع المكاتب الاخرى تعمل من بغداد عن طريق تواجد صوري ولم تحصل على درجة تؤهلها للمنافسة ، وان كان لها عنوان وشقة ، إلا انها ليس لديها من المهندسين والكوادر المتخصصة العاملة وتعتمد في عملها على مهندس أو اثنين يحضروان الى بغداد عند الحاجة و يعملان بالتشاور مع شركائهم الاوربيين الذين لا تسمح حكوماتهم لهم بالوصول الى العراق بسبب الظروف الأمنية .
كما اتضح ان اصحاب تلك المكاتب هم من المهندسين الذين تركو العراق لأسباب منها سياسية أو اقتصادية وانشغلوا بأعمال لا علاقة لها بالهندسة او اختصاصاتهم ولم يكتسبوا خبرة بالعمل الذي يقومون به حاليا ؛ فالبعض عمل في بيع وتجارة الادوات الاحتياطية للسيارات والآخر اشتغل كصاحب مطعم وتجارة الأغذية والثالث عمل في تأجير العقارات ، إلا أنهم إدعوا أنهم من المضطهدين السياسيين من النظام السابق وعادو الى الوطن للعمل مدعين ان بعدهم عن العراق خلال فترة النظام السابق تؤهلهم من المنافسة والاشتراك في المناقصات . لم تشفع الكثير من حجج البعض من هؤلاء لإكمال المشاريع التخطيطية مما ادى الى فشل وعدم اكمال المهام التعاقدية لبعض المشاريع مما أحرج الدائرة والمكتب الصوري .
وكخلاصة عن هذه الممارسات لم يقدم أي من المهندسين الذين عادو الى العراق بعد اضطهادهم من قبل النظام السابق على تأسيس مكتب له مسخرا خبراته المكتسبة من نتيجة ممارسة عمله في اوربا أو امريكا ، بل اتضح ان جذور البعض منهم انتقلت من العراق الى بلدان اخرى وان زياراتهم الى بلدهم الأصيل هي زيارات مجاملة ومنفعة ، والبعض الآخر انخرط في بحر السياسة وانجرف الى الفائدة الشخصية عبر اساليب لم تنفع المجتمع العراقي . وتبقى رغبتي من اولئك المهندسين ان يعرفوا ان العمل الاستشاري في العراق وبالأخص في وقت النظام السابق تطلب تضحية كبيرة في الصمود امام النظام وصبراً ومقاومة التيارات المشاكسة للمهنة بالإضافة الى الخبرة في المهنة و بواقع وظروف العراق . أخيرا أود أن أذكر بسياسات الحكم في المراحل الأخيرة من سبعينات القرن العشرين وتعرض العديد من شخصيات المكاتب الاستشارية الى عقوبات السجن المؤبد والاعدام وغلق المكاتب.
وللتأريخ اسجل هنا ما تعرضت له بعض المكاتب الاستشارية بسبب المتغيرات الحادة وتعديل القوانين والانظمة من ناحية ومن ناحية اخرى وقوف المكتب المهني لحزب البعث مواقف سلبية تجاه بعض المكاتب لأسباب غير مهنية , فقد حكم على د. عبدالكريم العلي من مكتب المخازن بحكم الاعدام وحكم بالسجن المؤبد على رفعه الجادرجي من مكتب الاستشاري العراقي وحكم علي هشام منير بالسجن المؤبد مرتين وهو مدير مكتب هشام منير ومشاركوه وتعرض مكتب دار العمارة الى غلق المكتب سنة 1979 لمدة سنتين وحجز مؤسسة قحطان المدفعي وهشام المدفعي لمدة ستة اشهر وبعدها تعرض هشام المدفعي لحكم الاعدام كما بينت سابقا وغلق مكتب مهدي الحسيني ومنعه من ممارسة المهنة

مشروع مسودة قانون التخطيط العمراني

عمل طيلة سنة 2007 الاستاذ المهندس علي نوري ولمدة سنة على اكمال متطلبات المشروع وبالتشاور معي والآخرين , أكمل متطلبات المشروع . كم أتمنى أن يتم اقرار هذا المشروع لتنظيم عمليات التخطيط العمراني على مستوى العراق وعلى غرار ما يجري في الدول المتطورة .

توزع الارض في العراق من قبل لجان خاصة الى الوزارات ومشاريعها بشكل

غير مدروس تماما ومحرمات الخدمات كالطرق وخطوط نقل الطاقة وخطوط نقل النفط من قبل الوزارات تحجب عن الاستعمال مساحات واسعة من الأرض . واذا ما علمنا ان الأراضي المخصصة لحقول النفط والأراضي المخصصة للمشاريع الزراعية تغطي نسبة كبيرة من أراضي العراق لأدركنا أهمية وضع خطط محكمة لاستعمال واستغلال الأرض على المديات القريبة والبعيدة من الزمن . في مسودة القانون المقترحة من قبلنا وفي ضوء خبرات بعض دول العالم وتجاربنا في العراق أبرزنا الأهمية القصوى لاستعمالات الأرض واقترحنا مناهج وخطوات رصينة للتصرف بحكمة واتزان في عمليات تخصيص واستعمال الأرض.
وعند العودة الى المراحل الأخيرة من نشاطات مشروع « مسودة قانون التخطيط العمراني « و لعرض المقترحات النهائية لمسودة القانون في ندوة علمية على ذوي الاختصاص ، بعد أن قمنا بالكثيرمن جمع المعلومات والدراسات الاحصائية من العديد من المحافظات حول تهيئة المسودة وبعد استعراض ودراسة جميع القوانين الخاصة بعمليات البناء والتخطيط ومنها نظام الطرق والابنية الصادر سنة 1936 ، وكذلك قرارات مجلس قيادة الثورة لغاية 2003 و القيام بزيارة عدد من الدول لدراسة ما وضع من قبلها
من قوانين ، تقرر عقد اجتماع دعي اليه العديد من الجهات المختصة من خبراء القانون في التخطيط والمختصين في مواضيع تخطيط المدن .
تمت تهيئة وحجز القاعة المناسبة في فندق المنصور القيت فيها كلمات الافتتاح من قبل المديرية العامة للتخطيط العمراني ومكتبنا دار العمارة الذي مثلة مدير المشروع الاستاذ علي نوري الذي قام بإنجاز مسودة القانون مع المحامي فاضل القاضي . وقبل انتهاء فترة الاستراحة بدقائق حدث انفجار هائل في الطابق الاسفل من قاعة الاجتماع ، هز هذا الانفجار كل ارجاء الفندق وتبعثرت الاثاث في قاعات عديدة وهرع نزلاء الفندق الى مغادرته واحتمى بعض الحضور تحت كراسي القاعة وأثاثها بعد سقوط السقف الثانوي للقاعة كما هرب الآخرون من الفتحة المخصصة للخروج . وبذا انتهى الاجتماع دون الوصول الى النتائج المطلوبة بسبب الارهاب . الحمد لله لم يصب أي من حضور مؤتمرنا بأضرار عدا ما أصابهم من هلع وخيبة أمل بسبب الارهاب .
لم يكن مؤتمرنا هو المقصود بالتفجير الارهابي ، بل مؤتمر عشائر الانبار الذي تم عقده في نفس الوقت في الطابق الأسفل من قاعتنا . ذهب البعض من شيوخ العشائر وأفرادها ضحية هذا الانفجار. إلا أن متابعاتنا لإكمال المشروع استمرت وعقدت ندوات اخرى لمناقشة نتائج عملنا ومواد مسودة القانون الى أن تم إقرارها وصدور لائحة بإنجاز الأعمال .
وان أنجزنا مسودة القانون وارسلت مسودة منه الى وزارة البلديات ، الا أن وزير البلديات علق وقال انه يفضل أن يصدر هذا الموضوع بنظام من الوزارة عوضاً عن ارساله الى البرلمان لإقراره ، وعلق قائلا أن «البرلمان هو قبر للقوانين» . أنا أعتقد اننا قد أنجزنا قانوناً متطوراً يحقق متطلبات دولة حديثة ، الا ان التجارب التي مررنا بها منذ 2003 تبين أنه لا يوجد تفهم او اتجاه لتطوير وتحديث العراق الجديد ولربما يبقى طويلا بهذا الشكل مع الاسف.
بانتهاء سنة 2008 أكملنا بنجاح مشاريع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة والخطة الهيكلية لمحافظة المثنى ومشروع مسودة قانون التخطيط العمراني الجديد ، وأنا سعيد بتلك الانجازات . انتقلنا الى بغداد بعد العمل في عمان لفترة سنتين تحت اسم «شركة الصولجان للأسكان» واستقرت أعمالنا في مكتب بغداد وكلنا أمل في أن تتجه الأعمال الى إعمار العراق لبناء العراق الجديد الذي كنا نطمح ولا نزال أن تتجه الية القوى السياسية في البلد ، إلا أن إزدياد نشاطات العناصر الارهابية في العراق بصورة عامة والخلافات المتزايدة بين الكتل السياسية في البلد كونت ضبابية حول نشاطات إعمار العراق .
كنت أنا وكذلك العديد من زملائي المهندسين نطمح أن تأخذ مجالات إعمار العراق مأخذا متطورا بمساعدة الخبراء الأمريكان الذين وعدت الحكومة الأمريكية من واشنطن أو من السياسيين الأمريكان المتواجدين في العراق ، يضاف اليها ما يصرح به السياسيون الامريكان بين فترة واخرى من تصريحات بأن الولايات المتحدية تعمل على أن يتطور العراق ليكون البلد الديمقراطي المتطور النموذجي بالمنطقة .

انتقال دار العمارة بعد جريمة الداوودي

انتقلنا من مكتب عمان ( شركة الصولجان – للإنشاءات ) في أول 2009 واستقرت أعمالنا في مكتب الداوودي سمعنا حيث اطلاقات كثيفة في مقدمة شارع المكتب قرب الجمعية التعاونية على تقاطع الطريق مع سكة الحديد في الداوودي ، وبعد انتشار الخبر بفترة قصيرة علمنا ان بعض المليشيات قد دخلت عنوة في صباح اليوم الى مكتب هندسي لتقديم خدمات هندسية كهربائية وطلبت من الجميع ، وكانوا ( 11 ) مهندساً وفنياً ، وبعد أن جمعوا ما موجود لدى المكتب من وثائق واموال وكومبيوترات ، طلب الارهابيون من الجميع الخروج الى الحديقة الأمامية والاصطفاف مواجهين الجدار الامامي للمكتب ، وفتحت عليهم نيران الاسلحة الفتاكة وقتل الجميع . اذيع الخبر في الأخبار المحلية مساء ولكن لم نعرف نتيجة التحقيق وسبب الجريمة هذه .
ارتعب مهندسونا جميعا في ذلك اليوم … اعطيت الأمر بإيقاف الدوام والعودة الى منازلهم ذلك اليوم .. وفي اليوم التالي طلب مني معظم المهندسين ، ان افكر في نقل المكتب من الداوودي لخطورة هذا الحي بسبب احداث الطائفية ، علمنا ان سيارات المليشيات كانت قبل اشهر من ذلك الحادث قد تنقلت في حي الداوودي طالبة عبر الميكروفونات من العوائل العائدة الى الطائفة الأخرى ان تنتقل خلال فترة محددة وبخلافه تتعرض الى التصفية .وعلى اثر ذلك وافقت ان ننتقل الى منطقة المنصور في دار تعود الى ابنتي غادة وبالقرب من سكني أنا ، على اعتبار ان هذه المنطقة آمنه بسب تواجد عدد من السفارات وحماياتها في حي المنصور ، وفي دار ذي طابقين يكفي لنشاطات المكتب . وبالفعل تم انتقال الجميع واتخذنا من الموقع مقرا لعملنا لحد هذا التاريخ .

هل أستمر أم اتوقف في عملي الاستشاري؟

بعد اكمال مشروع القانون بنجاح ، ومشاريع الموصل القديمة وهيكلية المثنى ، أثر علي التعب كثيرا وقررت مع نفسي أن أضع حدا لأعمالي وقد بلغت من العمر الثمانين . إلا أن رغبتي تزداد في العمل عندما أتمتع بصحة تامة وأتلذذ بالحياة ، كما أعرض عن ذلك و أرغب في ترك العمل عندما أمرض واقول كفى .
لكن الرغبة مستمرة وهذا النوع من العمل يحقق رغبتي في تطوير العراق ، ترددت في الاستمرار في عملي بالمكتب أكثر مما انا فيه ولا أزال أعمل زهاء ثماني ساعات يوميا وفترات استراحتي محدودة بسبب ضرورة توجيه من يعمل معي ، وكنت في حيرة من أمري ، هل أعمل على غلق مكتبي واسرح العاملين فيه بالوقت الذي أدعو فيه الى إعمار العراق والمساهمة البسيطة عن طريق مكتبي وهو المكتب العراقي في بغداد والوحيد الذي استمر على منهجه في الأعمال الاستشارية منذ خمسينات القرن العشرين ؟ أم افتش عن شريك يؤازرني في أعمالي ويتسلم مهام مكتب دار العمارة معي وبعدي ? المكتب الذي نفتخر به والذي أسسه اخي قحطان و تدرب وعمل فيه طيله خمسين سنة الماضية العديد من المهندسين والاساتذة الذين اصبحوا عماد المهنة الهندسية بالعراق .
لم ألق من في الهندسة المدنية من المهندسين ذوي الخبرة الذين يمكن ان يشاركوني في هذا الاتجاه . اما اولادي ,المهندسة المعمارية غادة فأبعدتها عن العراق الظروف الامنية وفراغ العراق من زملائها المعماريين والظروف المعيشية التي تمر بها , واما ابني كميت فهو يرغب بسبب ظروفه العائلية ان يدير دار العمارة من خارج العراق بسبب ظروفه العائلية وهو امر غير عملي. كل زملائي من دورتي في كلية الهندسة لاوجود لهم حاليا وهم أما خارج العراق أو يكونون قد أدوا واجبهم وودعوا هذه الحياة . أما من الآخرين فمعظم المهندسين وأساتذه الجامعة ذوي الخبرة والاهتمام بهذا الموضوع هم خارج العراق ولا رغبة لديهم في العودة حاليا . لذا قررت مفاتحة الاستاذ علي نوري وهو من اساتذة تخطيط المدن وأثبت جدارة في إكمال مسودة قانون التخطيط العمراني وله ممارسات عديدة في العالم العربي والعراق . وافق على أن نعمل سوية.

التوجه الى الاستشاريين الانجليز

بعد عمل سنوات مع شركائنا الايطاليين في عدد من المشاريع في العراق ومواجهة صعوبات العمل سوية ، وان كان شركاؤنا يتميزون بالعديد من المواضيع ، والتعامل المهني والعلمي الاستشاري معهم أمر جيد ومتميز أحيانا في بعض الجوانب ، إلا ان موضوع اللغة الانجليزية كانت دائما العقبة الرئيسية التي تقف بيننا في درجة تفاهم الآخر . الخبراء متعددون والاختصاصات المطلوبة في أعمالنا عديدة لا يمكن توفيرها في نفس المكتب دائما ، مما يتطلب اشراك آخرين من ذوي الاختصاص . حدث الكثير من الصعوبات اللغوية وبالأخص في السنوات الاولى من التعاون بين مكاتبنا ، مما أدى الى وجود صعوبة كبيرة لدى المترجمين أو خبرائنا العراقيين في ترجمة النصوص الانجليزية الى اللغة العربية ، وما صاحب ذلك من تأخير في تسليم أعمال المشروع أو عدم وضوح الهدف من الترجمة . في حالة مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة كان على أن اترجم الكثير من النصوص شخصيا لسببين أولهما إني قد تعرفت على المطلوب كتابته والتعبير عنه من لقاءاتي الشخصية مع الخبراء المعنيين بسبب متابعاتي لأعمال المشروع وما هو المقصود من الكتابة لأن بعض الخبراء يكتب الانجليزية بتعابير ايطالية يصعب فهمها ، والثاني لا يمكن لأي مترجم أن يترجم النص كاملا مالم يتفهم المقصود من التعابير ..لقد ذهب البعض الى أن يستعمل الحاسوب في الترجمة عن طريق ال» كوكل» ، إلا أن تلك الترجمات الالكترونية لا توصلنا الى الهدف أبدا. أتعبني هذا العمل الى درجة كبيرة . ومن كل هذا ذهب تفكيري الى اعتماد شركاء «انجليز» معنا في العمل على مشاريع تخطيط المدن في العراق وذلك لسببين أولهما وضوح اللغة الانجليزية لديهم والثاني أن الانجليز اكثر الأقوام معرفة بالعراق بسبب بقائهم في العراق لفترات طويلة منذ الحرب العالمية الاولى.
زرت لندن بهدف التعرف على استشاريين يتعاونون معنا في العراق . وعن طريق الاصدقاء تعرفت على إحدى الشركات الكبيرة التي بينت اهتمامها بالتعاون معنا في مشروع « الخطة الهيكلية لمحافظة صلاح الدين» . كم سررت لهذا الاتفاق مع الشركة العالمية البريطانية / الامريكية « آيكوم – Aecom « الذي تم بتوقيع عقد تعاون لإكمال هذا المشروع .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة